ليبيا: قوات حكومة الوفاق تستأنف عملياتها في ترهونة

19 ابريل 2020
قوات الحكومة تستهدف ترهونة لإسقاطها (Getty)
+ الخط -
أعلنت قوات حكومة الوفاق الليبية عن استئناف العمليات القتالية في محاور مدينة ترهونة، في وقت أكد فيه المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي، محمد قنونو، تنفيذ سلاح الجو ضربتين استهدفتا مواقع لمليشيات خليفة حفتر في مدينة ترهونة، صباح اليوم الأحد.

وأوضح قنونو، في إيجاز صحافي، أن الغارتين استهدفتا آلية عسكرية مصفحة وعناصر من مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في منطقة المصابحة داخل ترهونة.

وأشار قنونو إلى أن "الغارتين جاءتا لمساندة قواتنا التي استأنفت تقدمها، اليوم الأحد، وفقاً للخطة التي وضعتها غرفة العمليات في إطار عملية عاصفة السلام".

من جانب آخر، قالت عملية "بركان الغضب" إن سلاح الجو ألقى، اليوم الأحد، مناشير فوق مدينة ترهونة، ناشدت خلالها الأهالي الابتعاد عن أماكن الاشتباكات.

وأوضحت العملية، على صفحتها الرسمية، أن المناشير دعت المواطنين إلى "الابتعاد عن أماكن الاشتباكات وتواجد المسلحين، والتزام بيوتهم، وعدم السماح للمسلحين بالتواجد بين المساكن".

كما أكدت أن المناشير وعدت من ألقى سلاحه من عناصر مليشيات حفتر بــ"الأمان"، مؤكدة أن "المعركة حسمت عسكريا ولا نريد مزيدا من الدماء".

وفي وقت سابق الأحد، أنهت قوات حكومة الوفاق اليوم الأول من المرحلة الجديدة لعملية "عاصفة السلام" بالسيطرة على المناطق الأولى لمدينة ترهونة، وهي الشريدات والرواجح والحواتم وأخيرا سوق الجمعة.

وأتى ذلك في وقت أكد فيه قنونو استمرار العمليات القتالية في المدينة لهذه المرحلة، التي تستهدف إسقاط آخر معاقل حفتر في الغرب الليبي، مشيراً إلى إسقاط الحكومة طائرة إماراتية مسيّرة.

وفي إيجاز صحافي نشرته الصفحة الرسمية لـ"عملية بركان الغضب" اليوم الأحد، قال قنونو إن "الطائرة التي أُسقطت من نوع وينق لونق (صينية الصنع) وكانت مجهزة بصواريخ موجهة، وأسقطت قبل أن تلوذ بالفرار".

وأشار إلى أن "الطائرة التي أسقطت دعمت بها دولة الإمارات مجرم الحرب المتمرد حفتر ومليشياته الإرهابية".

وأحكمت قوات "الوفاق" سيطرتها على أجواء المنطقة الغربية، حيث كان لسلاح الجو الدور الفاعل في اقتحام ترهونة. وأكد قنونو أن "سلاح الجو نفّذ 17 ضربة، خلال يوم أمس، استهدفت أفرادا وآليات وتمركزات لمليشيات حفتر داخل ترهونة للتمهيد ولمساندة القوات البرية".

وحول مستجدات المعركة في ترهونة، اليوم، قال المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب"، عبد المالك المدني، إن "وحدات الجيش في انتظار أوامر التقدم، وهي تعزز من مواقعها في الوقت الحالي"، مشيرا إلى أن السيطرة تمت يوم أمس على "تمركزات استراتيجية ومهمة كانت مليشيات حفتر تستخدمها نقاط انطلاق لتنفيذ عملياتها"، مؤكدا أن "عدد من تم أسره من هذه التمركزات فاق 100 مسلح من مليشيات حفتر، بالإضافة إلى عدد كبير من الآليات المسلحة والذخائر".

لكن المدني لفت، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن معركة الأمس لم تقتصر على ترهونة، فـ"هناك سيطرة على منطقة الطويشة، وتقدّم في طريق السدرة باتجاه المعسكرات"، وهي تقدمات يؤكد الخبير الأمني الليبي، الصيد عبد الحفيظ، أنها مهمة جداً لأنها تتجه في طريق حصار مليشيات حفتر داخل منطقة قصر بن غشير، التي يعول عليها حفتر بشكل كبير جنوب طرابلس وتتصل بترهونة بمسارب وطرقات زراعية.

وأوضح عبد الحفيظ، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "هذا التوجه واضح من خلال التقدم باتجاه المعسكرات من جهة المدينة، وتقدم آخر من منطقة الطويشة، التي تقع خلف قصر بن غشير ويمكنها فصل المنطقة عن محيط المطار القديم".

وبحسب الخبير الأمني الليبي، فإن أمام مليشيات حفتر "إما التحصن داخل هذه الأحياء والانتحار، أو الانسحاب إلى ترهونة إذا ما زاد خناق الحصار عليها".

وبينما يبدو واضحاً أن قوات الحكومة تستهدف ترهونة بالدرجة الأولى لإسقاطها، يستمر حفتر وحلفاؤه في الخارج في صمتهم المطبق منذ بدء سقوط مدن غرب طرابلس واحدة تلو الأخرى، وسط تساؤلات عديدة حول الغموض الذي يلف صمت حفتر وحلفاؤه، وهل يعني هذا الصمت قبولاً بفشل مشروعه العسكري.

حلفاء حفتر المحليون يراجعون مواقفهم

ويبدو أن حلفاء حفتر المحليين بدأوا في مراجعة مواقفهم والتخلي عنه، فعلاوة على أصوات التذمر من جانب القبائل في شرق البلاد، وتحديداً في أجدابيا التي كان لها النصيب الأوفر من قتلى حرب حفتر في طرابلس وسرت، يتوقع الناشط السياسي الليبي، عقيلة الأطرش، أن انهيار صفوف مليشيات حفتر في ترهونة ومحاور جنوب طرابلس بشكل سريع خلال الساعات الماضية ناتج عن خلافات كبيرة داخل ترهونة، مؤكداً أن أثير الإذاعة المحلية للمدينة كان ينقل أصواتا تنتقد الاستمرار في دعم حرب حفتر وتطالب بالتصالح والمفاوضات.

ويرجح الأطرش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، "إمكانية انسحاب أعداد من المقاتلين من المحاور وفرارهم"، فيما تشير أكثر عمليات الأسر الواسعة التي نفذتها قوات الحكومة لفارين وهم يرتدون ألبسة مدنية بدل العسكرية، إلى تأكيد فرضية الناشط السياسي.

وأعلنت مدينة بني وليد، التي كانت تميل كفة قبائلها لتأييد حفتر وتعتبر أراضيها خط الإمداد الأول لمليشيات حفتر في محاور جنوب طرابلس، عن توجه وفد قبلي من المدينة برئاسة عميد البلدية، سالم علي انوير، إلى مدينة مصراتة، أمس السبت، التقى عددا من قيادات مصراته المدنية والعسكرية لـ"الحفاظ على المدينتين وعلى علاقات الأخوة والجوار والترابط التام بين أهالي مصراته وأهالي بني وليد، وكذلك التأكيد على حفظ الأمن في المنطقة الجغرافية الرابطة بين المدينتين"، بحسب بيان بلدية بني وليد.

ويؤكد الأطرش أنه "إذا استمر تهاوي قوة حفتر وسقطت ترهونة ستتسع دائرة المعارضة في اتجاه قبائل الجنوب المتذمرة أيضاً، والتي امتنعت منذ مدة عن إرسال أبنائها للقتال في صفوف حفتر، وسيكون ذلك أهم أسباب سقوط المشروع العسكري لحفتر"، بحسب الأطرش.

وتمثل ترهونة المتاخمة لطرابلس جنوب شرقها بنحو 95 كم أهمية عسكرية كبيرة بالنسبة لحفتر، إذ يعتبرها رأس حربة قواته التي هاجمت طرابلس في إبريل/نيسان من العام الماضي، حيث شكلت له مليشياتها، لا سيما مليشيا الكانيات، أهم أذرعه المسلحة التي سيطرت خلال ساعات على أجزاء واسعة من جنوب طرابلس بحكم الامتدادات القبلية للمدينة في أحياء جنوب طرابلس، وتحديدا في قصر بن غشير ووادي الربيع وصولا إلى عمق عين زاره، في وقت فشلت فيه الفصائل الأخرى المؤلفة من قوات الشرق ومليشيات المداخلة القادمة من صبراته وصرمان، في التقدم داخل مناطق السواني والعزيزية والساعدية، وانتهت بفقدانها لمدينة غريان، يونيو/حزيران الماضي، وصرمان وصبراته، الأسبوع الماضي، ما جعل حفتر يعول على ترهونة ومليشياتها.

وخلال عام كامل من عدوان حفتر على العاصمة، تمكن من بناء مهابط جوية مؤقتة في المدينة لتوفير الدعم العسكري لمقاتلي مليشياتها، كما أنه وصلها بخطوط إمداد برية تصلها عبر طريق طويل مار بجنوب بني وليد ونسمة ومزدة وصولا بقاعدة الجفرة التي نقل إليها حفتر غرفة عملياته الرئيسية بعد سقوط غريان، نهاية يونيو من العام الماضي.

المساهمون