قوى مصرية: الميدان هو الحلّ

30 نوفمبر 2014
يستعدّ بعض الثوار للعودة إلى الميادين (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
"النهار ده هنجيب تورته ونحتفل ببراءة مبارك أمام نقابة الصحفيين الساعة 5. في انتظاركم". هكذا سخر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، من إعلان محكمة جنايات القاهرة، براءة الرئيس المخلوع، حسني مبارك، ونجليه ووزير داخليته و6 من مساعديه في قضايا قتل متظاهري ثورة يناير والفساد المالي، أمس السبت.

عاد الناشطون لسلم النقابة مرة أخرى، بعد أن ضاق بهم ميدان التحرير، الذي احتضن ثورتهم طيلة 18 يوماً، في عام 2011، وتحوّل إلى ثُكنة عسكرية في اليوم السابق من الحكم، فيما سُمح فقط لمؤيدي سلطة الانقلاب العسكري بالتواجد فيه في حماية قوات الجيش والشرطة.

ولاقت دعوة النشطاء قبولاً لدى البعض، كما نظّم آخرون مسيرة انطلقت من منطقة ناهيا، في محافظة الجيزة، مرورا ببولاق الدكرور وحي الدقي وصولاً لـ "التحرير"، في وسط القاهرة. وهو خط السير عينه، الذي سلكه الثوار ظهر يوم 25 يناير/كانون الثاني عام 2011، وسموه فيما بعد بـ "طريق الحرية".

وأوضح عضو المكتب السياسي في حركة "الاشتراكيون الثوريون"، محمود عزت، في حديث لـ "العربي الجديد"، عدم معارضة الحركة لـ "دعوات البعض للتحرك الميداني السريع احتجاجاً على الحكم، لكننا نفضل التريّث قليلاً والتنسيق مع باقي القوى الثورية حول ما يمكن فعله المرحلة المقبلة".

ولم يُفاجأ عزت بالحكم، وقال "توقعنا حصول مبارك ونجليه وحبيب العادلي ومساعديه على البراءة، خصوصاً أن السلطة الحالية في أوج قوتها، وتحيّنت اللحظة المناسبة لإصدار حكم بهذه الفجاجة، بعد تأكدها من انصراف الجميع وعدم اهتمامهم بالقضية".

وتابع "تشعر السلطة بقوتها بدرجة كبيرة وليست في حاجة لإضفاء أي ديكور على الحكم، من خلال إصدار أي أحكام تقضي بسجن العادلي على سبيل المثال، كما استغلت التفاف الناس حولها، بدعوى محاربة الإرهاب، لتبرئة رموز النظام السابق".

إلا أنه أكد في الوقت نفسه أن "حسابات السلطة ليست صحيحة دائماً، فقد يؤدي الحكم إلى تزايد السخط الشعبي ضدها، ومن ثم تستولد حالة من الزخم بحلول ذكرى ثورة يناير، ما قد يربك النظام الذي نتوقع أن يصبح أكثر شراسة". واستطرد "علينا استغلال حالة الارتباك المتوقعة، بالعودة للشارع من جديد، الذي كان انضمام جماهيره سبباً رئيسياً في نجاح الثورة في بدايتها. لا يهم هنا التنسيق مع الإخوان أو غيرهم، فالشارع سيختار من يمثله".

بدورها، لخصت الناشطة غادة نجيب، المشهد، بعبارة كتبتها على حسابها على "فيسبوك"، وجاء فيها "ببساطة من قمنا ضده بثورة بات خارج السجن، ومن قام بالثورة أصبح داخله. بات لزاماً أن نتابع الثورة". أما الناشطة أسماء محفوظ، فانتقدت الحكم بقولها "براءة يعني مكنتش ثورة؟ يعني هناخد حكم بتهمة قلب نظام الحكم؟".

ويبحث عدد من القوى الثورية، الرد المناسب والتصعيد الثوري، على الحكم، واجتمع ممثلو بعض الكيانات الثورية لهذه الغاية، لبحث آليات تصعيد الموقف وتنظيم الحراك، والفعاليات رفضاً لهذه الأحكام. ومن المقرر أن تتفق الكيانات على موقف وحراك موحد خلال الفترة المقبلة.

ولفت القيادي في "جبهة طريق الثورة"، رامي شعث، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن "الحكم يثبت من دون شك عدم وجود نظام عدالة في مصر". وأشار إلى "عدم انتهاء المشاورات مع القوى الثورية حول الرد على أحكام البراءة". وأضاف أن "القضاء المصري تجاهل في حكمه الآلاف الذين عُذّبوا داخل السجون في فترة حكم مبارك، وعلى يد العادلي".

وتابع: "هذا النظام القضائي غير العادل، تغافل عن مئات الشهداء الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الشرطة في 25 يناير". وأشار إلى تواصله مع بعض من أهالي الشهداء، الذين وصف حالتهم بـ "السيئة، لا لاعتقادهم بأن المحاكمة باطلة، ولكن لعدم تقديرهم وتقدير الدماء التي سالت من أجل مصر. فأهالي الشهداء يشعرون بالحزن الشديد لعدم الحصول على حقوق أولادهم". وشدد على أن "حكم البراءة كان متوقعاً منذ فترة طويلة، وهو أمر لن تسكت عليه القوى الثورية ولا الشعب المصري، ولكنه يتم بحث آليات الرد على الحكم".

وعن الحكم بالبراءة على العادلي ومعاونيه، قال شعث "بعد البراءة لـ290 ضابطا قتلوا الثوار وعادوا لوظائفهم وبعضهم حصل على ترقية، لم يعد متوقعاً إدانة من أصدر الأوامر بإطلاق النيران". وحول مطالبة بعض الشباب بعودة مبارك إلى الحكم بعد تبرئته، قال "إنه شكل من أشكال السخرية الشديدة على الوضع في مصر عقب أحكام البراءة، وهو أمر منطقي".

وطالب في هذا السياق بمحاكمة قادة المجلس العسكري، الذين عزلوا مبارك من الحكم وقدموه للمحاكمة وهو بريء. وشدد أن "أحكام البراءة تزيد الإمعان في شرعية النظام الحالي، وكل ما هو قائم من قوانين وقضاء، فضلاً عن عدم تحقيق النظام مطالب ثورة يناير، وهي العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية".

من جهته، أبدى عضو المكتب السياسي لتكتل "القوى الثورية"، رفضه للحكم، ورجّح "تنظيم فعاليات في الشارع". وطالب بأن "يدعو الشعب المصري للتظاهر، لا القوى الثورية، لعدم خسارة الشارع". من جانبه، أعلن "تحالف ثوار مصر"، أن "براءة مبارك ونجليه والعدلي ومساعديه، بمثابة رصاصة رحمة أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي وأعوانه على ثورة 25 يناير، ليتمّ إجهاض أهداف الثورة".

وأكد التحالف أن "دم شهداء الثورة لن يضيع هباء، ولن نترك الشوارع حتى انتصار الثورة، وتحقيق أهدافها من الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهو ما لن يتحقق إلا إذا اجتمع الشعب المصري ضد الظلم والاستبداد".

وقال المنسق العام لـ "تحالف ثوار مصر" شمس الدين علوي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن "أحكام البراءة لن تزيد الشعب المصري إلا لحمة، وانتظروا قريباً ثورة شعب". وأكد أن "كل ما قام به فلول النظام القديم يصبّ في صالح جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من الحركات والأحزاب الرافضة للانقلاب". ودعا "تحالف ثوار مصر" الشعب المصري، لـ "التظاهر كل يوم في الشوارع من دون توقف، حتى يوم 25 يناير/كانون الثاني 2015، لتكون ثورة شعب".
وانطلقت مسيرة مفاجئة، مساء السبت، من مسجد النور المحمدي في حي المطرية، شرق القاهرة، وكذلك في ميدان التحرير، احتجاجاً على الحكم ببراءة مبارك ورموز نظامه.