مصارف تونس... اختبار أمام التحديات الاقتصادية لـ"كورونا"

21 مارس 2020
مطالبة بتأجيل القروض المصرفية (Getty)
+ الخط -
يضع فيروس كورونا القطاع المصرفي في تونس في مواجهة أكبر اختبار لقدرة القطاع على حماية الاقتصاد المحلي من الانهيار.

ويراقب المحللون الآليات التي ستتبعها المصارف للمساهمة في حماية المؤسسات والشركات المقبلة على صعوبات كبيرة وسط تأثير الفيروس على نشاطها. ويطالب الفاعلون الاقتصاديون بأن يتحمّل القطاع المصرفي مسؤولية المحافظة على النسيج الإنتاجي في البلاد بتوفير كل إمكانيات التمويل وجدولة ديون القطاعات المشرفة على الإفلاس. 

ويعتبر تونسيون أن القطاع المالي كان المستفيد الأكبر من الأزمة التي تتخبط فيها البلاد منذ الثورة بتحقيق أرباح مهمة عبر القروض التي يقدمها للدولة بنسب فائدة عالية وزيادة العمولات على الخدمات المقدمة للعملاء.

ويطالب تونسيون المصارف والمؤسسات المالية بإرجاء سداد أقساط القروض على جميع المقترضين من مؤسسات وأشخاص طبيعيين، واستغلال فائض أرباح المصارف في تخفيف الأعباء المالية على العملاء إلى حين انقضاء الأزمة.

والأربعاء، قال البنك المركزي التونسي إنه سيسمح للشركات بتأجيل سداد قروض لمدة ستة أشهر لمواجهة الآثار الناتجة عن تفشي فيروس كورونا، بداية من شهر مارس/ آذار إلى شهر سبتمبر/ أيلول 2020. وخفض البنك المركزي، يوم الثلاثاء، سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 100 نقطة أساس إلى 6.75%، وهو أول خفض منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015 بينما يواجه الاقتصاد خطر الركود.

وقال البنك المركزي إن قرار السماح للشركات بتأجيل سداد القروض يهدف إلى الحفاظ على الاقتصاد وحماية الوظائف. وأضاف أن الشركات المنتفعة من التأجيل سيُسمح لها أيضا بالحصول على قروض جديدة. كذلك طلب المركزي من المصارف إعفاء العملاء من عمولات خدمات السحب من الصرافات الآلية لتخفيف الضغط على المصارف وتفادي الاكتظاظ في مقراتها.

وقال الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري إن الاتحاد تقدم بحزمة من المطالب للبنك المركزي وللجامعة المهنية للمصارف والمؤسسات المالية، لصالح الأجراء والمؤسسات، معتبرا أن الوقت قد حان ليقوم الجهاز المالي بدوره في منع الاقتصاد من التهاوي. وأضاف الطاهري في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "عندما واجهت المؤسسات المصرفية الحكومية المصاعب، ضخت الدولة ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب لحمايتها من الإفلاس".

واعتبر أن الوقت قد حان لتلعب المصارف دورا إيجابيا وتتحمل مسؤولياتها إزاء الدولة والأجراء، مؤكداً أن المصارف لم تقم خلال السنوات الماضية بدور كاف في تمويل الاستثمار. وأفاد بأن المصارف ساهمت في إثقال كاهل البلاد عبر أرباح كبيرة حققتها من إقراض الدولة.

ودعا الطاهري المصارف إلى تأجيل مطالبة الأجراء بدفع الديون ومن دون فرض الغرامات.
ورأى الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف أن القرارات التي اتخذها البنك المركزي من شأنها أن تساهم في تخفيف الضغط على كل المقترضين من مؤسسات وأفراد بعد خفض نسبة الفائدة، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي مطالب في الآن ذاته بالمحافظة على نسبة سيولة مهمة لمواجهة الأزمة التي قد تمتد لأشهر. ورجّح، بحسب تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن تتخذ المؤسسات المصرفية حزمة إجراءات لمواجهة الأزمة وإنقاذ الاقتصاد من الانهيار، بالتوازي مع تطوّر الوضع الوبائي في البلاد.

وحققت المصارف المدرجـة بالبورصة التونسية عام 2019 زيادة في ناتجها الصافي راوحت بين 2% و26% مقارنة بعام 2018. ومن بين 11 مصرفاً مدرجاً في البورصة، حققت 10 مصارف أرباحاً مهمة، بما في ذلك المصارف الحكومية الثلاثة، التي زادت نتائجها الصافية بنسب تراوح بين 26% بالنسبة للشركة التونسية للمصرف و18% للمصرف الفلاحي و7% لمصرف الإسكان.

وتعد الدولة العميل الأول للمصارف المحلية التي توفر قروضاً للحكومة في إطار أذون الخزينة التي تطرحها بمعدل نسبة فائدة تقدر بـ7%. وبداية فبراير/ شباط الماضي، أعلنت وزارة المالية التونسية اقتراضها مبلغ 455 مليون يورو (504 ملايين دولار)، من مصارف محلية لدعم ميزانية الدولة، فيما تسعى الحكومة لتدبير تمويل بقيمة 4.3 مليارات دولار خلال 2020.

وفي آب/ أغسطس 2015 أقر برلمان تونس قانوناً لرسملة المصارف العمومية، واستقرت عملية ضخ السيولة في المصارف العمومية الثلاثة في حدود 900 مليون دينار تونسي، أي نحو 315 مليون دولار، في محاولة لإنقاذها وإعادتها إلى سالف نشاطها ومساهماتها في تمويل الاقتصاد التونسي.
المساهمون