ودون سابق إنذار أو تلميحات ممهدة، أعلن الحريري السبت الماضي، استقالته من منصبه رئيسا للوزراء، عبر خطاب متلفز من السعودية.
انقسمت آراء مسؤولين وخبراء اقتصاد، حول مدى تضرر الاقتصاد اللبناني من عدمه، إذ أكد البعض أن الاقتصاد في منأى عن أي تأثيرات سلبية في الوقت الراهن.
وفى أعقاب الاستقالة، توالت رسائل الطمأنه من الحكومة، إذ أكد حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، على استقرار سعر صرف الليرة تجاه الدولار الأميركي. وعزا سلامة ذلك، إلى ما سماها الهندسات والعمليات المالية الاستباقية التي أجراها مصرف لبنان، واحتياطات النقد الأجنبي الجيدة.
وأشار سلامة في بيان صحافي، إلى أن التعاون قائم مع القطاع المصرفي اللبناني لما فيه مصلحة البلد والاستقرار النقدي. فيما أكد وزير المالية، علي حسن خليل، أن الوضع المالي والنقدي مستقر، مستبعداً وجود خطر على الليرة. كذلك، أكد رئيس جمعية مصارف لبنان، جوزف طربيه، أن الليرة تدعمها احتياطيات ضخمة في البنك المركزي والثقة في القطاع المصرفي واستمرار عمل المؤسسات.
من جهته، اعتبر المحلل والخبير الاقتصادي، غازي وزني، أن استقالة الحريري وظروفها الغامضة ستلقي دون شك بتداعيات سلبية على الاقتصاد اللبناني. وقال وزني في حديث مع "الأناضول": إن موسم الأعياد الذي شارف على الحلول قد يتأثر مباشرة بتبعات الاستقالة، كذلك سينعكس الوضع سلباً على حياة المواطن الاستهلاكية.
وأعرب وزني عن قلقه حول إلغاء المؤتمرات الدولية والعربية والمحلية التي كان من المقرر عقدها طوال هذه الفترة وقبل حلول 2018 في عدد من الفنادق اللبنانية التي تنتظر عادة هذه الفرص لتشغيل غرفها وقاعاتها.
وأضاف وزني، أن "تراجع النمو الاقتصادي بعد الاستقالة أصبح أمراً واقعياً في ظل التوقعات بتحقيق معدلات أقل من 1% بتأكيد من صندوق النقد الدولي مؤخراً".
تأتي الاستقالة، بعد جهود لاستقرار الوضع السياسي في البلاد، والأهم بعد شهر من الإعلان عن أول موازنة للبلاد منذ 12 عاما.
في المقابل، يعد القطاع السياحي، أحد الأهداف الرئيسة للسياحة الخليجية الوافدة، التي تنتظر فترة الأعياد (بعد شهر تقريبا)، للسفر إلى بيروت كوجهة رئيسة.
من جهته، قال الأمين العام لنقابة أصحاب الفنادق في لبنان، وديع كنعان، إن النقابة تتابع تداعيات استقالة "الحريري" على القطاع بجدية بحكم مسؤوليتها عن ذلك.
وأضاف كنعان، لـ "الأناضول": وضع حجوزات الفنادق شبه طبيعي لم يتأثر حتى الساعة لا سيّما خارج موسم الذروة السياحية. وأشار إلى أن بعض الفنادق في بيروت تأثرت بشكل طفيف جداً بسبب إلغاء بعض المؤتمرات المحلية والدولية التي كانت مقررة، برعاية الرئيس المستقيل الحريري.
وأوضح كنعان أن عدد الغرف التي ألغيت حجوزاتها لا تشكّل واحدا بالألف من مجموع الغرف الفندقية التي يصل عددها رسمياً 24 ألف غرفة موزعة على 460 فندقا.
وأوضح كنعان أن معظم من ألغوا حجوزاتهم من السعوديين ويليهم كويتيون، ليس بسبب الوضع في لبنان ولكن بسبب المخاوف من الأوضاع السعودية بعد التوقيفات الأخيرة.
وفي سابقة لم تشهدها السعودية، ألقت السلطات، مساء السبت الماضي، القبض على 11 أميرا و4 وزراء حاليين وعشرات سابقين ورجال أعمال، بتهم فساد. ودعت السعودية، الخميس، رعاياها إلى مغادرة لبنان، بعد البحرين التي دعت جميع مواطنيها الموجودين في لبنان، الأحد الماضي، إلى مغادرته فورا، وعدم العودة إليه.
وأكّد كنعان أن هناك حجوزات مرتفعة ومتنوعة الجنسيات، في عدد من الفنادق اللبنانية قبل حلول أعياد الميلاد المقبلة، كما سيصل من فرنسا عدد من الرحلات الترفيهية لتمضية بعض الأيام في لبنان.
وشدد الأمين العام لنقابة أصحاب الفنادق في لبنان، على أن قطاع الفنادق بشكل خاص والسياحة بشكل عام يعتمد في موسم الأعياد على المغترب اللبناني، كما اعتمد عليه في موسم الصيف الماضي.
وبحسب الإحصائيات، فإن المغترب اللبناني شكّل في صيف 2017 نحو 70% من عدد السياح وتشغيل القطاع السياحي، يليه مباشرة المغترب السوري.
وقالت وكالة "موديز" لخدمات المستثمرين، الثلاثاء، إن استقالة الحريري قد تضر بالتصنيف الائتماني للبلاد. وأشارت في تقرير، إلى أن الاستقالة تهدد بعودة حالة الفراغ السياسي في لبنان، بعد استقرار دام لمدة عامين ونصف العام.
ولفتت "موديز" إلى أن "أي فقدان للثقة في النظام المصرفي أو في استقرار المؤسسات اللبنانية، يؤدي إلى تباطؤ حاد في تدفقات ودائع القطاع الخاص أو إلى نزوح صريح للأموال إلى الخارج ما سيكون له أثر ائتماني سلبي".
وكان حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، قال الثلاثاء، إن احتياطيات العملات الأجنبية التي يحتاج لها البنك المركزي للحفاظ على الليرة مستقرة أمام الدولار الأميركي في المستقبل المنظور.
وشرح "تبلغ الاحتياطيات لدى المصرف المركزي 44.3 مليار دولار، وهذا مستوى قياسي مرتفع، هذه العمليات ساهمت في زيادة الأصول الدولارية لدى المصرف المركزي".
(الأناضول، العربي الجديد)