شهدت ليبيا يوم أمس، عدة مبادرات لاحتواء التحرك الانقلابي الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المدعوم من جهات إقليمية، من قبل قوى الثورة الليبية والمؤسسات الوطنية التي طرحت عدة مبادرات للحل، وفيما شهدت البلاد أعمال عنف محدودة وانضمام مجموعات عسكرية إلى الانقلابيين وشخصيات سياسية أبرزهم رئيس الوزراء الهارب علي زيدان، نفت الولايات المتحدة الأميركية أي صلة لها بالمليشيات المرتبطة بحفتر والتي تدعي أنها تخوض حربا لتخليص الدولة من المتشددين.
وفشل المؤتمر الوطني العام أمس خلال عقده جلسة في أحد الفنادق بالعاصمة طرابلس، بالتصويت على منح الثقة لرئيس الحكومة الجديد أحمد عمر معيتيق، لعدم اكتمال النصاب، إذ حضر 97 نائبا من 120 هم الحد الأدنى لقانونية عقد الجلسة. وبالرغم من التشديدات الامنية فإن أحد المسلحين أطلق قذيفة ار بي جي بجوار الفندق وتم القاء القبض عليه ولا يزال التحقيق جاريا معه.
وجاء تغيير مكان الانعقاد، انتظارا لحضور قوات درع ليبيا الوسطى من مصراته إلى طرابلس لتأمين مقر المؤتمر الوطني العام الذي اقتحمه الأحد الماضي، مسلحون تابعون لفرقتي "القعقاع" و "الصواعق" التابعتين لحفتر.
وفي السياق أصدر درع ليبيا الوسطى بيانا أكد فيه ان قواته ليست طرفا في نزاع مع أحد وانما لها مهمة محددة وهي حماية المؤسسات الحكومية تطبيقا لقرار رئيس المؤتمر الوطني العام نوري ابو سهمين. داعيا جميع الأطراف إلى اللجوء للحوار.
وعلى خط الأزمة، أعلن رئيس الحكومة السابق علي زيدان في مداخلة على قناة "ليبيا الأحرار"، دعمه لحراك حفتر، داعيا القوات المسلحة والعسكريين والشعب الليبي للانضمام إلى القوى التي تدعي "إنقاذ ليبيا".
كما أعلن العقيد جمعة العباني رئيس اركان الدفاع الجوي انضمامه لتحركات حفتر، كما أعلن عدد من منتسبي مكتب استخبارات منطقة الأصابعة (120 كيلومتراً غرب طرابلس) والتابعين لرئاسة الأركان العامة تأييدهم للانقلابيين. وقالوا في بيان إنهم يؤيدون العملية التي يقوم بها الجيش الليبي ضد ما اطلقوا عليه (الإرهاب) ووقوفهم مع بناء مؤسستي الجيش والشرطة.
كما اصدرت الكتيبة الثانية للحراسة بفزان جنوب ليبيا وعدد من القبائل الموالية لنظام القذافي بيانات أعلنت فيها انضمامها لقوات اللواء خليفة حفتر
وفي المقابل أعلن عدد من قبائل مدينة الزاوية وثوار تاجوراء دعمهم للشرعية المتمثلة في المؤتمر الوطني.
في هذه الأثناء، هدّدت جماعة "أنصار الشريعة الليبية" بأنها ستردّ على أي هجوم من قوات حفتر، التي هاجمت مواقع تابعة للجماعات الإسلامية المسلحة في شرق ليبيا.
وأعلنت الجماعة الإسلامية المسلحة في بيان أن "خيار المواجهة أمر أصبح مفروضاً محتوماً حماية لمدينتا وأرضنا وعرضنا، فهذه المدينة التي شاركنا في الدفاع عنها يوم أن دخلتها أرتال الطاغوت (معمر) القذافي لن نتوانى في الدفاع عنها والذود عن أهلها وأهلنا، ونحمل مسؤولية أي هجوم على المدينة وأبنائها لهذا الطاغوت المدعو خليفة حفتر وأتباعه، فإننا سنتعامل مع أي قوات تدخل المدينة وتهاجمها كما تعاملنا مع رتل القذافي وكتائبه".
واعتبرت الجماعة عملية اللواء حفتر بأنها "في الحقيقة الحرب على الإسلام ومن ينادي بإقامة الشريعة الإسلامية". وأضافت "إننا نقف مع مطالب أهلنا وشعبنا المسلم في مطالبتهم بالأمن والاستقرار تحت راية الشريعة الإسلامية لا تحت راية الديمقراطية والعلمانية والدساتير الوضعية."
وتأسست "أنصار الشريعة" بعد سقوط نظام معمر القذافي، ويتكون جناحها العسكري من ثوار قاتلوا القذافي في 2011.
يأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي أن واشنطن لا تؤيد أو تقبل أو تساعد في الأفعال التي قامت بها مؤخرا قوات حفتر، ومنها الهجوم على البرلمان. وقالت للصحفيين لم نجر اتصالات مع حفتر في الآونة الأخيرة، ولا نقبل الأفعال على الأرض أو نؤيدها ولم نساعد في تلك الأفعال".
مبادرات للتهدئة
وعلى صعيد المبادرات قدمت المفوضية العليا للانتخابات البرلمانية اقتراحا بإجراء انتخاب البرلمان الجديد في 25 يونيو/حزيران المقبل كموعد مبدئي. لكنه لم يحسم حتى الآن.
كما تقدمت الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني بمقترح مساء أمس تطلب فيه من المؤتمر تجميد اعماله على أن تقوم الحكومة بتسيير أعمال البلاد لحين الاتفاق على رئيس وزراء وانتخاب برلمان جديدين.
وتضمنت المبادرة: التمسك بالإعلان الدستوري المؤقت، وشرعية الهيئات والمؤسسات الدستورية المنبثقة منه. وإعادة التصويت على الحكومة المؤقتة ورئيس جديد لها في جلسة علنية عن طريقة الاقتراع السري المباشر وفقاَ لقرار المؤتمر الوطني العام رقم (23) لعام 2014، وذلك بهدف الخروج من الأزمة السياسية وما نتج منها من جدل قانوني حول تكليف رئيس الحكومة الجديد. وفي حال فشل المؤتمر الوطني العام في ذلك، تستمر الحكومة الحالية في تسيير الأعمال إلى حين انتخاب البرلمان القادم في أجل اقصاه 15 أغسطس/آب.
وبعد انتهاء استحقاق إقرار ميزانية الدولة الليبية لعام 2014، يدخل المؤتمر الوطني العام في إجازة برلمانية حتى يتم انتخاب البرلمان المقبل وتسلم له السلطة التشريعية عند ذلك، وتتقـدم الحكـومة المؤقتة باستقالتها في أول جلسة للبرلمان الجديد، ثم تشكل الحكومة لجنة وزارية للتواصل مع كافة التشكيلات المسلحة للوصول إلى توافق وطني يرفض الاحتكام إلى السلاح.
وقالت الحكومة في مبادرتها إنه "نظراً إلى دقة المرحلة وخطورتها تؤكد الحكومة على أن قرارات وتكليفات القائد الأعلى للجيش الليبي ورئيس الأركان العامة يجب ألا تتم إلا بعد التشاور والتوافق مع الحكومة لما قد تشكله هذه القرارات من تداعيات خطيرة على الوضع الحساس في ليبيا".
وأكدت الحكومة على دعمها لمؤسسة الجيش وأجهزة الأمن والشرطة، وحرصها الدائم في الوقت نفسه "على دعم الثوار الحقيقيين في مختلف المدن الليبية"، وعلى "دعم الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور".
وقدم نائب رئيس المؤتمر الوطني السابق، جمعة عتيقة، الناشط السياسي المعروف، اقتراحاً للمؤتمر الوطني، طالبه فيه بنقل اختصاصات وسلطات ومهام المؤتمر الوطني إلى لجنة الستين المنتخبة، وهي لجنة على غرار اللجنة التي شكلت عام 1951، ونالت ليبيا بموجبها الاستقلال.
كما دعا إلى إصدار تعديل على الإعلان الدستوري، تُمنح بموجبه صلاحيات المؤتمر الوطني الى لجنة الستين المنتخبة، بالإضافة الى مهام صياغة الدستور، وقيادة المرحلة الانتقالية المتبقية إلى حين انتخاب الهيئة التشريعية والرئاسية الدائمة.
وفي تطور ميداني، شهدت مدينة طبرق اقصى شرق ليبيا تفجير سيارة مفخخة وضعت امام الجامعة لكنها لم تسفر عن اي اصابات ومما يذكر انها الحادثة الاولى التي تشهدها طبرق، لكن هناك من يربط الحادثة بانضمام قيادات عسكرية بالمدينة لانقلاب حفتر.