تتخوف أطراف برلمانية واقتصادية عراقية من عدم قدرة البلاد على سداد رواتب موظفي الجهاز الإداري بالدولة، على خلفية تفاقم الأزمة المالية، وتراجع إيرادات الدولة خاصة من قطاع النفط، والفساد متصاعد، لكن الحكومة تحاول التقليل من هذه التخوفات عبر تأكيدها المستمر على التزاماتها تجاه موظفيها.
وكان برلمانيون وخبراء اقتصاد قد حذروا عبر "العربي الجديد"، من أن تداعيات الأزمة المالية المتصاعدة، تهدّد بوقف الرواتب، في حالة عدم تحرك الحكومة بشكل جاد لمعالجة المشاكل الاقتصادية وتحجيم الاضطرابات السياسية والأمنية التي أثرت على مختلف القطاعات الإنتاجية في البلاد.
وفي هذا السياق، كشف برلماني عراقي، في حديث هاتفي من بغداد لـ "العربي الجديد"، عن "أن العراق قد لا يتمكن من دفع مرتّبات موظفيه في الربع الأخير من هذا العام".
وأضاف عضو اللجنة المالية بالبرلمان، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "الإنفاق العسكري مرتفع للغاية، وأسعار النفط تدهورت، وهناك دول أجنبية رفضت التعامل مالياً مع العراق لعدم وجود مؤسسات سيادية تثق بها، وهذا الأمر سمعناه كثيراً من مسؤولين بهذه الدول مؤخراً، بعد طرح البنك المركزي العراقي للسندات المالية الدولية التي تعثرت.
وأوضح البرلماني، أن رواتب 7.5 ملايين موظف تتجاوز 4 مليارات دولار شهرياً، مضيفاً أن موضوع عدم مقدرة الحكومة على دفع الرواتب نهاية العام تمت مناقشته باستفاضة على عدة مستويات الفترة الماضية.
وكانت الحكومة العراقية قد نفت منتصف الشهر الماضي، وجود أي تهديدات أو نوايا بقطع رواتب الموظفين والمتقاعدين وأجهزة الأمن، مؤكدة أنها مؤمنة بالكامل حتى نهاية العام. وجاء ذلك على خلفية تحذيرات من أزمة رواتب وشيكة.
لكن الخبير بالشأن الاقتصادي العراقي محمد حسين العبيدي أكد لـ"العربي الجديد"، في المقابل أن لا شيء يبعث على الاطمئنان لأن الدولة تنفق أكثر مما تكسب بكثير، ما قد يتسبب في تعثر دفع مرتبات الموظفين في الربع الأخير من هذا العام.
اقــرأ أيضاً
وأضاف أن، سوء حال الوضع المالي للعراق مع زيادة الإنفاق على الجانب العسكري واستمرار أزمة تراجع أسعار النفط المصدر الرئيسي للدخل في البلاد أسباب كافية لذلك.
وقال العبيدي "نحن نتحدث عن أزمة مالية كبيرة ستنعكس سلباً على الرواتب، وجميع الساسة يرفضون مصارحة الشعب بتفاصيلها لأنهم يعلمون أن ذلك سيهدد مكانتهم وكراسيهم".
وأكد العبيدي أن الحكومة باشرت منذ مطلع العام الجاري بالاقتراض من البنك المركزي وبعض البنوك الأهلية، ما يعرض اقتصاد الدولة إلى الخطر، حيث إن البنوك الخاصة تعتمد في سيولتها على ودائع المواطنين في حالة عدم تعثر الحكومة في السداد حيث سيؤدي ذلك إلى عدم قدرة هذه البنوك على تلبية طلبات سحب الودائع أو مبالغ من الأرصدة ومنح القروض.
وأشار إلى أن التسريبات التي وصلتنا تحدثت عن انخفاض قيمة الاحتياطي العراقي من العملة الصعبة من 68 مليار دولار الى أقل من 58 مليار دولار بسبب السحب الحكومي، موضحاً أن إدارة البنك المركزي تبيع يوميا مزاد بيع الدولار بين 75 مليونا و105 ملايين دولار لمنع سعر صرف الدينار من الانهيار.
وفي المقابل، قال النائب بالبرلمان العراقي عبد الرزاق محيبس، في تصريحات سابقة، إن "رواتب الموظفين، خلال 2016، ستكون مؤمّنة ولا خوف عليها من هذه الأزمة المالية الخانقة".
وأضاف محيبس أنه "تم حجز الأموال المطلوبة لرواتب الموظفين ولن يتم التلاعب بها بأي شكل من الأشكال".
وأشار إلى أن "الأزمة الاقتصادية عالمية لا تخص العراق وحده". لكن محيبس يرى أن العراق تأثر بشكل كبير في هذه الأزمة نظرا لاعتماده على النفط الذي هبطت أسعاره بصورة حادة خلال الفترة الماضية.
وكانت الرئاسات الثلاث (الجمهورية والبرلمان والحكومة) اجتمعت مطلع الشهر الجاري واتفقت على تشكيل لجنة اقتصادية لدراسة وتخفيف الآثار المترتبة على الأزمة الاقتصادية في البلاد، وفقا لبيان صدر عن مكتب رئيس الحكومة حيدر العبادي.
ولكن رغم هذه التطمينات الحكومية، حذر محللون من تداعيات تدهور العديد من القطاعات الاقتصادية على الرواتب والقطاع المالي، وقال الخبير بسوق العراق للأوراق المالية هاشم سعدون لـ "العربي الجديد"، لقد بدأت حركة هجرة أموال من العراق إلى الخارج بشكل غير مسبوق، ما ساهم في تفاقم الأمة المالية وتراجع سعر الدينار.
اقــرأ أيضاً
وأضاف سعدون، أن مواطنين ورجال أعمال وشركات أجنبية باتوا يخشون من عجز البنوك على منحهم أموالهم مستقبلا، لذا بدأوا بعملية نقلها تدريجيا للخارج، لافتا إلى أن العجز المالي قد يصل نهاية العام الجاري إلى 37 مليار دولار على عكس ما تقول الحكومة أنه قد يصل إلى 23 مليارا كون الحكومة اعتمدت بحساباتها على سعر بيع للبرميل عند 45 دولارا.
وتهاوت أسعار النفط بأكثر من 60% منذ شهر يونيو/حزيران عام 2014، حيث انخفض سعر البرميل من 115 دولارا إلى أقل من 30 دولاراً بداية العام الجاري قبل أن يرتفع خلال الفترة الأخيرة ليصل إلى نحو 46.5 دولاراً، أمس.
وحسب محلّلين عراقيين، فإن قيمة الدولار ستستمر بالارتفاع أمام الدينار العراقي بسبب قلة العرض في مزاد البنك المركزي العراقي واستمرار هبوط أسعار النفط عالمياً وعمليات تهريب العملة المنظمة من البلاد.
وتتحدث التوقعات عن تهاوي الدينار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بواقع 135 دينارا أمام الدولار، ليصل إلى أكثر من 1300 دينار، حسب مراقبين.
وكان مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح، طالب البنك المركزي العراقي بإيضاح أسباب تهاوي قيمة الدينار العراقي أمام الدولار.
ويرجع الخبراء أسباب ارتفاع سعر الدولار أمام الدينار إلى مزاد العملة المفتوح للبنك المركزي وعمليات تهريب العملة المستمرة إلى الخارج وخاصة إيران، عبر مشاريع وهمية يتمسك بها سياسيون كبار في الدولة.
ويفرض القانون العراقي على البنك المركزي الالتزام بمبيعاته من الدولار ضمن سقف لا تتجاوز قيمته ما يعادل 75 مليون دولار يومياً، إلا أن البنك تجاوز هذا الرقم بكثير.
ويشدّد الخبراء على ضرورة وقف المشاريع الوهمية التي تهدر العملة الصعبة، وعلاج الأسباب الحقيقية للأزمة المالية في البلاد.
وفي نفس الإطار، قال عضو غرفة تجارة بغداد وائل الحسني، في حديثه لـ "العربي الجديد"، "سيكون تدهور الاقتصاد والعملة المحلية كارثة حقيقية وتنذر بثورة جياع، فالوضع لم يعد يحتمل من قبل العراقيين".
وأضاف أن الحكومة والبرلمان مطالبان ببدء برنامج استعادة الأموال المنهوبة التي سرقت في عهد حكومة نور المالكي والتي تقدر بأكثر من 300 مليار دولار خلال ثماني سنوات ونصف السنة، وهي عبارة عن عائدات النفط والأموال والهبات المقدمة من الولايات المتحدة ودول أوروبية مختلفة.
اقــرأ أيضاً
وكان برلمانيون وخبراء اقتصاد قد حذروا عبر "العربي الجديد"، من أن تداعيات الأزمة المالية المتصاعدة، تهدّد بوقف الرواتب، في حالة عدم تحرك الحكومة بشكل جاد لمعالجة المشاكل الاقتصادية وتحجيم الاضطرابات السياسية والأمنية التي أثرت على مختلف القطاعات الإنتاجية في البلاد.
وفي هذا السياق، كشف برلماني عراقي، في حديث هاتفي من بغداد لـ "العربي الجديد"، عن "أن العراق قد لا يتمكن من دفع مرتّبات موظفيه في الربع الأخير من هذا العام".
وأضاف عضو اللجنة المالية بالبرلمان، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "الإنفاق العسكري مرتفع للغاية، وأسعار النفط تدهورت، وهناك دول أجنبية رفضت التعامل مالياً مع العراق لعدم وجود مؤسسات سيادية تثق بها، وهذا الأمر سمعناه كثيراً من مسؤولين بهذه الدول مؤخراً، بعد طرح البنك المركزي العراقي للسندات المالية الدولية التي تعثرت.
وأوضح البرلماني، أن رواتب 7.5 ملايين موظف تتجاوز 4 مليارات دولار شهرياً، مضيفاً أن موضوع عدم مقدرة الحكومة على دفع الرواتب نهاية العام تمت مناقشته باستفاضة على عدة مستويات الفترة الماضية.
وكانت الحكومة العراقية قد نفت منتصف الشهر الماضي، وجود أي تهديدات أو نوايا بقطع رواتب الموظفين والمتقاعدين وأجهزة الأمن، مؤكدة أنها مؤمنة بالكامل حتى نهاية العام. وجاء ذلك على خلفية تحذيرات من أزمة رواتب وشيكة.
لكن الخبير بالشأن الاقتصادي العراقي محمد حسين العبيدي أكد لـ"العربي الجديد"، في المقابل أن لا شيء يبعث على الاطمئنان لأن الدولة تنفق أكثر مما تكسب بكثير، ما قد يتسبب في تعثر دفع مرتبات الموظفين في الربع الأخير من هذا العام.
وأضاف أن، سوء حال الوضع المالي للعراق مع زيادة الإنفاق على الجانب العسكري واستمرار أزمة تراجع أسعار النفط المصدر الرئيسي للدخل في البلاد أسباب كافية لذلك.
وقال العبيدي "نحن نتحدث عن أزمة مالية كبيرة ستنعكس سلباً على الرواتب، وجميع الساسة يرفضون مصارحة الشعب بتفاصيلها لأنهم يعلمون أن ذلك سيهدد مكانتهم وكراسيهم".
وأكد العبيدي أن الحكومة باشرت منذ مطلع العام الجاري بالاقتراض من البنك المركزي وبعض البنوك الأهلية، ما يعرض اقتصاد الدولة إلى الخطر، حيث إن البنوك الخاصة تعتمد في سيولتها على ودائع المواطنين في حالة عدم تعثر الحكومة في السداد حيث سيؤدي ذلك إلى عدم قدرة هذه البنوك على تلبية طلبات سحب الودائع أو مبالغ من الأرصدة ومنح القروض.
وأشار إلى أن التسريبات التي وصلتنا تحدثت عن انخفاض قيمة الاحتياطي العراقي من العملة الصعبة من 68 مليار دولار الى أقل من 58 مليار دولار بسبب السحب الحكومي، موضحاً أن إدارة البنك المركزي تبيع يوميا مزاد بيع الدولار بين 75 مليونا و105 ملايين دولار لمنع سعر صرف الدينار من الانهيار.
وفي المقابل، قال النائب بالبرلمان العراقي عبد الرزاق محيبس، في تصريحات سابقة، إن "رواتب الموظفين، خلال 2016، ستكون مؤمّنة ولا خوف عليها من هذه الأزمة المالية الخانقة".
وأضاف محيبس أنه "تم حجز الأموال المطلوبة لرواتب الموظفين ولن يتم التلاعب بها بأي شكل من الأشكال".
وأشار إلى أن "الأزمة الاقتصادية عالمية لا تخص العراق وحده". لكن محيبس يرى أن العراق تأثر بشكل كبير في هذه الأزمة نظرا لاعتماده على النفط الذي هبطت أسعاره بصورة حادة خلال الفترة الماضية.
وكانت الرئاسات الثلاث (الجمهورية والبرلمان والحكومة) اجتمعت مطلع الشهر الجاري واتفقت على تشكيل لجنة اقتصادية لدراسة وتخفيف الآثار المترتبة على الأزمة الاقتصادية في البلاد، وفقا لبيان صدر عن مكتب رئيس الحكومة حيدر العبادي.
ولكن رغم هذه التطمينات الحكومية، حذر محللون من تداعيات تدهور العديد من القطاعات الاقتصادية على الرواتب والقطاع المالي، وقال الخبير بسوق العراق للأوراق المالية هاشم سعدون لـ "العربي الجديد"، لقد بدأت حركة هجرة أموال من العراق إلى الخارج بشكل غير مسبوق، ما ساهم في تفاقم الأمة المالية وتراجع سعر الدينار.
وأضاف سعدون، أن مواطنين ورجال أعمال وشركات أجنبية باتوا يخشون من عجز البنوك على منحهم أموالهم مستقبلا، لذا بدأوا بعملية نقلها تدريجيا للخارج، لافتا إلى أن العجز المالي قد يصل نهاية العام الجاري إلى 37 مليار دولار على عكس ما تقول الحكومة أنه قد يصل إلى 23 مليارا كون الحكومة اعتمدت بحساباتها على سعر بيع للبرميل عند 45 دولارا.
وتهاوت أسعار النفط بأكثر من 60% منذ شهر يونيو/حزيران عام 2014، حيث انخفض سعر البرميل من 115 دولارا إلى أقل من 30 دولاراً بداية العام الجاري قبل أن يرتفع خلال الفترة الأخيرة ليصل إلى نحو 46.5 دولاراً، أمس.
وحسب محلّلين عراقيين، فإن قيمة الدولار ستستمر بالارتفاع أمام الدينار العراقي بسبب قلة العرض في مزاد البنك المركزي العراقي واستمرار هبوط أسعار النفط عالمياً وعمليات تهريب العملة المنظمة من البلاد.
وتتحدث التوقعات عن تهاوي الدينار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بواقع 135 دينارا أمام الدولار، ليصل إلى أكثر من 1300 دينار، حسب مراقبين.
وكان مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح، طالب البنك المركزي العراقي بإيضاح أسباب تهاوي قيمة الدينار العراقي أمام الدولار.
ويرجع الخبراء أسباب ارتفاع سعر الدولار أمام الدينار إلى مزاد العملة المفتوح للبنك المركزي وعمليات تهريب العملة المستمرة إلى الخارج وخاصة إيران، عبر مشاريع وهمية يتمسك بها سياسيون كبار في الدولة.
ويفرض القانون العراقي على البنك المركزي الالتزام بمبيعاته من الدولار ضمن سقف لا تتجاوز قيمته ما يعادل 75 مليون دولار يومياً، إلا أن البنك تجاوز هذا الرقم بكثير.
ويشدّد الخبراء على ضرورة وقف المشاريع الوهمية التي تهدر العملة الصعبة، وعلاج الأسباب الحقيقية للأزمة المالية في البلاد.
وفي نفس الإطار، قال عضو غرفة تجارة بغداد وائل الحسني، في حديثه لـ "العربي الجديد"، "سيكون تدهور الاقتصاد والعملة المحلية كارثة حقيقية وتنذر بثورة جياع، فالوضع لم يعد يحتمل من قبل العراقيين".
وأضاف أن الحكومة والبرلمان مطالبان ببدء برنامج استعادة الأموال المنهوبة التي سرقت في عهد حكومة نور المالكي والتي تقدر بأكثر من 300 مليار دولار خلال ثماني سنوات ونصف السنة، وهي عبارة عن عائدات النفط والأموال والهبات المقدمة من الولايات المتحدة ودول أوروبية مختلفة.