التديّن وإعادة هندسة المدينة
من وداع الليالي غالباً من كنّا نردد "تصبح على واقع آخر"، وغداً يطلّ صباح آخر، ونستفيق على واقع آخر. غداً يتأسف صديقي على إغلاق المقاهي أبوابها، فيودع قهوته الصباحية السوداء ومطالعة الجرائد، غداً يطرح صديقي السؤال التاريخي: كيف سيمرّ العمل في رمضان؟ إنني حقاً لا أتصور ذلك العمل المتعب، لا ماء ولا سجائر ولا خبز..؟ وطبعاً لا ينسى سمفونيته الأبدية ومفادها: ولكن من حسنات رمضان أنني سأجرب التخلي عن السجائر، هذه المرة سأفعل!
أطلقها ضحكة مدوية، متذكراً وعد رفيقي الرمضاني، ونقاشنا كيف أن الإرادة تشتد وتصير أكثر صلابة بدافع من المقدس. وأتساءل معه لماذا لا تجرب التخلي عن السجائر في الشهور الأخرى لماذا بالضبط رمضان؟
إذا كنت قادراً على تعديل عادتك في رمضان وتتخلى عن السجائر بدافع أمر مطلق مقدس، فأنت قادر على استحضار هذا الأمر المطلق السماوي في مختلف الشهور! هنا يطلب توضيحاً قائلاً: هل تريد أن تقول بأني مسخ وأتحول إلى كائن آخر بحلول شهر رمضان، مثلما تحولوا اليوم التلاميذ بفضاء المؤسسة من سراويل الجينز واللباس القصير والشعر المنسدل، إلى الجلباب والحجاب. ومثلما تحول بعض الشباب الذكور بالشارع من حمل السجائر وقنينات "البيرا" إلى حمل السجادات ولبس الجلباب والسير في طريق المسجد قبل الإفطار في جماعات، دون أن ينسوا أخذ "سيلفيات" وهم وراء صفوف الصلاة أو يحملون سجادات على أكتافهم؟
أحذرك رفيقي لا تطبق علي تفكيرك الوضعي، فأنا لست ظاهرة للدراسة وأرى ما تراه أيضاً! لست وضعياً، والعالم ينفلت من قبضة الوضعيين. ما كل شيء "يمنطق" وما كل الأمور تخضع لمنطق السببية. فانا أعجز عن تفسير كيف تؤثر أفكار في الذهن في تغيير الواقع؟
وضّح كلامك أيها الشيطان الملحد هههه، انتبه لكلامك رفيقي هل الإلحاد عندك سبة؟ سأقدم دعوة قضائية ضدك وقد أربحك؟ يضحك بصوت مرتفع، أقاطعه كالعادة: ما بك تضحك بجدية مبالغ فيها دائماً؟ الضحك اخترع فقط للملاطفة وليس للضحك فعلاً.
يرد بطريقة أكثر جدية، أنت كعادتك عبوس، أنتم جميعاً. من نحن؟ أنتم الاشتراكيين بالبلدان العربية الإسلامية.. كلكم عبوسون؟ لقد علموكم في حلقيات الجامعة كيف تربطون فوق جبهاتكم لتخيفونا نحن الذين كنتم تسموننا الظلاميين (يضحك ساخراً). طيب صديقي ما بك والفكر والواقع؟
أقسم أن تكمل فكرتك قبل أن نصل منزلك ونفترق، آه طيب رفيقي سأكمل حديثي أنت مُصرّ إذاً على أن تذهب لمنزلك ورأسك يؤلمك. تذكر أنك لم تعد ظلامياً، فأنت متدين ومؤمن رغم أنك تدخن وتحتسي الخمر أحياناً.. فكرتي هي عبارة عن سؤال: كيف يغير رمضان، أقصد رمضان كفكرة وطقوس.. هندسة المدينة؟
بمعنى آخر كيف تغير أفكار دينية هندسة الشوارع؟ بحيث غداً صباحاً عندما سنخرج سنستفيق على شارع آخر: فارغ، لا محالّ، لا مارة إلا القليل.. لا مطاعم، لا فتيات جميلات ولا شباب وسيمين.. سنستفيق على وجوه مكشرة، غداً سترى كيف سينزل ذوق المسلمين في اللباس والعناية بالهندام وكيف سيتركون الروائح الجميلة بدعوى أنها تفطر، وكيف أن بعض أصدقائنا سيتركون مختلف المساحيق التي يستعملونها لشعرهم بدعوى أنها بدعة، غداً سترى فضاءً عمومياً آخر، ذوقاً آخر، واقتصاداً آخر.
توقف أيها الثرثار لقد وصلنا، ودائماً أتساءل لماذا أنتم العلمانيين تحاكمون الآخرين وكأنكم قادمون من كوكب آخر، ولكن أخبرني قبل أن أذهب ما قصدك باقتصاد جديد؟
أقصد اقتصاد المساجد، واقتصاد ما قبل الإفطار، وانتعاش الإحسان والتبادل.. أتركك رفيقي وصياماً مقبولاً. غداً سأنهي فطوري بالمنزل، ولن أحمل معي كوب قهوتي المعتاد للسيارة احتراماً لك ومخافة تعنيفي من قبل بعض إخوانك المتشددين، أنا سعيد بصداقتك أيها النقيض لي، أيها المتسامح والمضياف، أيها المسلم اللايت.
يضحك ويرد: صديقي لنا لقاء غداً أيها الشيطان أدعو لك بالهداية، يضحكان معاً.. فالضحك أصلاً للملاطفة وللسخرية أحياناً أخرى، وللأصدقاء فقط هو الضحك.
أطلقها ضحكة مدوية، متذكراً وعد رفيقي الرمضاني، ونقاشنا كيف أن الإرادة تشتد وتصير أكثر صلابة بدافع من المقدس. وأتساءل معه لماذا لا تجرب التخلي عن السجائر في الشهور الأخرى لماذا بالضبط رمضان؟
إذا كنت قادراً على تعديل عادتك في رمضان وتتخلى عن السجائر بدافع أمر مطلق مقدس، فأنت قادر على استحضار هذا الأمر المطلق السماوي في مختلف الشهور! هنا يطلب توضيحاً قائلاً: هل تريد أن تقول بأني مسخ وأتحول إلى كائن آخر بحلول شهر رمضان، مثلما تحولوا اليوم التلاميذ بفضاء المؤسسة من سراويل الجينز واللباس القصير والشعر المنسدل، إلى الجلباب والحجاب. ومثلما تحول بعض الشباب الذكور بالشارع من حمل السجائر وقنينات "البيرا" إلى حمل السجادات ولبس الجلباب والسير في طريق المسجد قبل الإفطار في جماعات، دون أن ينسوا أخذ "سيلفيات" وهم وراء صفوف الصلاة أو يحملون سجادات على أكتافهم؟
أحذرك رفيقي لا تطبق علي تفكيرك الوضعي، فأنا لست ظاهرة للدراسة وأرى ما تراه أيضاً! لست وضعياً، والعالم ينفلت من قبضة الوضعيين. ما كل شيء "يمنطق" وما كل الأمور تخضع لمنطق السببية. فانا أعجز عن تفسير كيف تؤثر أفكار في الذهن في تغيير الواقع؟
وضّح كلامك أيها الشيطان الملحد هههه، انتبه لكلامك رفيقي هل الإلحاد عندك سبة؟ سأقدم دعوة قضائية ضدك وقد أربحك؟ يضحك بصوت مرتفع، أقاطعه كالعادة: ما بك تضحك بجدية مبالغ فيها دائماً؟ الضحك اخترع فقط للملاطفة وليس للضحك فعلاً.
يرد بطريقة أكثر جدية، أنت كعادتك عبوس، أنتم جميعاً. من نحن؟ أنتم الاشتراكيين بالبلدان العربية الإسلامية.. كلكم عبوسون؟ لقد علموكم في حلقيات الجامعة كيف تربطون فوق جبهاتكم لتخيفونا نحن الذين كنتم تسموننا الظلاميين (يضحك ساخراً). طيب صديقي ما بك والفكر والواقع؟
أقسم أن تكمل فكرتك قبل أن نصل منزلك ونفترق، آه طيب رفيقي سأكمل حديثي أنت مُصرّ إذاً على أن تذهب لمنزلك ورأسك يؤلمك. تذكر أنك لم تعد ظلامياً، فأنت متدين ومؤمن رغم أنك تدخن وتحتسي الخمر أحياناً.. فكرتي هي عبارة عن سؤال: كيف يغير رمضان، أقصد رمضان كفكرة وطقوس.. هندسة المدينة؟
بمعنى آخر كيف تغير أفكار دينية هندسة الشوارع؟ بحيث غداً صباحاً عندما سنخرج سنستفيق على شارع آخر: فارغ، لا محالّ، لا مارة إلا القليل.. لا مطاعم، لا فتيات جميلات ولا شباب وسيمين.. سنستفيق على وجوه مكشرة، غداً سترى كيف سينزل ذوق المسلمين في اللباس والعناية بالهندام وكيف سيتركون الروائح الجميلة بدعوى أنها تفطر، وكيف أن بعض أصدقائنا سيتركون مختلف المساحيق التي يستعملونها لشعرهم بدعوى أنها بدعة، غداً سترى فضاءً عمومياً آخر، ذوقاً آخر، واقتصاداً آخر.
توقف أيها الثرثار لقد وصلنا، ودائماً أتساءل لماذا أنتم العلمانيين تحاكمون الآخرين وكأنكم قادمون من كوكب آخر، ولكن أخبرني قبل أن أذهب ما قصدك باقتصاد جديد؟
أقصد اقتصاد المساجد، واقتصاد ما قبل الإفطار، وانتعاش الإحسان والتبادل.. أتركك رفيقي وصياماً مقبولاً. غداً سأنهي فطوري بالمنزل، ولن أحمل معي كوب قهوتي المعتاد للسيارة احتراماً لك ومخافة تعنيفي من قبل بعض إخوانك المتشددين، أنا سعيد بصداقتك أيها النقيض لي، أيها المتسامح والمضياف، أيها المسلم اللايت.
يضحك ويرد: صديقي لنا لقاء غداً أيها الشيطان أدعو لك بالهداية، يضحكان معاً.. فالضحك أصلاً للملاطفة وللسخرية أحياناً أخرى، وللأصدقاء فقط هو الضحك.
دلالات
مدونات أخرى
01 ابريل 2019
14 سبتمبر 2018
13 يونيو 2017