ماذا تُنتج شركة "شاميانا" السورية؟

22 مايو 2020
لم تبد الأزياء والديكورات متسقة في مسلسل (من "نبض")
+ الخط -
"شاميانا" هي شركة إنتاج سورية بدأت مشوارها منذ فترة قريبة، وربما كان مسلسل "سوبر فاميلي"، بجزأيه، أفضل ما قدمته منذ نشأتها. فرغم أن المسلسل الذي أخرجه فادي سليم في أولى تجاربه التلفزيونية لم يلقَ انتشاراً واسعاً، لكنه قدّم صورة كوميدية لطيفة عن عائلة بسيطة تحصل بينها مواقف مختلفة. ولم يبالغ العمل بأدواته، حيث اعتمد على كوميديا الموقف لا التهريج، وهذا ما جعل منه مسلسلاً يعبر بهدوء على الشاشات. العمل كان من بطولة أحمد الأحمد، زهير رمضان، سلمى المصري، ميريانا معلولي، مرام علي، علي ابراهيم وغيرهم.

بهذا العامل، تفاءل السوريون بشركة جديدة قد تقدم مسلسلات لطيفة تنعش المائدة الرمضانية، لكن الأمر لم يحصل، حيث انحدرت الشركة في الأعمال التي قدمتها في ما بعد، فمن "سوبر فاميلي" إلى "أبو دزينة" الذي لعب بطولته نزار أبو حجر، وكان من تأليف وإخراج فادي غازي، حيث كان العمل غير لائق بالكوميديا، ولم يحقق صدى ملفتاً. وقد تكرر ذات الأمر مع مسلسل "جنان نسوان" الكوميدي عام 2017 الذي لعبت بطولته ديمة قندلفت ووائل رمضان. كان العمل بالأساس مسيئاً لنجومية ديمة؛ كونه يعتمد على كوميديا التهريج والحوارات السطحية والمشاهد المجانية التي كتبها وأخرجها فادي غازي أيضاً، حيث بات من الواضح أن أعمال الشركة بدأت تنحدر ولا تقدم مضموناً أو فحوى، بل وتسيء للأسماء المشاركة فيها. وفي موسم رمضان الماضي 2019، قدمت الشركة مسلسلاً كوميدياً أيضاً بعنوان "كرم منجل" لكنه لم يعرض سوى على قناة "لنا" السورية، ويعاد عرضه حالياً على قناة سوريا دراما، وقد كان العمل أيضاً غير مدروس ولا يحمل من الفكاهة شيئاً مع أنه أعاد الفنانة السورية جيما دريوسي بعد سنوات من الغياب عن التمثيل، لكنه لم يقدمها بالصورة الصحيحة التي كانت عليها حين قدمت أهم الأعمال مع الفنان دريد لحام في التسعينيات وبداية الألفينات.
في رمضان 2020، كان الحظ من حليف هذه الشركة من خلال عملين سوريين وهما "نبض" و"يوماً ما" وقد تم عرضهما على عدة قنوات عربية منها قنوات مهمة مثل LBC وروتانا دراما، بل أعلنت عنه أيضاً قناة MBC قبل بدء شهر رمضان وذلك قبل عودة مسلسل "سوق الحرير" للتصوير في سورية، حيث أعلنت عن "سوق الحرير" فوراً واستبدلته بـ "يوماً ما".

مسلسل "نبض" المؤجل من موسم 2019 والذي كتبه فهد مرعي وأخرجه عمار تميم يعاني من كوارث إخراجية حقيقية، فالكوادر سيئة عدا عن الديكور المليء بالألوان غير المتناسقة، والأزياء كانت لا تليق بالشخصيات، خصوصاً أزياء الفنانتين أريج خضور ورواد عليو، حيث ظهرتا بطريقة فجة، كما أن المكياج كان فاقعاً ومؤذياً، وإن نظرنا للقصة فلا نجد تماسكاً، خصوصاً بمشاركة فنانين شباب من الجزائر وتونس والعراق، حيث كانت الخلطة كلها غير مقنعة ولا تمتّ للواقع بصلة، والحكاية غير مفهومة بشكل كامل، حيث تتورط شذى مع فتاة تونسية تلاحقها عصابة، ولا ندري ما أهمية هذه العصابة ولماذا تلاحقها، وتكبر المشكلة من دون مبرر درامي أساساً، وحتى أن التعويل على قصة الحب التي تجمع رواد عليو وعامر علي لكي ترفع من سوية العمل كان فاشلاً، فالمخرج والسيناريو لم يشبعاها بتفاصيل متقنة تساعدنا على التعاطف معهما، وحاول المسلسل أن يستند على وجود نجوم كبار مثل ضحى الدبس، وعبد المنعم عمايري، ولينا حوارنة، ووفاء موصللي؛ فكانت مشاهدهم ترفع من قيمة الأداء، بحكم أنهم نجوم قادرون على التفاعل مع النص حتى لو كان رديئاً، لكن ذلك لم يُجدِ، لأن وجودهم كان عابراً إجمالاً.

أما الموسيقى التصويرية فهي على وتيرة واحدة في كل حلقة من الحلقات ولا تتوقف أبداً وكأن العمل قائم عليها فقط لا على الأحداث، حيث يتم تشغيلها في مشاهد لا داعي للموسيقى فيها، ما يؤذي أذن المتلقي ويزعج مسمعه بشكل كبير.
المشكلة الثانية في مسلسل "يوماً ما"، وهو يتحدث عن رئيس مخفر يتعرض لتهديد من عصابة بسبب قضية يتورط فيها مع مجرمين، حيث تأتي هذه العصابة إلى منزله وتقتله، وإثر ذلك تهرب ابنته الصغيرة خوفاً من المنزل، وتلتقي بغجرية تلعب دورها أمانة والي التي تربيها في مضارب الغجر بعد وفاة ابنتها الصغرى وتقنعها بأن العصابة قتلوا كافة أفراد أسرتها، وتشبّ ماريا التي تغيَّرَ اسمها لـ هزار بين الغجر وتحب شامان الذي كبر معها وعلمها قراءة أوراق التاروت والطالع لتصبح مصدر رزقها حيت تكبر، ثم تلتقي بأمها وأبيها بالصدفة بعدما شبت وعملت مصادفةً أيضاً بإذاعة مع شامان. إذاعة يمتلكها عراقي، ويقترب المسلسل من النهاية ولم تعترف لهما بعد أنها ابنتهما، وذلك في سياق درامي فاشل وغير مقنع، عدا عن الديكورات والأزياء الغريبة جداً والبعيدة كل البعد عن أزياء الغجر، فضلاً عن المكياج الذي أصبح محط سخرية وسائل التواصل الاجتماعي لما فيه من بشاعة وسوء في التنفيذ.
تعتمد جيني اسبر بطلة العمل على شكلها وليس على أدائها. أما الفنانون العراقيون فلا يقدمون أنفسهم بطريقة راقية، في حين نشاهد أيضاً أخطاء إخراجية قاتلة من المخرج عمار تميم الذي يبدو أن الشركة لم تعد تتعامل سوى معه، مع أنه لا يملك أي رؤية إخراجية ويقع في مطبات كارثية في مشاهده، خصوصاً حين يبطئ حركة الكاميرا من دون مبرر في مسلسله.
المساهمون