للمياه أسنان تفتحها مع الغرق

12 نوفمبر 2017
ريميخيو فالديس دي هويوس/ المكسيك
+ الخط -

نظرية في حياكة العويل

حائكٌ لدموع النّسوة
إذ يلهجنَ بأسماء أبنائهنَّ الغرقى
حائكٌ للّهجات المشتبكة
والعصية على الفهم
حائكٌ للجوع المتقافز من غَمِّ البحيرات
حائكٌ للروائح
إذ تصفر عند جزها
المتنافذة عبر الأديم
حائكٌ لخيالك المزروع في ذاكرتي
حائكٌ للثمالة بمخيط الشوارع
فيحيكني الرديء.


■ ■ ■


نحن سكّان المرّيخ

نحن سكّان المرّيخ
نرى الأرض على هيئة حوادث وانفجاراتٍ
نرقبها بكثير من الانفعال
كل هذا ويجيئون ليعيشوا هنا
نعم نختبئ حال وصول أي مركبة فضائية
حتى لا تتكرّر أفعالكم الطفيلية فينا
نحن السّكنة المجرّدون من الألم
بدأنا نحبس البوح
نرشّه على علبٍ حمراء
لا نكترث للشمس
نبرمج دموع الأرضيين
لنحشد انسجامنا بسباياكم.


■ ■ ■


غُبارٌ مُتَطايِرٌ مِنَ الـ دَّم

تشوغُ يداي حين أتمتمُ باسمكِ
"أتَكمكشُ" بصوتِكِ في نَافذةِ الصَّبر
وأصبّرُ النّظر على الفراق
أنا المزارعُ أُجرجرُ آهات
وأستزرعُها
أشجاراً
يوميةً لتنمو في رأسي
أنا السجينُ السجينُ السجينُ الحرُّ السجينُ أخلع قُبّعتي نهاراً وألبسُها بعد منتصفِ الدَّمع. لأفيءَ اليرقاتَ النابتةَ في حواسيبِ الأدمغةِ. أنا السجينُ أُخبِّئُ مظلّتي وأضع الوشم على ظهرِ دجاجةٍ مسفوكة الدم. أنا السجينُ المتوحّدُ المؤمّلُ القابعُ في جوفِ الانعزالِ أوضّبُ وريقاتَ جسدي وأنثرُها في كَومةِ أحاسيسِ العهرِ المتجعّدِ في خلجاتِنا.
تلك هي الينابيعُ الأولى لسيرنِا فوق الغيم
هناك شاهدنا ملثّمينَ أيضاً يزعزعونَ سيرَ الأفرادِ
ينثّونَ هرولاتهم على طوابيرِ الانصياع
في الطرف الآخر
ينظرُ لهم البوليسُ ويَبْتَسِمُ
صغاراً كنّا نلهثُ وراءَ فتافيت
من العتمة
لنبرقْ.


■ ■ ■


مياه داخل قيعان محايدة

داخل البارجة، من الممتع حقاً أن تعرف أسماء المحركات وتكتشف العالم الداخلي، غير أنه من السيئ دخولك في عالم المحيط وأنت تقود هذا الكم الكبير من الحديد بلا أي محرك، إننا نبلغ الآن عمق البحر والموج يرتّل انشطاره علينا، لا يمكن أن نقيس خفوت أنفاسنا المرعوبة من هول المياه وخبايا اللحظة، إنَّ التفحّم بالنار مقاربٌ إلى الغرق المشنوق بِخصل المياه، أتذكر أفراداً حبذوا الموت داخل تباريح المياه ولأن المياه هي المكان الأكثر بصيرة للعيون كونها ستشبع الميت بما يكفيه ليوم القيامة، للمياه أيادٍ قذرة، للمياه مخلوقات ترفع العتمة، للمياه عشب يتناثر فيولد كمّاً كبيراً من الرياح، للمياه ذوات مختلفة اللون تتزحلق على أبدان تعصر استعارتها، للمياه مراكب تلملم أنوفها عند أول حاسة شمٍّ ترقبها، للمياه أغلفة زجاجية، للمياه حقائب معدنية – جلدية، للمياه أسنان تفتحها مع الغرق.


■ ■ ■


أبو حديبة

يتردّدُ فيَّ الكثير من الأشياء أهمّها أننا كنّا ذات لحيظةٍ نعيش الذاكرة كذات جدّي
هل الصورة صديقتي الآن؟
أقلِّبُها في كل الاتجاهات
حتى أتلمس حركاتك الغائبة
لا نار بإمكانها أن تسلب ضحكتك الصافية
وتضاريس وجهك الورقي
لا فجيعة تكتوي بتراتيل مختلفة الطّول
لا فرج بإمكانه أن يدحس الغبش في
زجاج عيونك
وأنت ترعد
وأنت تتملصُ من الحياة
كان عليك أن تخبرنا بذلك
فكيف علينا أن نودعك؟
ها أنت تكرّر الخطأ ذاته مرتين
إذ تنزع أجفان محبّيك
وتجمعها في حقيبة موتك
أنعلنُ عن شوائك؟
أنصرخ بالدخان الصاعد النازل في أوتارك
تلمُّ كنائسك أثواب المحتاجين
وتفاصيل مُهجهم المحتارة
وتنثر مقابر في الأكفِ
الموتى لا يشعروني
لكن وجوههم الرمادية المائلة إلى الصفار
تهرسُ تجاعيد الخراب.


* شاعر من العراق

دلالات
المساهمون