قصيدة لمن يستحقونها

08 فبراير 2016
(الشاعرة، تصوير: إيغور موديك)
+ الخط -

في الواقع، هذه قصيدة لأولئك الذين يستحقونها:
أولئك الذين على باطن أقدامهم خطوط أساطير،
منسوخة من خرائط عتيقة،
مع كل أخطائها وما أتلف منها،
وما غيّره التاريخ، علامات
تُرى اليوم كسلسلة جبال تغفو
على حدود الصدع العظيم
قصيدة لأولئك الذين ليس من السهل أن تفكّكهم دون
تكبّد الغرق في بركتك،
قصيدة لكل أولئك الذين قاموا
بتعرية أنفسهم ولا يمكن تقاسمهم إلا مع أنفسهم أو مع حب مماثل؛

قصيدة لأولئك الذين دخلو في هدنة مع انقاضهم
ولم يرغموا عليها الآخرين، أولئك الذين لا يهمسون في أذن التاريخ
ولا يتململون، قصيدة لمن كانت أنفاسهم
طيناً مرة وحمماً مرة، كانت حجراً وكانت رماداً

قصيدة لأولئك الذين سمحت أيديهم لسيل الحبر
أن يتدفق في النهر
وللنهر أن يعطي ضفتيه شكلهما الأخير

قصيدة لأولئك الذين جرّبوا هجمة النمل
وحملة الشعر الغريب
وجربوا أخيراً حياة جديدة،
وكلمة مختلفة وجسداً مختلفاً الذي هو الحب والعناد.

***

قصيدة لأولئك الذين لم يدوسوا العشب ليروا أي تربة أنبتته،
لأولئك الذين لا يتكئون على أحد آخر أو على صوتٍ مكتوم،
لأنهم خائفون على حيزهم الضئيل من الأرض - على تلك المملكة.

ليس لأولئك الذين يتدلون من صنوبرات الفخر الحارقة،
ليس أيضاً للجياع أو الشبعى
الذين يقضون نصف حياتهم يملؤون عجزهم بأشعار الاخرين،
ولا للشهداء، ولا للبوساء من الشعراء؛
وليس لأولئك، على ما يبدو، سيتدبرون أمرهم يوماً ما، رغم أنهم لم يفعلوا إلى اليوم،
أواه، أيها البؤس، هذه القصيدة ليست لسدادات الفلين التي تسد حلق القنينة وتفنى هناك،
لتفسد أجود نبيذ معتّق.

الآن وهنا، هذه القصيدة
هي ليست سوى لأولئك الذين يستحقونها.
لأولئك الذين الآن وهنا يفهمونها
لا لمن يخيل لهم أنها تتوهج
وسط ظلمة تشققت من 30 إلى 90 سنة
أو أزيد من ذلك، متناثرة في الأرجاء
طافية ومفعمة بالحياة كما في هذه اللحظة
وليس لأولئك الذين يستمرون بنشدان الخلود
مَثَلهم مَثَل عمال نظافة أو جلادين
يصرخون بأصوات أعلى وأشد جذرية
فوق ركام من رجس النسيان
لا آبه، أليس كذلك!. ها!

***

عليك أن تدير رأسك صوب جدار الآجر
غير عالم بموعد قيام الجدار
او إن كان رأسك سيحتمل.
لا أن تديره نحو البولستيرين، شعلة في يدك،
أو نحو باب محروس
موارباً لليسار، ليس مع
حليف أو في عضد، ليس من خلال
درجات المياه أو العسل، ليس حافي القدمين
عبر الطحالب المغطاة بالندى أو الفحم الملتهب،
تفرسك في النجوم، لا
لن تفعل.

سيأتي كل شيء لاحقاً
عليك أن تعبر برأسك جدار الزمن
مهما كانت صلابته ومهما وُجد في الطرف الآخر
فإن وجد شيء هنالك
إن وجد حقاً شيء هناك
فهذه القصيدة هي لك.

 

* Taja Kramberger شاعرة وأنثروبولوجية من سلوفينيا من مواليد 1970.

** ترجمة: صفاء منير


اقرأ أيضاً: قبل الطوفان وبعده

المساهمون