أطلقت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أمس الخميس بنجاح باتجاه المريخ الروبوت الجوال "برسفيرنس" المصمم لاكتشاف آثار لجراثيم قديمة كان يعج بها الكوكب الأحمر على الأرجح قبل ثلاثة مليارات سنة، ويفترض أن يصل إلى وجهته في شباط/فبراير 2021.
ويحمل المسبار معه أيضا مروحية صغيرة ستحاول إنجاز أول تحليق جوي على كوكب آخر. ومساء أمس، أعلنت الوكالة أن المركبة الفضائية "مارس 2020" التي تحمل المسبار الجديد تواجه صعوبات تقنية وتسير باستعمال الأنظمة الأساسية فقط. وقالت إن "المعطيات تشير إلى دخول المركبة الفضائية في حالة تُعرف بالوضع الآمن، ويرجح أن ذلك تم لأن جزءا من المركبة أبرد قليلاً من المتوقع بينما كانت مارس 2020 في ظل الأرض". وأضافت "حالياً، تكمل مهمة مارس 2020 تقييما شاملاً لسلامة المركبة الفضائية (...) لإكمال رحلتها نحو المريخ".
وأقلع صاروخ "أطلس 5" من إنتاج "يونايتد لونش ألايانس" كما كان مقرراً عند الساعة 07,50 (11,50 ت غ) من كاب كانافيرال في فلوريدا. وقد انفصلت الطبقة الأولى من الصاروخ بعد دقائق على الإقلاع قبل أن يدفع المسبار "برسفيرنس" إلى مساره باتجاه المريخ.
And so, the journey begins…
— NASA (@NASA) July 30, 2020
With today’s launch of @NASAPersevere, we begin another historic mission of exploration. Our #CountdownToMars continues with Perseverance landing on the Martian surface on Feb. 18, 2021. More: https://t.co/Qv6xcL9anF pic.twitter.com/GwfW9xwFsw
وقال رئيس الناسا جيم برانستاين، إن المسبار "أرسل لنا للتو أول إشارة في اتجاه الأرض، الصاروخ في وضع جيّد وفي طريقه إلى المريخ". وفي حال وصول المركبة من دون أضرار في 18 شباط/فبراير 2021 ستكون الخامسة التي تنجح في هذه الرحلة منذ العام 1997.
وكل هذه المسابر أميركية لكن الصين أطلقت أول مركبة لها إلى المريخ الأسبوع الفائت ويتوقع أن تحط في أيار/مايو 2021. وقد تكون ثلاث مركبات جوالة موجودة على سطح المريخ السنة المقبلة مع المسبار الأميركي "كوريوسيتي" الذي قطع مسافة 23 كيلومترا على سطح الكوكب الأحمر منذ العام 2012.
بني الروبوت الجديد في مختبرات "جيت بروبالشن لابوراتري" الشهيرة التابعة للناسا في باسادينا بولاية كاليفورنيا وهو نسخة محسنة عن "كوريوسيتي". فهو يتمتع بست عجلات أكثر متانة وبسرعة أكبر وذكاء محسن وبخاصية القيادة الذاتية مسافة 200 متر يوميا. ويبلغ طوله ثلاثة أمتار ووزنه طنا وهو مزوّد 19 كاميرا وجهازي مايكروفون قد يسجلان أصواتا مريخية للمرة الأولى. وهو مجهز بذراع آلية طولها متران. ويشحن بطارياته مولد يعمل بالبلوتونيوم.
وأشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن الإنجاز يحمل "خبرات فرنسية، على غرار عين المسبار"، مشيداً بفتح "صفحة جديدة في غزو الفضاء".
Le Rover Perseverance est en route pour Mars. Il emporte avec lui un concentré de savoir-faire français, comme l’œil du Rover ! Une nouvelle page de la conquête spatiale s'ouvre. Je suis fier de voir la France y participer. Bravo à la @NASA, au @CNES et au @CNRS. #CountdownToMars pic.twitter.com/cnVPcNzA6F
— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) July 30, 2020
ستتولى هذه "العين" عمليات "دراسة كيمياء ومعادن الصخور والأتربة في المريخ، وكذلك تركيبة غلافه الجوي"، وفق ما أفاد "المركز الوطني للبحث العلمي" الفرنسي الذي شبّه الأداة بـ"السكين السويسرية للعلماء".
وبعد وصول المركبة إلى المريخ ستحاول الناسا تشغيل المروحية "إنجينويتي" البالغ وزنها 1,8 كيلوغرام لتحلق في جو المريخ قليل الكثافة. وتهتم الناسا باستكشاف الكواكب جوا لأن المركبات الجوالة تقطع عشرات الكيلومترات فقط خلال مدة تشغيلها وتواجه صعوبات مع كثبان الرمل والتضاريس الأخرى مع أن "برسفيرنس" قادر على "تسلق" عوائق ارتفاعها 40 سنتمترا.
ويوجد هدف آخر هو تجهيز مهام بشرية مستقبلية، عبر تجريب إنتاج الأكسيجين على عين المكان، باستعمال ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للمريخ. وتستعمل الأداة المسماة "موكسي" في ذلك عبر عملية تسمى التحليل الكهربائي.
Did you know @NASAPersevere and the first @NASAMars helicopter were both named by students?
— NASA (@NASA) July 30, 2020
Perseverance and Ingenuity represent qualities that humans need to explore space. Meet the students behind their names: https://t.co/an6IOAry97 #CountdownToMars pic.twitter.com/3bHOHxufZH
تتمثل مهمة "برسفيرنس" الرئيسية في البحث عن آثار حياة سابقة على المريخ لكن العلماء يعتبرون أن لديهم أدلة جدية على أن هذا الكوكب كان قبل ثلاثة مليارات سنة أكثر دفئا وتجري فيه الكثير من الأنهر والبحيرات وهي مكونات أدت على الأرض أقله، إلى وجود جراثيم. لكن الكوكب الأحمر استحال بعد ذلك باردا وجافا لسبب لا يزال علماء الكواكب يجهلونه.
وسيتولى "برسفيرنس" في سابقة أيضا، أخذ حوالى ثلاثين عينة من صخور المريخ ويضعها في أنابيب ستعيدها مهمة أميركية أوروبية مقبلة إلى الأرض في 2031 على أقرب تقدير. وقال توماس زوربوكن كبير علماء الناسا، إن التوصل إلى دليل قاطع على وجود حياة في الماضي على المريخ لن يتم على الأرجح قبل تحليل هذه العينات في العقد المقبل. وأوضح العالم المشارك في المشروع من جامعة كالتك كين فارلي "نحن نبحث على الأرجح عن شكل بدائي جدا للحياة لا عن أشكال متطورة مثل عظام أو متحجرات نبات".
وقررت الناسا الهبوط في فوهة جيزيرو التي تعود إلى 3,8 مليارات سنة وبالتحديد في مكان يشبه كثيرا دلتا قديمة. وتتشكل الدلتا من رواسب الأنهر. وقالت تانيا بوساك من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (أم آي تي) والعضو في فريق المهمة العلمي "الدلتا مكان رائع لحفظ مواد عضوية". وخلافا للأرض لا تتجدد قشرة المريخ جراء تحرك الطبقات التكتونية. فعلى الأرض من الصعب جدا إيجاد أراض لم تشهد تغييرات منذ ثلاثة مليارات سنة. وقالت لوري غلايز مديرة برامج استكشاف الكواكب في الناسا "يحتفظ سطح المريخ بجيولوجيا معقدة ومتنوعة". وتاريخ المريخ محفور على سطحه. ويشارك أكثر من 350 متخصصا في علم الجيولوجيا والجيولوجيا الكيميائية والأحياء الفلكية وفي الغلاف الجوي وعلماء آخرون، في المهمة التي تستمر سنتين على الأقل ويرجح أن تدوم أكثر من ذلك بكثير بحسب تجارب المسابر الأخرى.
(فرانس برس)