قبل سنوات عديدة، وأثناء زيارة معسكر اعتقال بيرغن بيلسن - حيث دُفنت آنا فرانك الصغيرة - بالقرب من بقايا أفران حرق الجثث (لا يهمّني من كان الفاعل أو متى فعل ذلك) - كتبت الطفلة: "كنت هنا ولا أحد سيخبر قصّتي".
لقد ذكرتُ تلك الزيارة في كتاب بعنوان "القصص الهامشية"، وما أبرزته هو أنّ هذا النص المجهول، الذي لا يزيد عن بضع كلمات، دلّني على سبب كوني كاتباً. أقسمتُ على هذا الكائن المجهول: سأخبر قصتك.
لبضعة أيام، في المنتديات الاجتماعية، قمتُ بنشر العديد من المنشورات الموجَّهة إلى مقاتلي حركة "مير" من تشيلي، تطلب معلومات حول رفيق يُدعى إنريكي لوبيز أولميدو، إسباني، كاهن يسوعي سابق. اغتاله متشدّد وقائد حركة "مير" أثناء الاختباء عام 1977 في مواجهة كاذبة مع أتباع الديكتاتورية.
الغريب، عن طريق الصدفة، الإهمال أو الحفاظ على السرية بشكل صارم، أنه لا توجد صور لإنريكي. لم يكن لدى أقارب المختفين والمغتربين من قبل الديكتاتورية صورة واحدة له، حتى في الكتابات التي وجّهها القاضي بالتاسار غارزون، إلى نظام العدالة الإسباني، بحيث يمكن محاكمة المسؤولين عن جرائم قتل المواطنين الإسبان في تشيلي في إسبانيا، لا توجد صورة واحدة لإنريكي لوبيز أولميدو.
مع شريكتي، كارمن يانيز، قرّرنا معرفة المزيد عن الرفيق الإسباني الذي سقط في تشيلي، أحد رفقائنا، أحد المفقودين، وتحدّثنا ببطء عن قصّة الوحدة الوحشية.
كان الشعور بالوحدة هو ثمن التشدّد السرّي. والوحدة المحترمة التي تمّ الحفاظ عليها لحماية حياتك وحياة رفاقك، يمكنها، في بعض الأحيان، وعلى الرغم من أنّ هذا مؤلم، أن تغطّيك بظلم النسيان.
وجدنا صورة لإنريكي، ربما الصورة الوحيدة الموجودة، الصورة العنيدة لشاب نجا من الموت والاختباء والنسيان. وأنا أعلم أنني يجب أن أروي قصتك.
* كاتب تشيلي
** ترجمة عن الإسبانية باسم النبريص