يأتي ذلك مع استمرار قوى سياسية مؤثرة في البلاد بتحذير الحكومة من مغبة قبول تحويل العراق إلى غوانتنامو جديد، مؤكدين أن الحكومة مخولة بتسلم من يحمل الجنسية العراقية فقط.
وبحسب تصريحات لوزير الخارجية الفرنسي، فإنه سيتوجه إلى العراق بعد فترة قصيرة للتحدث مع جميع اللاعبين الأساسيين، ومن بينهم الأكراد، مضيفا أنه "يجب أن نعمل مع السلطات العراقية لإيجاد سبل من أجل إقامة آلية قضائية من شأنها محاكمة جميع هؤلاء المقاتلين، وبينهم حتما المقاتلون الفرنسيون (...) ومحاكمة الذين ستتكفل بهم القوات العراقية". وتابع "هذا ما سنبحثه مع السلطات العراقية"، من غير أن يوضح تاريخ زيارته المزمعة لبغداد.
لكن مسؤولا في الخارجية العراقية قال لـ"العربي الجديد"، في اتصال هاتفي معه، إن "الوزير الفرنسي سيصل إلى بغداد خلال يومين مع وفد أمني رفيع برفقته لحسم المباحثات حول معتقلي داعش الأجانب الموجودين لدى قسد"، وأضاف "بالنسبة للدول الأوروبية والغربية بشكل عام، لا يعنيهم غير ألفين إلى ثلاثة آلاف مقاتل من داعش من جنسيات أوروبية وغربية".
ولفت إلى أن باريس تسعى لإقناع العراق بقبول وضع المقاتلين الأجانب في معتقلاته مقابل منح مالية ومساعدات والتكفل ببناء سجون محصنة وآمنة ضمن مشروع مبادرة تتشارك فيه عدة دول غربية.
من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي سعران عبيد، إلى أن دخول عناصر التنظيم إلى العراق فيه كثير من المخاطرة، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، وجود رأيين مختلفين بهذا الخصوص.
وأشار إلى وجود فريق يؤيد دخول معتقلي "داعش" إلى العراق من أجل ضمان محاكمتهم والاقتصاص منهم وفقا للقانون، لافتا إلى وجود رأي آخر مختلف يرفض تسلمهم بسبب المخاطر المتوقعة التي قد ترافق ذلك، معتبرا أن الأحداث في مناطق شمال سورية تلقي بظلالها على العراق بسرعة.
وبيّن أن القوات العراقية على الحدود دخلت في حالة التأهب لمنع أي محاولات لعناصر "داعش" لدخول العراق، موضحا أن المعتقلين من مقاتلي التنظيم الذين يمكن أن يسلموا للجانب العراقي سيتم إخضاعهم لعمليات تدقيق من قبل المخابرات وجهاز الأمن الوطني والأجهزة الاستخبارية في وزارتي الدفاع والداخلية، إلا أن الخشية تكمن في تسرب غير رسمي للإرهابيين من الحدود مع سورية إلى داخل محافظة نينوى.
في المقابل، أكد عضو التيار الصدري محمد الدراجي، أن "العراق ليس حقل تجارب ولا يمكن أن يتحول لغوانتنامو جديد"، وأضاف متحدثا لـ"العربي الجديد": "من المفترض على الحكومة أن تكون أكثر شفافية وأن توازن المصلحة العامة، ووجود هؤلاء داخل العراق لا مصلحة فيه، إلا أنه خدمة يقدمها العراق لدول غربية".
وقال عضو البرلمان العراقي السابق، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، إن العراق لن يقبل بنقل عناصر "داعش" إلى أراضيه، مؤكدا في تغريدة على "تويتر،" أن الحل الواقعي لمسألة "الدواعش" المعتقلين في سجون "قسد" هو "إجراء محاكمات سريعة لهم وإعدامهم، وفي حال معارضة الأميركيين والأوروبيين ذلك فعليهم استقبالهم في سجونهم".
وتابع: "لن نقبل بإيداع من قتل رجالنا وخطف أطفالنا وسبى نساءنا في سجوننا وكأنهم في حقول تسمين".
ونشر حساب مقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الثلاثاء، معلومات قال فيها إنّ "هناك من يحاول إدخال 13 ألف داعشي إلى العراق لبدء حرب جديدة".
وأضاف الحساب المعروف باسم صالح محمد العراقي، ويعتقد على نحو واسع أن مقتدى الصدر هو من يديره أو أحد المقربين منه، أن "الفاسدين يحاولون إدخال 13 ألف عنصر أجنبي من داعش إلى العراق ليبنوا لهم مخيمات فيسرقون أموالها أولاً، ثم يهربونهم، فيفتعلون حرباً جديدة ليثبتوا كراسيهم". وتابع "ذلك يحدث بمسمع من رئيس مجلس الوزراء"، متسائلاً بالقول "أفلا يتدبر؟".
ويقبع حوالي 12 ألف مقاتل من تنظيم "داعش" في السجون التي تسيطر عليها المليشيات الكردية، بينهم نحو 3 آلاف من جنسيات غربية، فيما يعيش في مخيمات النازحين في شمال شرق سورية قرابة 39 ألفا يصنفون على أنهم أسر مقاتلي "داعش"، بينهم أكثر من 8 آلاف من جنسيات أجنبية.
وكان الجانب العراقي قد وافق على قبول نقل 10 عناصر من تنظيم "داعش" يحملون الجنسية الفرنسية في يناير/كانون الثاني الماضي كانوا بحوزة مليشيات "قسد"، وذلك بعد اعتبارهم متورطين بجرائم داخل العراق وينطبق عليهم القانون العراقي المتضمن ملاحقة ومحاكمة المتورطين بعمليات إرهابية داخل الأراضي العراقية.