كنتُ عودَ ثِقابٍ قبلَـكِ

24 يونيو 2016
جون تنرد (1900- 1971)/ إنجلترا
+ الخط -

كنتُ عودَ ثقابٍ قبلَـكِ
أحلمُ بالعودةِ إلى أمي.. علبةِ الكبريت
وعائلتي.. مثيلاتِها في البقّـالةِ
وبمرورِكِ بي بدأتُ بالعودةِ إلى أمي.. الشجرةِ
وعائلتي.. الغابة.

كنتُ شاعرًا قبلَـكِ
كتبتُ قصيدةَ تفعيلةٍ
عن ناسٍ في "متحفِ الحياةِ الشعبيّـةِ"
وبمرورِكِ بي كتبتُ قصيدةَ نثرٍ
عن ناسٍ تشبهنا
تقضي نهارَها في خدشِ الرتابةِ
وليلَها في العواء.

كنتُ سلسلةً من الأرقامِ قبلَـكِ
في دائرةِ الأحوالِ المدنيةِ
في الجامعةِ
في الوظيفةِ
وبمروركِ بي صرتُ غيمة.

كنتُ نجمًا قبلَـكِ
عضوًا فاعلا في جوقةِ السماءِ
ورابطةِ المحافظين على ذكرياتِ المجرةِ
وجمعية مدققي الأيديولوجيا الكونيّـةِ
وبمرورِكِ بي ارتطمتُ بالأرضِ
وانتثرتُ في أرجائها.. حيواتٍ وحكايات.

كنتُ نشيدَ الصّـنمْ قبلَكِ
أملأُ صباحاتِ طلّابِ المدارسِ بالادعاءِ
ومساءاتِ آبائهم بالعفونةِ
وبمرورِكِ بي صرتُ أغنيةً
تملأُ عيونَ الصّغارِ فَرحًا
وقلوبَ الكبارِ بهجة
وتملأُ رؤوسَ الطغاةِ، دائمًا، بالكوابيس.

قيدي كسرتُهُ
عينُ الترددِ فقأتُها
قلبي غسلتُهُ بمائكِ من درنِ السماواتِ وحرّاسِها
والأرضِ وأربابِها
أيتها الحريّـةُ..
عيني في عينِكِ
سجادةُ صلاتي في محرابِكِ
يرقاتي استحالت فراشاتٍ في بستانِكِ
أيتها الحريّـةُ..
الآنَ أضبطُ إيقاعَ قصيدتي وفقَ أوزانِكِ
وأبدأ من جديد.


عمّان، حزيران 2016

المساهمون