كومة أحجار

27 ابريل 2015
مانا نيستاني / إيران
+ الخط -

ليس الجدل النقدي إلاّ حالة من النضج الذي يطال مشهداً أدبياً ونقدياً في مجتمع من المجتمعات، بل هو من صميم الوعي النقدي الذي هو آلية من آليات إنتاج المعرفة، وإنتاج المجاوزة الابداعية.

في الجزائر، يُساء تأويل مفهوم "الجدل النقدي" وممارسته، فكثيراً ما يتحوّل الجدل إلى نوع من النزاع الشخصي بين روائيين أو شعراء أو نقاد أو بينهم جميعاً، فتفقد الكلمة عمقها الاختلافي، لتتحول إلى مجرد كومة من الأحجار يتراشقها المتصارعون من دون أي اعتبار لشرف الجدل.

وقد ساهمت اليوم مواقع التواصل الاجتماعي في إذكاء فتنة النزاع الثقافي، وتحريف الجدل عن نسقه الطبيعي، وكثيراً ما يخرج القارئ من ذلك النزاع بعلامات استفهامات كبيرة.

تتجلى من خلال هذه الصراعات الكثير من أمراض المثقفين: كالفوقية، الحسد، النميمة الثقافية، السوداوية، الاختلاسات الأدبية، التملّق، الاحتقار، الانتهازية... وهي أمراض تسيء إلى الحياة الثقافية، وتعطي صورة قاتمة عن الوضع الثقافي.

سنكون في حاجة إلى تحليل سيكولوجي لأمراض المثقفين، للكشف عن أعطابهم النفسية التي تخفي في الواقع عصاباً رهيباً هو الذي للأسف يتحكم في صناعة القيم الثقافية اليوم. إذ إنّ الواقع الذي تهيمن عليه الأبوية الرمزية التي يمارسها البعض، ويهمين عليه وضع سياسي يغلق على الحريات، ويمارس حظراً على الخطابات، هو ما يهيئ المناخ لتفشي مثل هذه الأمراض.

دلالات
المساهمون