قصر إسحاق... تحفة معمارية في تركيا

23 سبتمبر 2018
شيد القصر على تلة مرتفعة في دوغوبايزيد (Getty)
+ الخط -
قلّما يُدرج قصر إسحاق باشا ضِمن قصور الدولة العثمانية، وإن حصل فيأتي ضمن القصور الثانوية التي كانت مسكناً للولاة، أو دليلاً على عظمة الدولة وتطورها الهندسي والمعماري، وذلك رغم دخوله أخيرا ضمن قائمة "يونسكو"، لما يتفرد به هذا القصر معماريا على صعيد المزج بين أكثر من حضارة، كما أنه ثاني أكبر قصر بنته الإمبراطورية، بعد قصر طوب كابيه.
تم بناء هذا المعلم الفريد، الذي يقع في الناحية الشرقية من مدينة دوغوبايزيد، بالقرب من الحدود بين تركيا وإيران، خلال القرن السابع عشر (1685)، على هضبة واسعة، ومساحة 7.600 متر مربع، من قبل عبدي باشا، أحد البايات العثمانيين في ذلك الوقت. وقد تم الانتهاء من تشييده من قبل حفيد باي ولاية أغري العثمانية، محمد باشا، خلال سنة 1784.
بيد أن هذا القصر، وربما لاعتبارات جغرافية، أي ابتعاده عن مراكز قوة الإمبراطورية، إن في بورصة أو إسطنبول، بقي قليل الشهرة، ولم تذكره كتب التاريخ، إلى أن أعيد تسليط الضوء عليه أخيراً، بعد دخوله قوائم "يونسكو" للتراث العالمي، وبعدما قامت وزارة السياحة والثقافة التركية بإنهاء ترميمه عام 2009، وتغطية بعض أقسامه بزجاج خاص يمنع دخول مياه الأمطار والثلوج إليه، ثم قامت بافتتاحه للزوار.
ويتوافد الآلاف من السياح سنويا لزيارة القصر في كل المواسم. وفي فصل الشتاء، وبالتحديد ما بين شهري تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الثاني/يناير، تشهد منطقة القصر حرارة متدنية تنخفض عن عشرة تحت الصفر، وإن لم يصل زواره إلى مستوى بقية القصور أو حتى المعالم العثمانية أو البيزنطية، إذ يبلغ متوسط زواره نحو 60 ألفا سنويا. ويُعزى ذلك إلى أن السياح يأتون خصيصا للاستمتاع بجمال القصر عندما يكتسي بالحلة البيضاء، والأعجب من هذا أن منظر إزالة الثلوج من باحتي القصر بالآلات المخصصة من قبل موظفي البلدية يستهوي الكثير من الزوار.
وتنقسم قصور الدولة العثمانية، إلى مركزية وثانوية، فالمركزية هي التي كانت تتم فيها أعمال الدولة العثمانية الإدارية والسياسية، وكان يقيم فيها السلطان وحاشيته، بينما كان يسكن أولياء العهد في القصور الثانوية التي كانت تشيّد إلى جانب القصر المركزي.
وقد شكلت هذه القصور أحد الرموز المهمة في إبراز القوة التي تمتلكها الدولة العثمانية، والتي من أبرزها ولم تزل قائمة حتى اليوم:
ـ قصر الباب العالي "توب كابي": تم تشييد هذا القصر عام 1478، بناءً على أمر السلطان "محمد الفاتح" 1432 ـ 1481"، واستمر استخدام هذا القصر الضخم كمركز أساسي لأعمال الدولة العثمانية الإدارية والسياسية لما يفوق 400 عام. كان يتسع قصر الباب العالي لما يقارب 4000 شخص للإقامة والعيش، وكان يعمل فيه أكثر من 6000 شخص، وتبلغ مساحته 80 ألف متر مربع.
ـ قصر يلديز: تم تشييد قصر يلديز بناءً على أمر من السلطان "سليم الثالث" (1761 ـ 1808) عام 1789، وانتهت عملية تشييده عام 1807، وكان هدف السلطان سليم الثالث من وراء إنشاء قصر يلديز هو إهداؤه إلى أمه "ميهري شاه". واستخدم قصر يلديز كقصر مركزي للدولة العثمانية، غداة تولّي السلطان "عبد الحميد الثاني" "1842 ـ 1918" مقاليد الحكم عام 1876.
ـ قصر دولما باهجة: صدر قرار إنشائه عام 1843 من قبل السلطان العثماني عبد المجيد (1823 ـ 1861)، وتم الانتهاء من تشييده عام 1856. بعد الانتهاء من تشييده استُخدِم كبديل لقصر الباب العالي، لإدارة الشؤون الإدارية والسياسية للدولة العثمانية. تبلغ مساحة قصر دولما باهجة 250 ألف متر مربع.
ـ قصر تشيراغان: تم إصدار قرار إنشاء قصر تشيراغان أيضًا من قبل السلطان العثماني عبد المجيد، وبدأت عملية إنشائه عام 1857، ولكن السلطان عبد المجيد لم يتمكن من رؤيته كاملًا، إذ وفاته المنية قبل اكتمال بناء القصر، وعمل أخوه السلطان عبد العزيز على إتمامه، وتم الانتهاء من عملية إنشائه عام 1871. استخدم قصر تشيراغان لاستقبال ضيوف الدولة العثمانية وتوفير الإقامة اللائقة لهم.
ـ قصر بيلار بيي: صدر قرار إنشاء قصر بيلار بيي عام 1861، من قبل السلطان العثماني "عبد العزيز" "1830 ـ 1876"، وتم إتمامه عام 1865. استعمل قصر بيلا ربيي من قبل السلطان العثماني "عبد العزيز" وخلفه كمصيف لقضاء العطل.
ـ قصر إبراهيم باشا: إبراهيم باشا هو صهر السلطان العثماني سليمان القانوني (1494 ـ 1566) ووزيره الثاني. لم تتمكن الوثائق التاريخية من رصد التاريخ الحقيقي لبناء قصر إبراهيم باشا، ولكن الوثائق التاريخية نقلت أن السلطان العثماني سليمان القانوني شيد القصر وأهداه لإبراهيم باشا الذي تزوج من أخته السلطانة "خديجة".
ـ قصر إسحاق باشا: أحد أهم القصور الثانوية التي تأسست في مدينة بعيدة عن إسطنبول. تم تشييد قصر إسحاق باشا في ناحية دوغبايزيت في مدينة أغري، وتم إصدار قرار إنشائه من قبل والي أغري، عبدي باشا، عام 1685، وعقب وفاة عبدي باشا، عمل ابنه إسحاق باشا ومن ثم حفيده محمد باشا على إتمامه، وتم الانتهاء من عملية تشييده عام 1784. يحمل قصر إسحاق باشا روح العمارة العثمانية والسلجوقية والتركمانية.
المساهمون