منذ كانت طفلة، عرفت أن الرسم سيكون مستقبلها. فهي تتقن التطريز والرسم، والفضل لوالدتها. حالها حال كثيرين، فقد كانت قد انقطعت عن الرسم فترة طويلة، باستثناء بعض المشاركات الخجولة في معارض فنية في قطر. لكن اليوم، عادت إلى شغفها الأوّل في الحياة، وباتت تسعى أكثر فأكثر إلى صقل موهبتها وتكريس اسمها كرسامة محترفة في لبنان.
هي كوزيت قانصوه، لبنانيّة من بلدة إرزاي في جنوب لبنان، وتبلغ من العمر أربعين عاماً. تملك موهبة الرسم، وقد أنجزت العديد من اللوحات الفنية المميزة. شاركت في معارض عدة خارج لبنان، وقد بدأت العمل على تنظيم معارض مشتركة وفردية في لبنان.
في عام 2002، تزوجت وسافرت إلى قطر. وقبل ثمانية أشهر، عادت إلى لبنان، لتسكن في الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي بلدها، عادت لتزاول الرسم، علماً أنها لم تكن مثابرة خلال فترة تواجدها في قطر.
منذ كانت طفلة، أحبّت الرسم وعرفت أنّها موهوبة. بدأت الرسم منذ كانت في السابعة من عمرها. تقول: "في البداية، كنت أرسم كلّ شيء من حولي. كانت أمي خياطة ماهرة، وما زالت، وقد أحببت الأشغال اليدوية. كنت أجلس قربها وأراقبها، وأحاول تقليدها". تشير إلى أنها كانت تحيك الملابس لألعابها، وتساعد والدتها في تصميم الأزياء. واختارت دراسة تصميم الأزياء، وهو الفن الذي يجمع بين الرسم والخيال وتصميم الملابس. بعدما أنهت دراستها، نظمت معرضاً للأزياء في لبنان، علماً أنه كان الأول لها. بعدها، تركت البلاد وانتقلت للعيش في قطر. بعدها، لم تواصل العمل في هذا المجال، وإن كان لها مساهمات بسيطة في قطر. وبعدما أنجبت، تفرغت للاهتمام بأطفالها.
قبل نحو عامين، أرادت العودة إلى الرسم مجدداً، لافتة إلى أن الرسم والتطريز هما الأحب إلى قلبها. في قطر، كانت تقصد سوق "واقف" للفنون، الذي يجمع فنانين عربا وأجانب، حتى إنها صارت تشارك في المعارض التي ينظمها، منها معارض ألوان الصحراء.
وتشرح كوزيت أنّها ترسم بالإبرة والخيط، أي أنها تتقن التطريز. تقول إن الفلسطينيّين يطرزون العباءات وفق نسق معين. أما الأجانب، فيطرّزون أشكالاً ورسومات مختلفة لحيوانات وغيرها. "عملت على تحويل هذا الفن إلى صورة حقيقية. من خلال الإبرة والخيط، يمكنني رسم أشخاص وأمور أخرى. من خلال التطريز، حاولت تصوير طبيعة المجتمع القطري، والمرأة القطرية وغيرها".
أما عن الألوان التي تستخدمها في الرسم، فتشير إلى أنها تستخدم الألوان الزيتية، إضافة إلى أقلام التلوين الخشبية التي يستخدمها الأطفال. وعادة ما ترسم بقلم الرصاص. ليست من الفنانين الذين يحبون رسم الطبيعة. وبدلاً من رسمها، تفضل الاستمتاع بها. مع ذلك، تحب رسم الطبيعة في الخريف، وتحب ألوانه.
تقول كوزيت: "بعدما عدت إلى لبنان، بدأت العمل على رسم لوحات جديدة، واشتركت في معرض في لبنان مع فنانين آخرين". تشير إلى أنّها لا تعرف الرسامين في لبنان، بسبب ابتعادها عن البلاد فترة طويلة. لكنّها تصرّ على التعرّف إليهم، والعمل على تكريس نفسها كرسامة محترفة بينهم. وبعد المعرض المشترك، تنوي تنظيم معرض خاص بها. أيضاً، كانت ترغب في إصدار كتاب يضمّ أعمالها الجديدة في التطريز، لكنّها لم تنته من إنجازه بعد. تقول إن إتمامه يحتاج وقتاً وجهداً.
لدى كوزيت رغبة دائمة في الرسم، لافتة إلى أنّه ليس هناك وقت محدد لذلك، إلّا أن الرسم يأخذ الحيز الأكبر من حياتها. تقول: "في الوقت الذي لا أرسم فيه، أشعر بضيق. في أية لحظة فراغ، أمسك بالريشة وأرسم"، وإن كانت تشعر أحياناً بالتقصير حيال أولادها، الذين يحتاجون إليها في أوقات فراغها. تشير إلى أنّها في الوقت الحالي، تفضّل الرسم في أوقات الفراغ على الخروج مع أولادها في نزهة. تضيف: "ربّما أكون أنانية بعض الشيء". مع ذلك، تحاول التوفيق بين رغبتها وحاجة الأطفال إلى الخروج من المنزل برفقتها.