أقرت السلطات الجزائرية إجراءات جديدة بمنح التأشيرات في المطار ورحلات جوية دولية مباشرة، في محاولة لجذب السياح الأجانب خصوصاً نحو المناطق الجنوبية في إطار موسم السياحة الصحراوية الذي يستمر حتى بدايات الربيع المقبل، ضمن خطط حكومية لدفع القطاعات غير النفطية ومحاولة تخليص البلاد من تبعية مفرطة لإيرادات المحروقات المستمرة منذ عقود.
وبحسب بيانات رسمية، تمثل مداخيل النفط والغاز نحو 90 % من إيرادات الجزائر من النقد الأجنبي، ووصلت صادرات البلد العربي خارج المحروقات إلى ذروتها عام 2022، بنحو 7 مليارات دولار، وهو أعلى رقم في تاريخ البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962.
وعقب وصوله سدة الحكم عام 2019، تعهد الرئيس عبد المجيد تبون الذي انتخب في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي لولاية ثانية مدتها خمس سنوات، بإنعاش اقتصاد البلاد وتنويعه للتحرر من تبعية نفطية وغازية لازمته طويلاً.
رحلات مباشرة مع أوروبا
في هذا السياق حطت أول رحلة جوية مباشرة من مطار باريس شارل ديغول، بمطار جانت بأقصى جنوب شرقي الجزائر، بعد استئنافها في إطار موسم السياحة الصحراوية الذي انطلق هذا الشهر. وجاء على متن الرحلة الجوية الأولى بين باريس وجانت نحو 80 سائحاً من فرنسا، سيقومون بجولة في جبال المنطقة المعروفة بمناظرها الخلابة من جبال ووديان ورسومات حجرية ضاربة في القِدم.
وعقب وصولهم، صرح مدير السياحة بولاية جانت، ألمين حمادي، للصحافة المحلية، بأنه يتوقع زيادة كبيرة في عدد الوافدين خلال هذا الموسم، بفضل التسهيلات التي أقرتها السلطات. ولفت المتحدث إلى أن الإجراءات الجديدة تتضمن إمكانية حصول السياح الأجانب الوافدين على التأشيرة لدى وصولهم إلى المعابر الحدودية، مما يساهم في ترقية السياحة الصحراوية، وهو ما حدث مع مجموعة السياح الفرنسيين فور وصولهم إلى مطار جانت.
أرقام دون المأمول لسياحة الجزائر
وفق بيانات رسمية نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، نقلاً عن إدارة السياحة بولاية جانت، فقد شهدت المواسم السياحية الثلاثة الماضية زيادة في أعداد الوافدين الأجانب على المنطقة، إذ سجل قدوم 11 ألف سائح أجنبي من 79 جنسية، و21 ألف سائح وطني (محلي) خلال موسم 2024/2023. فيما بلغ عدد السياح الأجانب في الموسم الذي سبقه أي 2023/2022، 7 آلاف من 37 جنسية، و18 ألف سائح وطني، بينما سجل خلال موسم 2022/2021 توافد 5 آلاف و335 سائحاً أجنبياً.
ووفق بيانات رسمية لوزارة السياحة الجزائرية، زار البلاد 3.3 ملايين سائح في العام 2023، منهم 2.2 مليون من الأجانب والبقية من الجزائريين المغتربين في الخارج، وهو رقم ضعيف، بحسب متابعين، مقارنة بدول من المنطقة على غرار تونس، وأيضاً بالنظر إلى المقدرات التي تتوفر عليها البلاد.
وتسعى السلطات إلى جلب 12 مليون سائح في آفاق 2030، وفق ما أعلنته الوزارة قبل أشهر، خصوصاً نحو المناطق الصحراوية، والمعالم التاريخية والثقافية والدينية.
التأشيرات ترفع أعداد الأجانب
في هذا السياق، يعتقد رئيس النقابة الجزائرية لوكالات السياحة والأسفار بالنيابة، نذير بلحاج، أن الحكومة وضعت ملف السياحة ضمن إحدى أولويات تنويع اقتصاد البلاد بالنظر إلى ما تتوفر عليه البلاد من إمكانات، خصوصاً السياحة الجنوبية في الولايات الصحراوية.
وأوضح نذير بلحاج في حديث لـ "العربي الجديد"، أن الهدف على المدى البعيد هو التوفر على المنشآت الفندقية اللازمة في الصحراء التي تستطيع استيعاب السياح الأجانب الوافدين.
وأشار في هذا الشأن إلى أن وزارة الداخلية ووزارة السياحة، قد منحتا التراخيص اللازمة للاستثمار في هذا المجال وبناء منشآت فندقية تكون قادرة على رفع قدرة الاستيعاب الحالية بالنظر إلى أن الطلب حالياً يفوق بكثير العرض، وعكس المعادلة بجعل العرض أكثر من الطلب.
واعتبر المتحدث أن إقرار السلطات العليا للبلاد لإمكانية دخول السياح الأجانب من خلال الحصول على التأشيرة في المطار مقابل دفع الرسوم المطلوبة، سيكون له مفعول إيجابي على أعداد الأجانب الذين سيقصدون مختلف الولايات الصحراوية.
وعلق بالقول: "هذا الإجراء خطوة جبارة في طريق دفع السياحة الصحراوية لأنه سيسهل كثيراً قدوم السياح الأجانب خصوصاً أن الحصول على التأشيرة سابقاً كان صعباً ويتطلب الانتظار لفترات تصل 45 يوماً بينما يرفض الكثير من الأجانب انتظار هذه المدة وكانوا يصرفون النظر عن المجيء". وأضاف: "نعتقد أن منح التأشيرة في المطار للسياح الأجانب يساهم في ارتفاع أعدادهم مقارنة بالسنوات التي سبقت اعتماد هذا الإجراء".
واعتبر نذير بلحاج أن نحو 50 أو 60 % من السياح الأجانب الذين زاروا وسيزورون الجزائر، سيدخلونها عبر هذا الإجراء الجديد لمنح التأشيرة لدى الوصول في المطار. ويتوقع رئيس نقابة وكالات السياحة والأسفار بالنيابة أن يرتفع عدد الوافدين الأجانب على البلاد هذا الموسم (2024 /2025) بنحو 60 % مقارنة بالموسم الماضي (2023 /2024)، خصوصاً مع إطلاق رحلات دولية مباشرة على غرار باريس- جانت، ما يقلل كثيراً من تكاليف السفر.
وخلص بلحاج إلى أن الموسم الحالي سيكون الأحسن على الإطلاق في تاريخ السياحة الصحراوية مدفوعاً بنظام التأشيرات والرحلات الجوية المباشرة، والزيادة المتوقعة في أعداد الأجانب الوافدين.