كاتب "شيرلوك هولمز" ينقذ رجلاً بريئاً سُجن 16عاماً

30 يونيو 2018
تدخل جاهدًا بكلماته الساحرة وتفكيره المنطقي (فيسبوك)
+ الخط -


أطلق سراح أحد الأشخاص من سجن بيترهيد في اسكتلندا بتاريخ 25 يناير/ كانون الثاني من عام 1925، وكان يحمل رسالة مهمة من سجين آخر، إلى السير كونان دويل، كاتب روايات "شيرلوك هولمز" وأحد أشهر الرجال في العالم، فأخفاها تحت طقم أسنانه حتى لا تعثر عليها الشرطة.

وأمضى أوسكار سلاتر، الرجل الذي كتب الرسالة، 16 عامًا في السجن بسبب جريمة لم يرتكبها، حيث اتهم بقتل العجوز ماريون غليكريست التي كانت تبلغ 80 عامًا من العمر، والتي عثرت عليها خادمتها مضروبة بهراوة حتى الموت في شقتها بمدينة غلاسكو في 21 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1908.

وولد أوسكار سلاتر (اسمه الحقيقي أوسكار ليستشينر) في ألمانيا عام 1872، وتنقل بين نيويورك، لندن، باريس، بروكسل وغلاسكو وعاش بين أصحاب السوابق الإجرامية إلا أنه لم يمتلك سجلًا يربطه بأية أعمال عنف، كما لم يكن هنالك رابط بينه وبين الآنسة غليكريست، ولم يكن يعرفها حتى، إلا أن أوصافه تطابقت لسوء حظه مع المشتبه به المقامر الأجنبي اليهودي الذي كانت تبحث عنه الشرطة بتهمة ارتكاب جريمة القتل، وفقًا لموقع "ديلي ميل".

وأكدت التقارير الصحافية وقتها أن الشهود رأوا رجلًا داكن الشعر، ذهبي البشرة يفر من مسرح الجريمة وقت حدوثها، وألقى رجال الشرطة القبض على سلاتر بعد رهنه لقطعة حلي تشبه واحدة سرقت من الآنسة غليكريست، ووضعوه بين 11 رجلًا من أصحاب البشرة الشاحبة أثناء عملية تعرف الشهود على المتهم فاختاروه، وكتب أحد الصحافيين يومها: "كان الأمر أشبه بإخفاء ثور بين مجموعة كلاب، وكان من غير المفاجئ أن يختاره الشهود".

وتجاهلت المحكمة كل الأدلة التي تبرئ سلاتر كما كان القاضي متحيزًا ضده بشكل واضح، فوجد مذنبًا وحكم عليه بالإعدام، ثم خففت عقوبته للسجن المؤبد، وهذا ما وصفه كونان دويل لاحقًا بالعمل المشين، وتدخل جاهدًا بكلماته الساحرة وتفكيره المنطقي ليوضح عدم وجود أدلة تدين سلاتر، وأنه ضحية لعدم كفاءة النظام القضائي الاسكتلندي.



وكانت محاولات كونان دويل لإنقاذ سلاتر بعد استلام رسالته (ما تزال موجودة في مكتبة ميتشل بغلاسكو) فاشلة، وبقي الأخير سنتين أخريين يعاني في السجن ويكتب رسائل لعائلته في ألمانيا، قبل أن يتكلل مجهود دويل ومناصريه بالنجاح، ويطلق سراحه من سجن بيترهيد في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 1927 بعد إمضائه 18 عامًا في السجن.

ونشرت مارغريت فوكس في كتابها بعضًا من الرسائل التي كتبها سلاتر لعائلته ولم يبدُ بها وحشًا مثلما صورته المحكمة، إلا أن بقية القصة كما روتها لم تكن سعيدة في الحقيقة، إذ اختلف مع كونان دويل الذي التقاه مرة واحدة فقط وجهًا لوجه، بعد حصول الأول على تعويض مالي قدره 6000 جنيه إسترليني، وعدم منحه الرجل الذي أنقذه أية قطعة نقود تكريمًا لجهوده، مما جعلهما يقاطعان بعضهما حتى وفاة سلاتر عام 1948، بعد 20 عامًا من الحرية.

يذكر أن قاتل ماريون غليكريست بقي مجهولًا حتى اليوم، فالواقع لم يكن يشبه تمامًا روايات كونان دويل التي تنتهي بالعثور على المجرم، إلا أن اليقين الوحيد هو أن قضية سلاتر كانت واحدة من أوضح حالات سوء تطبيق العدالة في تاريخ اسكتلندا القضائي.

 

 

 

دلالات
المساهمون