قلق بين التونسيين على رواتبهم عقب تصريحات رسمية تكشف إفلاس الخزينة

30 يوليو 2017
تواجه الحكومة مطالب دائمة بزيادة الأجور (فرانس برس)
+ الخط -
تهدّد الضغوط المالية التي تحاصر تونس بعدم صرف رواتب الموظفين لشهري أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول، وفق تصريحات أدلى بها وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي ووزير المالية بالنيابة محمد فاضل عبد الكافي، الخميس الماضي، أمام البرلمان. 

وأثار تصريح وزير المالية بالنيابة مخاوف لدى عموم التونسيين من إمكانية عجز الحكومة عن توفير أجور موظفيها في الأشهر القادمة نتيجة الضغوطات الكبيرة التي تواجهها المالية العمومية بالرغم من تعبئة موارد بقيمة 8.5 مليارات دينار، أي نحو 3.5 مليارات دولار.

وقال المسؤول الحكومي إن وضعية المالية التونسية صعبة ودقيقة حسب العديد من الأرقام، وإن إمكانيات البلاد محدودة للغاية، مؤكدا أن الحكومة تراقب يوميا حسابها الجاري لدى البنك المركزي التونسي في ظل تراجع كبير في عائدات الدولة مقابل ارتفاع النفقات الموجهة للأجور والتصرف.

وتحقق تونس، بحسب بيانات رسمية لوزارة المالية، إيرادات سنوية جبائية وغير جبائية تراوح بين 24 و25 مليار دينار، (ما بين 10 و10.4 مليارات دولار)، وهي إيرادات غير كافية لتغطية كتلة الأجور والديون ونفقات التصرف بالدولة والدعم، ما يدفع الحكومة إلى السوق العالمية للتداين لتغطية الأجور، بحسب إجماع خبراء الاقتصاد.

ويعتبر الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، أن عدم صرف الرواتب هو أعلى درجات الخطر الاقتصادي، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحكومة ستجد حلولا لتوفير الرواتب بالاقتراض الداخلي أو الخارجي.

وقال الحطاب إن تفاقم عجز الموازنة مرده دخول تونس في مرحلة سداد أقساط الديون التي تم اقتراضها في الفترة المتراوحة بين 2013 و2014، مشيرا إلى أن جل القروض المتحصل عليها بعد الثورة قصيرة المدى وذات نسبة فائدة مرتفعة، ما أرهق المالية العمومية، بحسب قوله.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الخمس الأخيرة لم تراع التوازن بين العائدات والمصاريف، ما دفع البلاد نحو دوامة اقتصادية أساسها اللجوء إلى الدين الخارجي وكيفية تسديد فاتورتها الباهظة الكلفة.

ويوصي خبراء المالية بضرورة استنهاض محركات الإنتاج الاقتصادي للخروج من الوضع الحالي في أقرب الآجال، ولا سيما أن الدولة استوفت كل الحلول المتعلقة برفع الضرائب، ما يجعل البحث عن موارد لتمويل موازنة 2018 مهمة شاقة بالنسبة للحكومة.

ودعا الخبير المالي وليد بن صالح، إلى ضرورة استحداث وكالة تونسية للخزينة تمكن من إرساء رؤية واضحة حول المالية العمومية.

وقال بن صالح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن التوازن المالي مرتبط بزيادة إيرادات الدولة المتأتية من تحرك آلات الإنتاج، مثل الإيرادات التي تأتي من قطاع الفوسفات والسياحة والتصدير، إلى جانب مراجعة معدلات الضرائب بما يجعلها قادرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بحسب قوله.

وشدد الخبير المالي وليد بن صالح، على أن تجميد الانتدابات والزيادات في أجور القطاع العمومي، وإعادة النظر في البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، في ما يخص التمديد في آجال إنجاز الإصلاحات، يبدو أولوية قصوى في هذه المرحلة.

وفي تشخيصها للوضع الاقتصادي والمالي في تونس، اشترطت مجموعة من الخبراء في تجمع مالي عالمي، رفع نسبة النمو الاقتصادي التونسي لتصل إلى 5% من الناتج المحلي الحقيقي، لتقليل الضغط على الميزانية العامة دون اللجوء إلى زيادة الضرائب خلال السنوات المقبلة.

وأيّد بيان مجلس إدارة البنك المركزي، الصادر الخميس، ما جاء على لسان وزير المالية، حيث أكد البنك تواصل تفاقم عجز الميزان الجاري جراء زيادة عجز التجارة الخارجية، بالتوازي مع استمرار الضغوط التضخمية.

وأوصى المجلس بضرورة مواصلة المتابعة الدقيقة لتطورات عجز المدفوعات الخارجية والضغوط التضخمية، وتداعياتها على التوازنات المالية، وقرر الإبقاء على نسبة الفائدة دون تغيير.

وتواجه الحكومة ضغوطا متزايدة لرفع الحظر الذي تفرضه على الانتدابات، بعد أن أعلنت مرافق حكومية مهمة عجزها عن مواصلة الخدمات في ظل نقص كبير في الموارد البشرية.

وقال مصدر تونسي مسؤول، لـ"العربي الجديد"، إن صندوق النقد الدولي مطلع على التحديات التي تواجهها تونس بسبب المطالب الاجتماعية وعدم توفر فرص العمل الكافية بسبب ضعف نسب النمو، لافتا إلى أن الصندوق يرفع درجة شروطه مقابل تمرير القسط الثالث من القرض الذي يفترض أن يصرف في شهر أكتوبر/ تشرين الأول القادم.

ويدفع صندوق النقد الدولي، الذي وافق العام الماضي على برنامج قرض لتونس بقيمة 2.8 مليار دولار، عبر الإصلاحات التي يطلبها، إلى خفض كتلة أجور موظفي الدولة وإعادة رسملة ثلاثة مصارف حكومية أو بيعها، بغرض تمويل الاقتصاد الوطني.

المساهمون