محمد خيري: اسقنِيها

24 ديسمبر 2015
(من عروض خيري في مترو المدينة)
+ الخط -

بصورة أسبوعية تقريباً، يستضيف "ميترو المدينة" في بيروت، الفنان اللبناني عبد الكريم الشعار، والسوري محمد خيري. بينما يختار الأول أغنيةً لأم كلثوم ليؤدّيها في حفله، يذهب الثاني إلى تراث مدينته، حلب، ويستعيد منه قدوداً وموشّحات يقدّمها في عرضه.

عند التاسعة والنصف من مساء يوم 26 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، يكون الجمهور مع خيري، في آخر عروضه لهذا العام. يؤدّي الفنان الشاب (1987)، إلى جانب تخته الشرقي، أعمالاً معروفة لدى لجمهور، مثل "فوق النخل" و"اللؤلؤ المنضود" و"قدك المياس" و"طال المطال".

يتّضح من خلال أداء خيري الصوتي والجسدي، تأثّره بصباح فخري، حتى أن معظم الموشحات التي يغنيها، هي تلك غنّاها الأخير بالذات. عن استعادته لهذا التراث واهتمامه في أدائه، يتحدث خيري إلى "العربي الجديد"، مختصراً الأمر بعبارة واحدة: "هذه هويتي".

ثم يُكمل: "نحن نمرّ بظروف صعبة عربيّاً، تُهدم فيها المدن والآثار، وتراثنا الموسيقي جزء منّا يجب الحفاظ عليه وتوريثه". يضيف: "الموشّحات الحلبية ليست حكراً على تلك المدينة السورية، بل هي جزء من موروث ثقافي عربي كامل".

تعاني الموشحات والقدود الحلبية من إهمال؛ فقلّة من يعملون على تدوينها وتوثيقها ونقلها، وقلّة أيضاً من يحاولون منحها مساحات وإمكانيات أوسع مما هي عليه. لكن، رغم ذلك، يظل لها مستمعوها الذين يشكّلون شريحةً ليست قليلة في بلاد الشام.

حول هذه النقطة، يقول خيري: "كثير ممن يحضرون العروض التي نقدّمها هم شباب لم يتجاوزوا الثلاثين من عمرهم"، مشيراً إلى أنّ طبيعة الأداء الذي يقترح هذا النوع من الفن، يساهم في زيادة عدد المتلقّين: "لا يمكن أن تؤدّى هذه الأعمال كما كانت تُقدَّم في عام 1920 مثلاً".

يوضّح: "تقديمها الآن يعتمد على عاملين؛ بصري وسمعي. في الأول، يحتاج المُشاهد أن يرى آلات أخرى غير تلك التقليدية فقط، فوجود الغيتار الكهربائي مثلاً، يُريح عين الناظر قبل أذنه. من جهةٍ أخرى، طبيعة الموسيقى نفسها لا يمكن العبث بها، لكن هناك مساحة لجعلها أكثر مرونة؛ كتسريع الإيقاع قليلاً، ما يجعلها أسهل على أذن المتلقي".

يتجنّب خيري أن يغنّي ما هو صعب من الموشحات والقدود، أو ذلك الذي ليس معروفاً بشكل كبير بالنسبة إلى الجمهور. يقول: "في النهاية، أنا بعمر من يستمعون إلي، فلا أتصرّف كمغنٍّ فقط، وإنما كمستمع. وعليه، يجب أن أقترب منهم أكثر وأكون بسيطاً في تقديم هذا التراث".

يضيف: "إلى جانب ذلك، هناك بعض الألفاظ والكلمات ما زلنا نردّدها بصورةٍ خاطئة، خلافاً لما كُتبت هي عليه، مثل أغنية "فوق إلنا خِل"، نقولها "فوق النخل"؛ ما يحتّم عليّ توضيح هذه الالتباسات دائماً". يتابع: "كما أنّي لا أتجنّب ذلك النوع من الأغنيات تماماً، بل أستدرج الجمهور من خلال "خمرة الحب" مثلاً، ثمّ أتبعها بدورٍ من الأدوار غير المعروفة إليه، مثل "القلب مال" أو "أصل الغرام" وغيرهما".


اقرأ أيضاً: حلب تبحث عن موشّحاتها

دلالات
المساهمون