العدوان الإسرائيلي على لبنان يرفع أسعار إيجارات العقارات في سورية

06 أكتوبر 2024
نازحون يرحلون صوب الأراضي السورية (الأناضول)
+ الخط -

تشهد أسعار الإيجارات في سورية صعوداً لافتاً لتصل إلى مستويات حادة في بعض المناطق، وسط تدفق عشرات آلاف النازحين من لبنان، منذ أن شن الاحتلال الإسرائيلي عدواناً مكثفاً على الجنوب نهاية سبتمبر/أيلول الماضي.

وتلقفت شريحة السماسرة وخاصة المكاتب العقارية، الفرصة لتزيد من نشاطها، بعدما انتهى موسم الصيف السياحي وتراجعت أعداد الزوار، لا سيما من المغتربين السوريين، لتنشط في موسم آخر، لكنه قد يطول في ظل الحرب الآخذة في التصاعد وتزايد أعداد النازحين اللبنانيين والسوريين من جنوب لبنان.

يوم الجمعة الماضي، أشار رئيس مكتب المنظمة الدولية للهجرة في لبنان، ماثيو لوتشيانو، إلى عبور نحو 235 ألف شخص الحدود اللبنانية إلى سورية براً، خلال الفترة من 21 سبتمبر إلى 3 أكتوبر/تشرين الأول. وذكر لوتشيانو أن هذا النزوح الجماعي شمل حوالي 82 ألف لبناني و152 ألف سوري، ما يعكس خطورة التوترات الإقليمية المتفاقمة وعدم الاستقرار المتزايد في المنطقة.

في اللاذقية شمال غربي سورية على البحر المتوسط ، بعدما تراجعت إيجارات الشقق بنحو 50% بعد نهاية الموسم الصيفي، عادت لترتفع إلى أكثر من الضعف. علماً أن الطلب ما زال خجولاً، والبحث من قبل النازحين عن وحدات في البدايات وفق ناشطين في القطاعين العقاري والسياحي. يقول عمار القصير، أحد العاملين في القطاع السياحي في اللاذقية لـ"العربي الجديد" إنه في البداية كان النازحون يصلون تباعاً إلى أماكن محددة لهم سلفاً من الحكومة السورية، موضحاً أن معظم اللبنانيين وصلوا حتى الآن إلى أماكن محددة في محافظتي حمص وريف دمشق، والبعض منهم توزع في مراكز إيواء في المحافظتين ونسب أقل في طرطوس واللاذقية وريف دمشق والقنيطرة ودرعا. أما السوريون فقد وصلت الدفعات الأولى إلى منازلها وإلى الأقارب، لكن مع بدء البعض في البحث عن منازل للإيجار من الجنسيتين خلال الأيام القليلة الماضية مع ازدياد النزوح، ارتفعت أجور الشقق السكنية في بعض هذه المناطق إلى الضعف.

يضيف القصير: "نتحدث عن الشقق غير المفروشة، وهذه يقصدها من يشعر بطول فترة الإقامة. أما المفروشة وهي الأوفر في اللاذقية فهذه تتعامل بالدولار وتقدر الأجور بحسب فترة الإيجار، وتبدأ عموماً من 250 دولاراً للشهر الواحد".

في ريف دمشق وصلت أعداد محدودة من الوافدين إلى أماكن الإيواء في الحجيرة، أما العدد الأكبر فقد وجد ضالته لدى المعارف والأقارب في مناطق السيدة زينب والحسينية والحجيرة وغيرها من المناطق، وهذا ما انطبق على عدد من الأحياء والبلدات في حماة ودرعا والقنيطرة، في حين لجأ العديد من الوافدين والعائدين إلى البحث عن شروط سكن أفضل مع طول المدة، بعيداً عن المناطق التي تشهد حالة من النزاعات الأهلية والانفلات الأمني كدرعا والسويداء، وأيضاً بعيداً عن خطر العدوان الإسرائيلي كالقنيطرة، فاتجهوا إلى أحياء وبلدات في حماة وريفها مثل تلكلخ والسلمية وضاحية أبي الفداء، وهذه شهدت ارتفاعاً في أجور الشقق السكنية امتدت لتشمل باقي المدينة حتى على السوريين المقيمين.

يقول محمد النعسان أحد المواطنين من مدينة حماة لـ"العربي الجديد" إن "معظم العائدين من لبنان إلى حماة يملكون منازل ولم يضطروا حتى الآن للسكن المستأجر، ومع هذا بدأ أصحاب العقارات برفع أجور السكن للمقيمين منذ سنوات، ففي المدينة طالب العديد من أصحاب الشقق السكنية، المستأجرين برفع الإيجار أو الإخلاء عند نهاية العقد". ويضيف النعسان أن هذا مؤشر لأزمة كبيرة ستطاول الجميع إذا استمرت تبعات الحرب والنزوح.

وكانت لجان الإغاثة في معظم المحافظات السورية حتى البعيدة منها قد اجتمعت مع المحافظين وهيأت مراكز إيواء ضمن احتمالات أن تطول الأزمة وتتضاعف أعداد الوافدين. فأخلى البعض منها المراكز والمعسكرات التي تعود لمنظمات الطلائع والشبيبة التابعة لحزب البعث وشكلت مجموعات إغاثة في حال توافد النازحين من لبنان.

أحد المتطوعين في منظمة الهلال الأحمر يقول لـ"العربي الجديد": "لم نشعر حتى الآن بالضغط وبالأزمة الحقيقية، وقد مررنا بأصعب منها بكثير زمن النزوح السوري، ولكن الأمر مختلف الآن، فالدولة عاجزة عن تقديم المساعدات الكافية، وما زالت في مرحلة الاستقبال الدعائي الإعلامي، الهادف لتحصيل أكبر حجم من المساعدات الإنسانية من المجتمع الدولي، وجميعنا يعلم أين تذهب هذه المساعدات وأين ذهبت زمن الزلزال، وبالنتيجة الإغاثة ستقع على عاتق المجتمع الأهلي، فالحكومة ليس لديها ما تقدمه، فهي عاجزة عن طباعة الكتب لطلاب المدارس وعن توفير علاج مجاني في المشافي العامة والقائمة تطول".

ويضيف المتطوع، الذي فضل عدم ذكر اسمه: "أماكن الإيواء المخصصة من الحكومة لا يمكن أن تستوعب إلا أعداداً قليلة من النازحين وبظروف عيش صعبة، وبالتالي تنتظرنا أزمات أكثر صعوبة عما قبل، تبدأ بارتفاع أجور السكن وأسعار المواد الغذائية والأدوية والخدمات الطبية، في الوقت الذي يعجز فيه السوري عموماً عن دفع أجور السكن والمواصلات ويشتري المياه والوقود وحتى الكهرباء من الأسواق الحرة".

المساهمون