23 أكتوبر 2024
لماذا يقلق ترامب إيران؟
بسبب المعارضة الشديدة التي أبداها كبار مساعديه، خصوصا وزيرا الخارجية ريكس تيلرسون والدفاع جيمس ماتيس، لم يصل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى حد إعلان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، كما كان تعهد في حملته الانتخابية. مع ذلك، فإن جملة الإجراءات التي يهدّد باتخاذها، أو هو بصدد اتخاذها، ضد طهران تعد كافيةً لجعل الاتفاق النووي عديم القيمة، من وجهة نظر إيران، أو جزء معتبر من نخبتها الحاكمة. وبعكس الرئيس السابق، باراك أوباما، الذي ركز على برنامج إيران النووي، يتجه ترامب إلى التركيز على نفوذها الإقليمي ونقاط قوتها التقليدية، خصوصا برنامجها الصاروخي الذي رفضت إيران إدراجه على طاولة البحث مع الغرب، إضافة إلى الحرس الثوري الذي يعد ذراع إيران الإقليمية الضاربة، والمسؤول عن سياستها الأمنية والخارجية في المنطقة العربية (سورية، العراق، لبنان، اليمن)، ومن ضمنه أيضاً حزب الله اللبناني الذي بدأت الحملة تشتد عليه أخيرا. وإذا قام ترامب فوق ذلك بتشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، أو إعادة بعض منها، فذلك يعني أيضا إضعاف قدرتها على تمويل برامجها الصاروخية وعملياتها الخارجية، بما في ذلك نشاطات الحرس الثوري، خصوصا فيلق القدس الذي يقوده قاسم سليماني، وكذلك حزب الله اللبناني.
عندما جرى التوصل إلى الاتفاق المرحلي بشأن برنامج إيران النووي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، كانت تقديرات الأجهزة الاستخباراتية الغربية أن إيران لا تبعد سوى شهرين عن امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي. لكن واقع الحال كان يفيد بأن البرنامج النووي الإيراني، الذي ظل منذ كشفت المعارضة الإيرانية عن وجوده عام 2002، يبعد أشهرا عن امتلاك هذه القدرة، لم يكن سوى وسيلة لاستدراج الغرب إلى الاعتراف بالنظام الإيراني، ولرفع العقوبات الاقتصادية التي اشتدت على الأخير، بعد صدور قرار مجلس الأمن 1929 لعام 2010، وبلغت ذروتها مع عقوبات إدارة أوباما عام 2012، وأيضا للحصول على اعتراف أميركي تحديدا بنفوذ إيران الاقليمي.
مع انتخاب حسن روحاني رئيسا صيف 2013، كان على النظام الإيراني أن يقرّر أنه حان التخلي عن البرنامج النووي، الذي أخذ يستنفد الغرض منه أداة لجعل إيران دولة إقليمية مهيمنة، وأخذ يتحول إلى عبء يمكن أن يهدد ليس فقط مشروعها الإقليمي، بل النظام نفسه. في هذه اللحظة التي بلغت فيها الضغوط الاقتصادية والسياسية مداها، قرّر مرشد الثورة، والنخبة الحاكمة المحيطة به، أنه حان وقت التخلي عن البرنامج النووي، وحصاد ثمار أكثر من عقد من الاستثمار في بناء النفوذ الإقليمي الذي بدأ مع الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001، ثم العراق عام 2003.
بدا أوباما الذي كان مستعجلا لإنفاذ وعوده بالخروج من العراق عام 2011، وأفغانستان عام 2014، بدا مستعداً لإعطاء إيران ما تريده مقابل التخلي عن برنامجها النووي الذي أراد أن يجعل من اتفاقٍ حوله إرثاً رئاسياً خاصا به، ولقاء مساعدته أيضا في تهدئة الأوضاع في العراق وأفغانستان، حتى يتمكن من الانسحاب بهدوء. كانت إيران، في المقابل، مستعدة لإعطاء أوباما ما يريده في مقابل الحصول على اعترافٍ بنظامها ورفع العقوبات القاتلة عنها، والإقرار بنفوذها الإقليمي. وهكذا حصلت الصفقة المجزية إيرانيا: النووي مقابل النفوذ الإقليمي، الأداة مقابل الهدف.
حتى وقت قريب، كانت إيران مطمئنة إلى أن الاتفاق النووي يضمن لها هذه الصفقة، فالاعتراف بالنظام حصل ضمنيا من خلاله، وجرى تصديقه من أعلى هيئة دولية (مجلس الأمن)، أما العقوبات فقد تمت إزالة كثير منها، المتصلة خصوصا بالملف النووي، في حين بقيت العقوبات المتصلة باتهامات الإرهاب. أما النفوذ الإقليمي فقد جرى الإقرار به، وإن بات على إيران أن تتقاسمه مع قوى أخرى في المنطقة، مثل روسيا وتركيا وأميركا.
مع ترامب، باتت كل الإنجازات التي حققتها إيران من وراء صفقة النووي في مهب الريح، فالرئيس الخلف المحكوم بعقلية القضاء على إرث السلف يريد من بين ما يريده استئصال نفوذ إيران الإقليمي، عبر استهداف أدواته ومقومات استمراره. لهذا السبب، تقلق إيران، فقد دفعت الثمن لكن البضاعة مهددة. هل هذا خبر جيد للعرب أم سيئ؟ يعتمد أي عرب نقصد!
عندما جرى التوصل إلى الاتفاق المرحلي بشأن برنامج إيران النووي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، كانت تقديرات الأجهزة الاستخباراتية الغربية أن إيران لا تبعد سوى شهرين عن امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي. لكن واقع الحال كان يفيد بأن البرنامج النووي الإيراني، الذي ظل منذ كشفت المعارضة الإيرانية عن وجوده عام 2002، يبعد أشهرا عن امتلاك هذه القدرة، لم يكن سوى وسيلة لاستدراج الغرب إلى الاعتراف بالنظام الإيراني، ولرفع العقوبات الاقتصادية التي اشتدت على الأخير، بعد صدور قرار مجلس الأمن 1929 لعام 2010، وبلغت ذروتها مع عقوبات إدارة أوباما عام 2012، وأيضا للحصول على اعتراف أميركي تحديدا بنفوذ إيران الاقليمي.
مع انتخاب حسن روحاني رئيسا صيف 2013، كان على النظام الإيراني أن يقرّر أنه حان التخلي عن البرنامج النووي، الذي أخذ يستنفد الغرض منه أداة لجعل إيران دولة إقليمية مهيمنة، وأخذ يتحول إلى عبء يمكن أن يهدد ليس فقط مشروعها الإقليمي، بل النظام نفسه. في هذه اللحظة التي بلغت فيها الضغوط الاقتصادية والسياسية مداها، قرّر مرشد الثورة، والنخبة الحاكمة المحيطة به، أنه حان وقت التخلي عن البرنامج النووي، وحصاد ثمار أكثر من عقد من الاستثمار في بناء النفوذ الإقليمي الذي بدأ مع الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001، ثم العراق عام 2003.
بدا أوباما الذي كان مستعجلا لإنفاذ وعوده بالخروج من العراق عام 2011، وأفغانستان عام 2014، بدا مستعداً لإعطاء إيران ما تريده مقابل التخلي عن برنامجها النووي الذي أراد أن يجعل من اتفاقٍ حوله إرثاً رئاسياً خاصا به، ولقاء مساعدته أيضا في تهدئة الأوضاع في العراق وأفغانستان، حتى يتمكن من الانسحاب بهدوء. كانت إيران، في المقابل، مستعدة لإعطاء أوباما ما يريده في مقابل الحصول على اعترافٍ بنظامها ورفع العقوبات القاتلة عنها، والإقرار بنفوذها الإقليمي. وهكذا حصلت الصفقة المجزية إيرانيا: النووي مقابل النفوذ الإقليمي، الأداة مقابل الهدف.
حتى وقت قريب، كانت إيران مطمئنة إلى أن الاتفاق النووي يضمن لها هذه الصفقة، فالاعتراف بالنظام حصل ضمنيا من خلاله، وجرى تصديقه من أعلى هيئة دولية (مجلس الأمن)، أما العقوبات فقد تمت إزالة كثير منها، المتصلة خصوصا بالملف النووي، في حين بقيت العقوبات المتصلة باتهامات الإرهاب. أما النفوذ الإقليمي فقد جرى الإقرار به، وإن بات على إيران أن تتقاسمه مع قوى أخرى في المنطقة، مثل روسيا وتركيا وأميركا.
مع ترامب، باتت كل الإنجازات التي حققتها إيران من وراء صفقة النووي في مهب الريح، فالرئيس الخلف المحكوم بعقلية القضاء على إرث السلف يريد من بين ما يريده استئصال نفوذ إيران الإقليمي، عبر استهداف أدواته ومقومات استمراره. لهذا السبب، تقلق إيران، فقد دفعت الثمن لكن البضاعة مهددة. هل هذا خبر جيد للعرب أم سيئ؟ يعتمد أي عرب نقصد!