متى نرقص في الانتخابات؟
في لحظة وجدانية ملحمية في جادة الشانزليزيه بباريس، يرفع شاب راية الجمهورية الفرنسية ويفتح يديه للسماء وقد فتح فمه من الصراخ محتفلا بفوز الشاب إيمانويل ماكرون. هذه الصورة الوحيدة التي أوقفتني في جريدة أخبار اليوم المغربية، وأنا الذي اعتدت على تمرير عينيّ على الجرائد متيقنا أن لا شيء جديدا ستكتبه، إلى درجة أصبحنا نلهو أنا وأصدقائي بالتخمين حول محتويات أي جريدة قبل أن نفتحها، وهكذا هي جرائدنا لا تخيب آمالنا البتة وتأتي متشابهة.
لكن هذه الصورة التي هاجرت إلينا من الضفة الأخرى جاءت منسجمة مع تطلعات جيل الربيع العربي، هذا الجيل الذي يطرح سؤالا: هل يوجد مرشح سياسي في المغرب يمكن أن أعطيه صوتي وأدعمه بهذه القوة ويعبر عن طموحات جيلنا، وأخرج بعد فوزه وأفتح يدي للسماء وأصرخ بكل ثقة وأمل؟
لقد أدخلتني هذه الصورة في أحلام، كما دفعت بي في خيبة أمل قاهرة أحسست أمامها كشاب مغربي بالعجز، وعدم القدرة على الفعل وتغيير أي شيء من حولي. لقد جعلتني هذه الصورة أحلم بهذه اللحظة وبهذا الانسجام والتوافق الذي قد يحصل بيننا كشباب وبين رجل سياسة.
لقد أصبحنا غرباء في وطننا، كل آمالنا وأحلامنا معلقة للانتظار. إننا هنا لا نحلم بماكرون مغربي، ولكن بسياسيين يشاركوننا همومنا، بدل الوجوه الجاثمة على تاريخ خشبة المسرح السياسي عندنا.
قد يبدو لك كلامي عدمياً صديقي، ولكن فكّر في هذا السؤال: في حياتنا، مر المغرب بالعديد من المحطات الانتخابية، وكنا نحن كشباب في كل مرة نحس برغبة كبيرة في البكاء أمام من فازوا، وتحدونا رغبة كبيرة في خلع أحذيتنا وقذفها في وجوههم. ولم نخرج يوما إلى الشارع لنحتفل ونسمع الموسيقى ونرقص ونحتفل بفوز سياسي ما؟ إن انتخاباتنا جنازات تعلن ظهور موتانا لاستعراض مواهبهم وأفكارهم من العالم الآخر، الأفكار البعيدة عن الواقعية وطموحات جيل الظمأ، بتعبير محمد عزيز الحبابي.