مجزرة المبعوجة تحت أعين النظام السوري

02 ابريل 2015
لم تتمكن معظم العائلات من الهرب (ياسين أكغول/فرانس برس)
+ الخط -
ارتفعت حصيلة قتلى الهجوم الذي شنّه مقاتلون تابعون لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على قرية المبعوجة في ريف حماة الشرقي، يوم الإثنين، إلى نحو 70 قتيلاً، معظمهم من المدنيين. ولا يزال نحو 30 مدنياً مختطفين لدى عناصر التنظيم، في وقتٍ تدخّلت فيه بعض عناصر الدفاع الوطني "الشبيحة"، من مدينة صبورة بعد الحادثة، لسرقة بيوت القرية.

وأكد أحد الناجين من المجزرة، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "مسلحي داعش حشدوا عدداً من الدبابات قبل الهجوم بساعتين، انطلاقاً من قريتي صلبة وقليب الثور، وكانت الدبابات مرئية لقوات النظام الموجودة في صبورة، التي تبعد نحو أربعة كيلومترات عن المبعوجة، ولكنهم لم يحرّكوا ساكناً".

وأضاف "بحكم امتلاكي سيارة، تمكنت من الهرب مع عائلتي أثناء الهجوم، الذي وقع حوالى الساعة 12 ليلاً، إلى قرية عقارب الصافية". وتابع "هاجم عناصر التنظيم بيوت القرية، وقتلوا وذبحوا وحرقوا عائلات بأكملها". وكشف أن "معظم العائلات التي أُبيدت، معروفة بمعارضتها للنظام كآل معمار، الذين أُسر نحو 11 فرداً منهم، وقُتل إمام جامع القرية وأمه، قبل أن ينسحبوا باتجاه القرى التي أتوا منها".

وتابع "هرب جميع عناصر الدفاع الوطني الموجودين في القرية بمجرد بدء الهجوم، كما أن وحدات الجيش المتمركزة في صبورة وقرية بري لم تتحرّك، وهرب عناصر الشبيحة من الحواجز التي تفصل بيننا وبين القرى التي حصل الهجوم منها قبل بدء الهجوم، ما سهّل وقوع المجزرة".

اقرأ أيضاً: "داعش": مطامع نفطيّة في حمص... ومكانيّة في حماه

وتعيش معظم قرى ريف حماة الشرقي، المحاذية لمواقع "داعش" حالة رعب حقيقي، في ظلّ قدرة التنظيم على اقتحامها في أي وقت يشاء من جهة، وفي عدم قدرة سكانها على الهرب إلى معظم مناطق المعارضة من جهة ثانية. كما يتعامل معها النظام كمناطق درجة ثانية، بسبب تنظيمها تظاهرات ضده منذ بداية الثورة في عام 2011، ويلاحق شبابها من أجل التجنيد الإجباري.

ويبدو أن النظام يتعامل مع المناطق ذات الأغلبية الإسماعيلية، والتي تحوي خليطاً طائفياً متنوعاً، لاستخدامها كورقة ضغط على المجتمع الدولي، إذ يستطيع استدراج "داعش" لدخول تلك المناطق، من أجل المتاجرة بسكانها كـ"أقليات" وقعت "ضحية إرهاب التنظيم"، وذلك بهدف تثبيت نفسه كشريك أساسي ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب. كما يبدو أن النظام يتبع سياسة "السكوت" على عمليات الاختراق التي يقوم بها "داعش" لبعض القرى التي تقع تحت سيطرته، لإفهام سكانها بأن أي بديل للنظام القائم، سيكون على شاكلة التنظيم.  الأمر الذي يدفع الأهالي إما إلى الهجرة خارج البلد، أو إلى التطوع في صفوف الدفاع الوطني، فيستخدمهم كرأس حربة في عملياته العسكرية، سواء ضد فصائل المعارضة أو ضد "داعش".

وأكد ناشط إعلامي من قرية عقارب الصافية لـ"العربي الجديد"، أن "عدداً من قرى ريف حماة الشرقي، التي تخضع لسيطرة النظام كالمبعوجة وعقارب الصافية، هي قرى ينظر إليها النظام على أنها قرى معارضة، وتقع على حدود مناطق سيطرة داعش من دون حماية، وكأنها متروكة لقدرها مع التنظيم".

وكشف أن "معظم فصائل المعارضة، تحديداً الإسلامية منها، تحسب مدينة سلمية وريفها على النظام، لأسباب متعلقة بانجرار معظمها خلف الحالة الطائفية التي عمل عليها النظام، علماً بأن مناطقنا هي أولى المناطق التي ثارت ضد النظام".

وسبق أن هاجم التنظيم حاجزاً للنظام في منطقة الشيخ هلال، بريف سلمية الشرقي، فقتل حوالى 60 فرداً منهم، ينتمي معظمهم إلى مدينة سلمية وريفها، الأمر الذي أثار موجة من التساؤلات لدى سكان المنطقة عن سبب استهداف هذا الحاجز بالذات، وكيف تم تجاوز مختلف الحواجز قبل الوصول إليه من دون مقاومة، ولماذا تم استهداف سكان سلمية بالذات، واتهم البعض النظام بـ"وقوفه وراء الحادث".

كما قتل مسلّحون في منطقة كللي، شمال إدلب، أربعة ناشطين من سلمية، أثناء محاولتهم العبور إلى تركيا هرباً من النظام. وعثر عناصر الدفاع المدني على جثثهم التي يظهر عليها آثار تعذيب قبل تصفيتهم، ولم يتبنَّ أي فصيل مسؤولية قتلهم، في حين وُجّهت الاتهامات نحو "جبهة النصرة" التي تسيطر في تلك المنطقة.

اقرأ أيضاً: "داعش" تقترب من السَّلميَّة وتهدد إمدادات النظام لحلب