مضى ما يقارب العامين على الفضيحة التي طاولت الكوميدي الأميركي لويس سي. كاي (Louis C.K.)، اختفى إثرها عن الأنظار وفقد أغلب العقود التي كان قد أبرمها. منذ ذاك التاريخ، حاول سي. كاي العودة إلى الساحة الفنّية، في ظل آراء متباينة، بعضها يرى أن عليه أن يختفي إلى الأبد عقوبة على ما فعله، والبعض الآخر يقول إنه دفع الثمن ونال عقوبته الجماهيريّة، ولا يجب علينا أن ننفيه كليّاً، وهذا ما كان يراهن عليه سي. كاي، الذي غادر الولايات المتحدة وأقام عروضاً في بولندا وفرنسا. وعند عودته إلى أميركا، تسرّب تسجيل صوتي لأول أداء كوميدي قام به في أحد النوادي، ربما كتمهيد لعودته إلى الساحة.
المحاولات الخجولة السابقة انتهت، أخيراً، ببث أداء "SINCERELY LOUIS CK" على موقع سي. كاي الخاص، ويمكن شراؤه بمبلغ زهيد (7.99$) ومشاهدته من المنزل. هذا الأسلوب في النشر كان قد سبق لسي. كاي الحديث عنه، وعن رغبته بالتحرر من سطوة شبكات التوزيع ومخاطبة المستهلك مباشرة. وهنا نقع في تناقض، هل "ندفع" لنشاهد، بالتالي نساهم بعودة شخص "شرير" إلى العمل؟ أو نتجاهل الأمر ولا نشاهد؟ خصوصاً أن سي. كاي لم يُدن قضائياً، وفعله بالرغم من كونه مشيناً إلا أنه لا يزال محط جدل، إذ قام بالاستمناء أمام إحداهن بعدما طلب إذنها ووافقت. سنتجاوز الإشكالية الأخلاقية والثقافيّة هنا، ونحاول فهم أسلوب عودة "الشرير" إلى العمل، الذي صرح بأنه بالرغم مما يمر به العالم من أوقات عصيبة، لا يمكن الاستغناء عن الكوميديا.
يظهر سي. كاي خجولاً نوعاً ما. يبدأ أداؤه بسؤال عن السنتين الماضيتين، وهل من أحد ما واجه "فضيحة عالميّة" كما حصل معه؟ ليبدأ بعدها بسلسلة من النكات الإشكاليّة حول العنصرية و"المتأخرين عقلياً" والأطفال الرضّع، وكأنّه يختبر إن كان لا يزال يتمتّع بذات القدرة على انتهاك الحدود الثقافية. الاختلاف عن السابق هو اعتذاره بخجل بعد بعض النكات، لكنه بعكس ما سبق، لا يتحدث بشخصية مفرطة عن نفسه، يدور حول الموضوع وينتقل من نكتة إلى أخرى من دون أن تكون هناك حكاية كبرى يدور حولها العرض، مُستعيداً بعض النكات الماضية التي ألقاها مغيّراً نهايتها، مركّزاً على "التقليد" مثلاً الذي سبق له أن قال إنه لا يجيده، وكأن الكلّ ينتظر أن يتحدث عن "القضيّة"، وهذا ما يراهن عليه، "التشويق" بخصوص ما حدث، ويستمر الأمر كذلك حتى منتصف العرض، الذي يتناول فيه "القضية" عبر تفاصيل صغيرة، كتركه لأميركا، وخسارته الماليّة، وحياته في فرنسا مع صديقته الجديدة التي تمتلك "شفقةً وحساً عالياً بالكوميديا" كي ترضى أن تكون معه.
يصل سي. كاي إلى "القضيّة" وهو يعلم أن الجمهور بانتظار أن يتحدث عنها، لا ينكر ما قام به، بل يقدم نصيحة "لا يمكن لأحد غيره في العالم أن يقدمها" وهي، اسأل مراراً من تقوم أمامه بـ"ما تحب"، كون الأمر يحتاج تأكيداً دائماً، والبعض لا يكون واضحاً في ذلك، لينتقل بعدها إلى الإحراج العلنيّ الذي شهده، لدرجة أن باراك أوباما يعلم "ما يحبّ" سي. كي، وهنا يظهر خجل سي. كاي مرة أخرى، هو يحاول أن "يقوم بعمله فقط"، مختبراً ردود فعل الجمهور، من دون الإغراق في لومه والسخرية منه كما هي عادته سابقاً. مع ذلك، لم يتغير أسلوبه في توظيف البذاءة والإحراج الاجتماعي الشديد لوصف المواقف المضحكة، لكن المثير للاهتمام أن "النساء" في العرض يحضرن فقط بصورة والدته الميتة وصديقته الفرنسيّة، لا تعميمات إشكاليّة أو مقاربات لأنماط سوى تلك المفرطة في لطفها.
اقــرأ أيضاً
تخطر لنا حين نشاهد سي. كاي المقارنة بكيفين سبايسي الذي أيضاً لم يُدن قضائياً، وظهر بعد الفضيحة مرتين ضمن فيديوهات على يوتوب يؤدّي دور فرانك أندروود ويستخدم الشخصيّة المتخيلة التي يؤديها ليعلق على ما يحدث في الواقع، وبعدها ظهر يلقي قصيدة في صالون فنّي في إيطاليا، من دون أن يحيل مباشرة إلى "القضيّة"، بعكس ما قام به سي. كاي، الذي يحيل إلى نفسه ويعلق على ما حدث، لا بوصفه تحدياً للجمهور أو شكلاً من أشكال فن الأداء، بل مشكلة دفع ثمنها ملايين حسب تعبيره، ولا يمكن له تفاديها.
المحاولات الخجولة السابقة انتهت، أخيراً، ببث أداء "SINCERELY LOUIS CK" على موقع سي. كاي الخاص، ويمكن شراؤه بمبلغ زهيد (7.99$) ومشاهدته من المنزل. هذا الأسلوب في النشر كان قد سبق لسي. كاي الحديث عنه، وعن رغبته بالتحرر من سطوة شبكات التوزيع ومخاطبة المستهلك مباشرة. وهنا نقع في تناقض، هل "ندفع" لنشاهد، بالتالي نساهم بعودة شخص "شرير" إلى العمل؟ أو نتجاهل الأمر ولا نشاهد؟ خصوصاً أن سي. كاي لم يُدن قضائياً، وفعله بالرغم من كونه مشيناً إلا أنه لا يزال محط جدل، إذ قام بالاستمناء أمام إحداهن بعدما طلب إذنها ووافقت. سنتجاوز الإشكالية الأخلاقية والثقافيّة هنا، ونحاول فهم أسلوب عودة "الشرير" إلى العمل، الذي صرح بأنه بالرغم مما يمر به العالم من أوقات عصيبة، لا يمكن الاستغناء عن الكوميديا.
يظهر سي. كاي خجولاً نوعاً ما. يبدأ أداؤه بسؤال عن السنتين الماضيتين، وهل من أحد ما واجه "فضيحة عالميّة" كما حصل معه؟ ليبدأ بعدها بسلسلة من النكات الإشكاليّة حول العنصرية و"المتأخرين عقلياً" والأطفال الرضّع، وكأنّه يختبر إن كان لا يزال يتمتّع بذات القدرة على انتهاك الحدود الثقافية. الاختلاف عن السابق هو اعتذاره بخجل بعد بعض النكات، لكنه بعكس ما سبق، لا يتحدث بشخصية مفرطة عن نفسه، يدور حول الموضوع وينتقل من نكتة إلى أخرى من دون أن تكون هناك حكاية كبرى يدور حولها العرض، مُستعيداً بعض النكات الماضية التي ألقاها مغيّراً نهايتها، مركّزاً على "التقليد" مثلاً الذي سبق له أن قال إنه لا يجيده، وكأن الكلّ ينتظر أن يتحدث عن "القضيّة"، وهذا ما يراهن عليه، "التشويق" بخصوص ما حدث، ويستمر الأمر كذلك حتى منتصف العرض، الذي يتناول فيه "القضية" عبر تفاصيل صغيرة، كتركه لأميركا، وخسارته الماليّة، وحياته في فرنسا مع صديقته الجديدة التي تمتلك "شفقةً وحساً عالياً بالكوميديا" كي ترضى أن تكون معه.
يصل سي. كاي إلى "القضيّة" وهو يعلم أن الجمهور بانتظار أن يتحدث عنها، لا ينكر ما قام به، بل يقدم نصيحة "لا يمكن لأحد غيره في العالم أن يقدمها" وهي، اسأل مراراً من تقوم أمامه بـ"ما تحب"، كون الأمر يحتاج تأكيداً دائماً، والبعض لا يكون واضحاً في ذلك، لينتقل بعدها إلى الإحراج العلنيّ الذي شهده، لدرجة أن باراك أوباما يعلم "ما يحبّ" سي. كي، وهنا يظهر خجل سي. كاي مرة أخرى، هو يحاول أن "يقوم بعمله فقط"، مختبراً ردود فعل الجمهور، من دون الإغراق في لومه والسخرية منه كما هي عادته سابقاً. مع ذلك، لم يتغير أسلوبه في توظيف البذاءة والإحراج الاجتماعي الشديد لوصف المواقف المضحكة، لكن المثير للاهتمام أن "النساء" في العرض يحضرن فقط بصورة والدته الميتة وصديقته الفرنسيّة، لا تعميمات إشكاليّة أو مقاربات لأنماط سوى تلك المفرطة في لطفها.
تخطر لنا حين نشاهد سي. كاي المقارنة بكيفين سبايسي الذي أيضاً لم يُدن قضائياً، وظهر بعد الفضيحة مرتين ضمن فيديوهات على يوتوب يؤدّي دور فرانك أندروود ويستخدم الشخصيّة المتخيلة التي يؤديها ليعلق على ما يحدث في الواقع، وبعدها ظهر يلقي قصيدة في صالون فنّي في إيطاليا، من دون أن يحيل مباشرة إلى "القضيّة"، بعكس ما قام به سي. كاي، الذي يحيل إلى نفسه ويعلق على ما حدث، لا بوصفه تحدياً للجمهور أو شكلاً من أشكال فن الأداء، بل مشكلة دفع ثمنها ملايين حسب تعبيره، ولا يمكن له تفاديها.