لم تكن أمي بخار البيلسان

06 سبتمبر 2018
نصر عبد العزيز/ فلسطين
+ الخط -

لتأخذ ما تريد وترتفع
لتأخذ ما تريد من الرعاة على مسارات الخلود/ على دبيب الآخرة
وعلى متون الله حيث الأنبياء بلا أيائل
أمي فضاء شاحب لا يمتطي فرساً من الأبنوس
ولا يأبى السلام على الجحيم كمثل صمتي في الهواء
أمي وتلك بدايتي وأضواني التطلع للصدى
حجلاً وطار من الندى
وحط على يديها كالرصاص
أمي ورائي في الغياب
حدودها الموتى الذين تبادلوا سحر البنفسج
واستقروا في الغبار على ضفاف الروح أو كنه الرياح المرسلة
أمي
هل أشتهي موتي لتصعد في الصدى وأنوب عنها في الدخان
أمي وقد نهضت وقالت للردى:
ليس لي زمني لأبكي في الغدير على وشاح لفّني في غربتي
أو ليلتي الأولى على غبش المذاهب والسعير
أمي
وفي خدري ستبرأ من أسايّ وتستغيث بربها:
لا تزرْ موتي وتبكي ثم تبحر في الحداد
هل كنت خلف المصطفى سجعاً لتسقط سيرتي في حيرتي
وأقول أمي يا إله العالمين لشد أزري:
دثريني في الرماد كمثل مريم،
زمّليني زمليني
أمي لتأخذ ما تريد وترتفع
لتأخذ ما تريد وترتفع


أمي
في كفها خطّ الرجوع ألى البلاد
وبرتقال العائدين/ غرائز التفاح والأمواج في يافا
وماضي اللد والصبار والمغزى الأخير
وما يفوق عروبتي كمداً وذكرى
أمي كيف كنّا في رام الله
كيف تُهنا في أريحا
كيف أحببنا جنين
وكيف بعثرنا العرب
أمي تجلي واصعدي
عرساً يذبّ عن الرياح الهمزتين من فرح النبيذ
أمي تجلّي واصعدي
وتحللي من غربتي
من أمتي
من عيرها ونفيرها
من عبدها وعبيدها
من ثلجها وسعيرها
وتغمديني وارتقي
فهناك ربك يا رضية فارجعي
واطمئني في البياض
ووسعي مترين من حجر التوسد والمدى
لتنام فيك كواكبي وبلادك التي ذهبت سدى
أمي وقالت في الوداع لبكرها:
هاشم؛ هذا وذاك مفتاح البيوت وصورة العرس المصغر والمصاغ
ورسم حبيبها قبل الزواج
أمي! وهل أحببت فرداً من شمال العائلة؟
- أحببت مثل ولادتي
واللقاء على يمين الياسمين
هوى ماجد
ذوى خالد
بكى عوني
وأبكاني محمد – آخر الأبرار عنقود الرحيل –
أمي وقد ذهب الشباب
وانهال التراب على التراب
هل جنتي وتر وأحيائي خراب...
وأمي...
لم تكن أمي بخار البيلسان لضبط صنوجها في خاطري
أمي هل جنّتي عدم
وأحبابي يباب
هل مت فيك من الأسى وصعدت فيك من الردى
وأنت أعلى من سمائي في السحاب

المساهمون