تلقى لبنانيون عبر هواتفهم، أمس، رسالة هي عبارة عن سؤال: "مين الفلتان؟"، ليتبين لهم، اليوم الاثنين، أنها عنوان لحملة أطلقتها مؤسسة "أبعاد"، عبر لوحات إعلانية نشرت في الشوارع، حملت السؤال نفسه، وأضيفت إليها عبارة: "حاكم المغتصِب. ما تحكم عالضحية".
وتقول المحامية دانيال حويّك، إحدى مؤسسات "أبعاد"، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن "للحملة ثلاثة أهداف: الأول الضغط باتجاه تشديد العقوبات وتسريع المحاكمات بحق المعتدين في حالات العنف الجنسي والاغتصاب خصوصاً. والثاني تغيير النظرة المجتمعية التي تصم المرأة المغتصبة بالعار وتدفعها إلى التستر على الجريمة عبر خلق وعي مجتمعي، وتوجيه الاتهام للمرتكِب بدل لوم الضحية. أما الهدف الثالث فهو تشجيع الفتاة على تقديم الشكوى".
ونشرت "أبعاد" بياناً عرضت فيه أرقاماً وإحصاءات أجراها مركز الأبحاث والدراسات على عينة من نحو 1500 امرأة. وبحسب الإحصاءات، فإن واحدة من كل أربع نساء تتعرض للاعتداء الجنسيّ، 49 في المائة من تلك الاعتداءات يرتكبها أحد أفراد الأسرة أو أحد المعارف والمحيطين بالنساء. في حين تشير أرقام قوى الأمن الداخلي إلى أن نحو 13 امرأة فقط تبلغ شهرياً عن تعرضها لاعتداء جنسي، أي بمعدل ثلاث نساء أسبوعياً. كما أظهر استطلاع أجري في عام 2017 أن 80 في المائة من النساء في لبنان يعتقدن أن الموروثات الاجتماعية والثقافية تبرر الاعتداء والعنف الجنسي المرتكب ضد النساء والفتيات.
— abbas zahri (@4zahri) ٥ نوفمبر ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وتعلق حويك أثناء حديثها مع "العربي الجديد" على هذه النسبة بالقول إنها "تشير إلى معرفة النساء بالمشكلة وبالتالي خوفهن منها، ما يدفعهن للسكوت لدى تعرضهن لاعتداءات"، مضيفة أن "الجرائم التي يبلغ عنها هي التي تعرف، وفي ثقافتنا توجه عام نحو التستر أكثر من الإبلاغ، فلا بيئة حاضنة ولا داعمة تلقاها المعتدى عليها من الأهل، بل يتم وصمها، فتظلم بذلك مرتين، مرة بفعل الاغتصاب ومرة ثانية بفعل كلام الناس ومعاملتها على أنها شخص لم يعد له القيمة ذاتها قبل التعرض للاغتصاب".
— Narod G. Haroutunian (@N_Haroutunian) ٥ نوفمبر ٢٠١٨
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Narod G. Haroutunian (@N_Haroutunian) ٥ نوفمبر ٢٠١٨
|
وترى حويك أن لا عقوبات رادعة في لبنان ضد المعتدين، "وخصوصاً أن السنة السجنية باتت 9 أشهر فيخرج المغتصب بعد نحو ثلاث سنوات ونصف السنة من السجن"، معتبرة أن "الهدف من المطالبة بتشديد العقوبة ليس سجن الأفراد وإنما ردعهم لعدم ارتكاب الفعل". وتطالب حويك بمعاقبة المغتصب بالسجن المؤبد في حال كان الأب أو الأخ أو الجد، "فهذه الجريمة تقتل الفتاة، وجريمة القتل يجب أن تكون عقوبتها السجن المؤبد". تشدد حويك على ضرورة أن يترافق تشديد العقوبات مع إنشاء نظام رعاية اجتماعية "لأن معظم المعتدين من الأهل والأقرباء هم معيلون للأسرة، ما يعرض الفتاة لضغط من الأم، كما يشعرها بضرورة السكوت خشية الشعور بذنب تشريد الأسرة".
— Abbas 🇱🇧🎃 (@abs_a93) ٥ نوفمبر ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وتؤكد حويك ضرورة تشجيع المرأة على تقديم الشكوى باعتبار أن "نيل العدالة نوع من العلاج، وفي حال سكوت المرأة عن تعرضها للاغتصاب فإن الأمر سيؤذيها أكثر ولن يفارقها لسنوات. وفي حال رغبت بتقديم شكواها بعد مرور السنوات لن تستطيع ذلك، لأنها ستفقد الأدلة التي تثبت تعرضها لاعتداء".
— Hisham Tajeddine (@hishamtj86) ٥ نوفمبر ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
— aminaabdine (@aminaabdine2) ٥ نوفمبر ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ترافقت حملة "أبعاد" الإعلانية مع فيديو نشرته مؤسسة "أبعاد" عبر موقعها الإلكتروني وتناقلته وسائل التواصل الاجتماعي، هو عبارة عن موقف تمثيلي أدته إحدى الفتيات في أحد شوارع بيروت، تدعي من خلاله أنها تعرضت للاغتصاب، والهدف منه قياس نبض الشارع وطرق تعاطي الناس مع الحالة. وتبيّن من خلاله أن معظم من شاهدوا الفتاة أو تحدثوا معها ألقوا اللوم عليها، ووصفوها بأبشع الأوصاف، ووصموها بأنها سيئة الخلق.
— khodor saad (@khodor_saad) ٥ نوفمبر ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
كما عرضت الحملة شهادات لناجيات من اعتداءات جنسية روين قصصهن لـ"العربي الجديد". وتقول الناجية الأولى إنها نجت من عدة محاولات قتل، وبعد تعرضها لعنف متواصل من قبل أفراد أسرتها هربت من المنزل. لكن أحد الذين ساعدوها على الهرب من منزلها أقدم على اغتصابها أثناء نومها، وعلم أهلها بالحادثة. تروي بشجاعة قصتها قائلة: "حاول أهلي قتلي عدة مرات. في إحدى المرات حاولوا إجباري على تناول سم الفئران، لكن الجيران أنقذوني. وفي محاولة أخرى أطلقوا النار عليّ فأصبت، لكن الرصاصة كانت بعيدة عن القلب مسافة سنتيمتر واحد. مررت بفترة ألوم فيها نفسي وكنت أخشى المواجهة لكن من يتجنبها سيبقى مكسوراً وعرضة للظلم وسيضطر للمواجهة. نجحت في المواجهة، وها أنا الآن أعمل مديرة موارد بشرية لدى أحد مصممي الأزياء، وتمكنت من التواصل مجدداً مع أهلي بعد أن حققت استقلالاً مادياً، وتبين لي أنهم لا يسألون عن الشرف والعرض عندما تبدأ الفتاة في تأمين مصروف المنزل".
أما الناجية الثانية، فكانت ضحية اغتصاب زوجي، وتقول: "كنت أعاني من ممارسات زوجي، والتي كانت تسبب لي المرض والأذى جسدياً ونفسياً. لكني اعتقدت أن ما يقوم به هو حقه وأنه يحصل مع بقية الأزواج. لكن أثناء عملي مع جمعيات، انتبهت إلى أني أتعرض لظلم وعلمت أن العلاقة لا يجب أن تتم بالإجبار، ولجأت إلى إحدى المحاكم لأحل مشكلتي لكن القاضي أخبرني بأن عليّ حل مشكلتي في محكمة بلدي كوني فلسطينية قادمة من سورية".