وأكد صوان في حوار مع "العربي الجديد"، أن الجنرال المتقاعد خليفة حفتر غير قادر على إفشال أي حل سياسي يمكن أن يتوصل إليه الليبيون، معرباً عن أمله في دور إيجابي لمصر، التي تدعم خليفة حفتر عسكرياً، وما يلي نص الحوار:
هل ترون في المفاوضات التي جرت في برلين الفرصة الأخيرة أمام الليبيين للتوصل إلى اتفاق؟
ما حدث في برلين ليس تفاوضاً بقدر ما هو لقاء لتشجيع الأطراف على المضي قدماً في توقيع اتفاقية، وتوضيح أن الأزمة تحتاج إلى حل سريع، بحكم التهديدات الأمنية والانقسام السياسي الحاصل. وأظن أن العودة للتفاوض ستكون في الصخيرات، بالمغرب. وكان المقصود من لقاء برلين حضور الدول الكبرى لإعطاء دفعة قوية باتجاه نجاح الحوار وقبول الأطراف للحلول المقترحة.
هل لديكم معطيات تبرر تفاؤلكم بقرب التوصل إلى اتفاق بعد لقاء برلين؟
قلنا إن المسودة التي طرحت من المبعوث الأممي (برناردينو ليون) تعتبر أساساً يمكن البناء عليه. صحيح أن هناك بعض الملاحظات التي تحتاج إلى تعديل وضبط، ولكن ثمة إشارات أولية من الأطراف الداعمة، بتأييد المسودة، رغم أن المؤتمر الوطني العام لم يقل رأيه واضحاً فيها، لكن الأطراف الداعمة للمجلس الوطني وبرلمان طبرق أعطت إشارات إيجابية، أن هذه المسودة مقبولة ويمكن البناء عليها.
اقرأ أيضاً: تعديل مسودة ليون يمهّد لاتفاق ليبي
لماذا رفض وفد برلمان طبرق الانسحاب، بناء على طلب البرلمان المنحل، وشارك في لقاء برلين؟
هناك أكثر من تفسير؛ فمن المحتمل أن يكون هناك تواصل غير معلن معهم من قبل البرلمان المنحل للحضور، وربما ضغوط جهات معينة على مجلس النواب في طبرق، أو لعدم قناعة الممثلين بقرار البرلمان؛ إذ لا يمكن أن يقدموا على مثل هذه الخطوة، إلا اذا كان هناك أعضاء في البرلمان يدعمونهم في هذا القرار. وفي المحصلة، ما حدث يدل على انقسام البرلمان حول قرار عدم المشاركة، ويبدو أنه اتخذ بسرعة، ولم يكن مدروساً ولم يعبر عن إرادة البرلمان في طبرق بالكامل.
ما هي أبرز النقاط الخلافية التي تمنع التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المتنازعة؟
الأطراف الرئيسية، واقصد المؤتمر الوطني والبرلمان في طبرق؛ الأول خرج برأي أن تتم دراسة المسودة التي قدمها المبعوث الدولي، ما يعني أنه يرى فيها أشياء إيجابية. أما في الثاني، من الواضح أن هناك انقسام حول مسودة ليون؛ فهناك تصريحات إيجابية من بعض الأعضاء، في حين صدر إعلان عن البرلمان بتعليق مشاركته بالحوار، ثم شارك في جلسات برلين، مما يدل على أنه لم يتخذ موقفا موحدا من المسودة.
هل إن الليبيين ذاهبون إلى اتفاق بعد لقاء برلين؟
لدينا أمل كبير في أن العقبات الأساسية تم تجاوزها، لأن المسودة وضعت بعض الحلول التي تدفع بحل توافقي، وتُبقي على البرلمان كجسم تشريعي وبهذا نكون احترمنا الفائز بالانتخابات، وتُبقي على وجود المؤتمر الوطني تحت مسمى المجلس الأعلى للدولة وتُعطيه صلاحيات، وهذا يُوجد نوعاً من الثقة.
ما هي رؤيتكم للحل في حزب "العدالة والبناء"؟
نحن أبدينا رأينا في المسودة وقلنا إنها إيجابية، وتضع أساسا لإيجاد حل، وقدمنا بعض الملاحظات الأساسية عليها ومن أهمها، التوفيق بين حكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا بحل البرلمان من جهة، ونتائج الانتخابات من جهة ثانية، وهذا لا يحصل الا من خلال إيجاد حل توافقي. وفي الوقت نفسه تعديل الإعلان الدستوري بمعية الطرفين؛ المؤتمر الوطني والبرلمان، بحيث نضمن تحصين الحل السياسي وعدم الدخول في إشكالات قانونية مستقبلاً. وأبلغنا هذه الملاحظات للمبعوث الدولي، ونحن بأمس الحاجة إلى تشكيل حكومة وطنية لتوحيد الجهود تجاه مكافحة الإرهاب. ونعتقد أن المجتمع الليبي يدفع بهذا الاتجاه.
الحرب في ليبيا بدأت تمر بمرحلة الانكفاء التدريجي، وعدم اقتناع المتقاتلين بجدواها، وبالتالي، فإن الأرضية مناسبة لإيجاد حل سياسي، وتفرغ الجميع لبناء الدولة ومواجهة الإرهاب.
اقرأ أيضاً ليون: الجميع في ليبيا أصبح يكره القتال
هل ترون أن الأطراف الإقليمية المؤثرة في الأزمة الليبية ستسمح بتوصل الأطراف الليبية إلى اتفاق؟
نتمنى أن يكون لمصر دور إيجابي في ليبيا. هناك أطراف كان دورها إيجابياً مثل تونس والجزائر والسودان وقطر، والعديد من الدول رفضت تسليح أي من طرفي النزاع، ورفضت التدخل الخارجي. واستقرار الأوضاع في ليبيا سيكون له نتائج إيجابية على دول المنطقة. ودعم مصر لحفتر واضح وغير سرّي، وحفتر فشل في كل شيء إلا بتدمير بنغازي، لذا نتمنى من مصر أن تعيد ترتيب أولوياتها، وأن تدرك جيدا بأن مصلحتها في استقرار ليبيا؛ فمصر امتداد طبيعي لليبيا وهي متنفس للعمالة والاقتصاد، ونتمنى أن تراعي مصر هذا الجانب .
ما رأيكم بتمدد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). هناك من يقول إن التنظيم بات يسيطر على نحو 200 كيلومتر من ساحل المتوسط؟
لا أقول إن هذا الكلام غير صحيح ولكنه غير دقيق؛ فمن يوجد في ليبيا منذ فترة قليلة هم العشرات من تنظيم "داعش"، لكن للأسف ما قام به حفتر من تدمير للعملية السياسية والانقلاب عليها أربك المشهد، وتسبب في هشاشة في الحالة الأمنية، وأصبحت المنطقة الشرقية ممثلة ببنغازي والجزء الشرقي من البلاد مفصولاً عن المنطقة الغربية؛ طرابلس ومصراته، وبالتالي، اصبحت منطقة سرت الصحراوية التي تتواجد في الوسط، ويوجد فيها معسكرات مهجورة، بيئة صالحة لتمدد الإرهابين، الذين وجدوا رصيداً لهم في المدينة ربما بسبب وجود بعض العناصر من السكان الذين ينتمون للتنظيم. المدينة الآن محاصرة، لكن الحياة داخلها طبيعية.
وما يمنع قوات المؤتمر الوطني من مواجهة هذه المجموعات أنها متمركزة وسط السكان، بالتالي ينصب الجهد لمواجهتها خارج المدينة لإبعاد شبح الحرب عنها، وهذا ما يعوق المواجهة المباشرة معها.
في الخلاصة، فإن ليبيا ليست أرضية مناسبة لتمدد "داعش" بسبب عدم وجود حاضنة اجتماعية له. قد يقدم عناصره على تنفيذ عمليات انتحارية في المستقبل، لكن تحولهم لجيش يتحرك من منطقة الى أخرى أمر مستبعد.
هل يمكن أن يوحد خطر "داعش" برلماني طبرق وطرابلس؟
لا شك أن وجود عدو مشترك يختلف إيديولوجياً يدعو كل الأطراف إلى التوحد ضدّه، وهناك أصوات كثيرة باتت تدعو إلى وقف الحرب. وبالفعل، فإن هذا التنظيم خطير ويجب أن تتوحد كل الجهود لمواجهته. لكن في تقديري أن حفتر غير صادق في مواجهة الإرهاب، بل يتخذه عنوانا لتنفيذ مخططاته.
ما مدى جدية دعوات التدخل العسكري الخارجي في ليبيا؟
في تقديري أن الأمر مستبعد لعدة أسباب؛ أولها أن المشكلة في ليبيا يمكن السيطرة عليها وإيجاد حل لها. وثانياً، أن ليبيا غابة من السلاح، وبالتالي فإن مغامرة أي طرف من الأطراف الخارجية بالتدخل المباشر لن ينهي المشكلة بل سيعقدها، والثمن لن يكون سهلاً للطرفين. اعتقد أن التدخل العسكري الخارجي المباشر، بعيد جداً، وكل المحاولات الدولية الآن تصب في اتجاه إيجاد حل سياسي. قد تتعثر جولات الحوار أو تفشل، لكن لا مناص من إيجاد حل سياسي.
كيف ترى مستقبل الإسلام السياسي، خصوصاً في ظل التراجعات التي لحقت به في المنطقة؟
التيار الإسلامي موجود ومؤثر سواء في مصر أو ليبيا غيرها. ما حصل للتيار الإسلامي في مصر إعاقة مصطنعة، ولو سنحت فرصة لإجراء انتخابات في مصر، لعاد التيار الإسلامي أقوى مما كان في السابق. حدث هذا في تركيا أيام نجم الدين أربكان، حين حدثت إعاقة للتيار الإسلامي، لكن بعد ذلك قال الشعب كلمته.
لا أميل لتسمية التيار الإسلامي بهذا الشكل، بل أفضل تسميته التيار الوطني الذي يتمسك بالهوية الاسلامية، وهو هذا التيار الكبير الهادر؛ وإن تعرض لعمليات حصار وإجهاض فهي مؤقتة. لقد أثبتت الثورات في مصر تونس وليبيا أن التيار الإسلامي هو التيار الذي يعبر عن التوجه الديمقراطي ويؤمن بالدولة المدنية والتداول السلمي للسلطة وأثبتت التيارات الأخرى التي تدّعي الليبرالية أنها تتحالف مع العسكري في مصر، والقبائل في ليبيا. أما ما جرى أخيراً في تركيا، فهو انتصار حقيقي للديمقراطية.