لم يعد لهذا التكتل حضور إلا رمزاً في أنشطته ومجالات مغرقة في الرسمية، وحتى اللقاءات الرسمية يبدو أن لعنة أصابتها، إذ لم يجتمع رؤساء الدول منذ بضع سنوات.
لقد كان الأمل أن يسرّع الاتحاد المغاربي الخطى ويلحق بالأوروبيين الذين يجنون ثمار وحدة ذكية بعد اقتتال كبير أتى على الأخضر واليابس في القارة العجوز. إذ تطورت منطقة اليورو وأصبحت قوة اقتصادية كبرى عالميا، بصرف النظر عن أزمتها الحالية.
قد يقول قائل: "لا مقارنة مع أوروبا مع وجود الفارق". لكن ماذا عن تكتلات أفريقية، تشكّلت بعد سنوات من تأسيس الاتحاد المغاربي عام 1989، تشق طريقها في غرب وشرق القارة السمراء، تشارك فيها دول كانت إلى وقت قريب نقطاً سوداء عالمياً. أكثر منذ ذلك، صارت دولة مثل إثيوبيا تحقق نسب نمو قوية جداً.
وإذا كانت تكتلات أفريقية سارت على نهج الاتحاد الأوروبي بطي صفحة الخلافات والحروب والعمل على إرساء دعائم تعاون اقتصادي متين يؤسس لتكتل سياسي مهاب الجانب، فإن الاتحاد المغاربي ظل أسير صراعات سياسية بمثابة فيروسات مقاومة للوحدة والاندماج الاقتصادي. ورغم أن تونس تحيي، بربيعها المزهر، الأمل في انبعاث المغاربيين، فإن الأوضاع في ليبيا تشعل النار في هذا الأمل. أما المغرب والجزائر، فبين توتر وقطيعة تتخللهما مجاملات، على قلتها. فيما موريتانيا تكتفي بالمراقبة.
الغريب أن تفعيل الوحدة المغاربية، اقتصاديا تحديدا، أصبح مطلبا دوليا. فقد حثّ صندوق النقد الدولي الحكومات المغاربية، أكثر من مرة، على التعجيل بالاندماج الاقتصادي. وقالت المدير العام للصندوق كريستين لاجارد، مطلع العام، في مدينة مراكش، مهد الاتحاد، إن الاندماج سيمكن الدول المغاربية من رفع الناتج المحلي بنحو 2 إلى 3% سنويا.
لا شك أن توتر العلاقات المغربية الجزائرية كان أكبر عقبة أمام الاتحاد قبل أزمة ليبيا. ولذلك، يشكل توافق الرباط والجزائر أهم خطوة في اتجاه الاندماج الاقتصادي.
لاجارد رأت أنه سيكون مناسباً، في ظل الجمود الحالي، البدء بفتح الحدود وإلغاء جميع الحواجز الجمركية. التجارة البينية قد تحل المشاكل الطاقية للمغرب وتونس وتمكن المغاربيين من منتجات الزراعة في المغرب، وتسهم في دعم الاقتصاد التونسي، والارتقاء بمعيشة الموريتانيين.
يبدو هذا التصوير المقتضب أضغاث أحلام. هكذا وصف في تجارب سابقة على غرار الاتحاد الأوروبي، قبل أن يتحقق واقعا بشكل فاق التوقعات.