قانون عبد العزيز

19 يناير 2015
يحلم عبد العزيز بإنشاء فرقة موسيقيّة (العربي الجديد)
+ الخط -
في غرفته الصغيرة يجلس عبد العزيز أبو شرخ وأمامه آلة القانون، رفيقته. من خلالها، يُظهر موهبته في عزف جميع الألحان القديمة والحديثة. هو اليوم في الثالثة عشرة من عمره، أما مشواره مع العزف فقد بدأ عندما كان لا يزال في السابعة.

في ذلك الحين، قصدَ مدرسة غزّة للموسيقى. وعلى الرغم من صعوبة العزف على هذه الآلة بالنسبة إلى طفل في مثل عمره، إلا أنه تعلمها سريعاً وشارك في حفل مع فرقة موسيقيّة، ففوجئ الجميع بعزفه المميّز.

الموسيقى ليست موهبة، فحسب، بالنسبة إلى عبد العزيز. هو يؤمن بأن الموسيقى التي يعزفها أسمى وأجمل لغة يقدّمها، ويشير إلى أن "الموسيقى هي غذاء الروح كما قال أفلاطون. هي لغة السعادة، في ظل غياب كل ما يفرحنا كعرب".

في عام 2012، اشترك عبد العزيز في مسابقة إدوارد سعيد التي كان قد تقدّم إليها أفضل العازفين على مستوى فلسطين. وعلى الرغم من أنه كان يبلغ العاشرة من عمره في تلك الفترة، إلا أنه حصل على المركز الثاني على المستوى الوطني في العزف على القانون. وبعد عامَين، فاز في المسابقة ذاتها على المركز الأوّل، مع إنه أصغر المتنافسين.

يطمح عبد العزيز إلى إكمال مشواره في خارج فلسطين، ليحمل رسالة سلام عبر عزفه. وهو يحلم بإنشاء فرقة موسيقيّة تحت اسم "زهرة المدائن "، ليثبت أن "أطفال فلسطين ليسوا إرهابيّين ويحبّون الحريّة والسلام".

منذ البداية، تابع أسعد أبو شرخ ابنه واشترى له آلة قانون ليمارس هوايته ويبدع. كذلك، راح يُسمعه ألحاناً قديمة ليعتادها، فراح الصغير يعزف الألوان الشعبيّة والطربيّة القديمة، مثل تلك التي غنّتها أم كلثوم والسيّدة فيروز. فالوالد أراد أن يحثّ ابنه على أصول الموسيقى، على الرغم من أنه يعمل مدرساً في كلية الإعلام في جامعة فلسطين وبعيداً عن مجال الموسيقى. ويخبر أن "عبد العزيز تطوّر بشكل كبير بعدما دعّم هوايته وموهبته بالدراسة".

إلى ذلك، يعبّر الوالد عن فخره عندما يؤدّي طفله معزوفات وطنيّة يعتزّ بها الفلسطينيّون. يضيف أن "طموح ولدي هو إيصال رسالة إلى جميع أطفال العالم، بأن للطفل الفلسطيني الحق في العيش مثلهم في وطن حرّ بعيداً عن الحرب والحقد".

من جهتها، ترافق الوالدة وفاء أبو شرخ ابنها إلى جميع المهرجانات والاحتفالات التي يشارك فيها بالعزف. وفي كل مرّة تعجز عن كبح دموعها عندما ترى طفلها فرحاً ويفاجئ الكبار في أسلوب عزفه.

وتخبر الوالدة أن ولدها وفي كثير من الأحيان، لا ينام حتى يتقن معزوفاته. وتشير إلى تمتّعه بحسّ موسيقي يختلف كليّاً عن غيره، بحسب ما أكد لها عدد من أهل الاختصاص. فهو وإلى جانب اندماجه الكبير بما يقدّمه، يضع بصمته الخاصة في كل معزوفة يؤديها.

من جهة أخرى، يصطحب عبد العزيز عدداً من زملائه في دراسة الموسيقى إلى منزل العائلة أسبوعيّاً حتى يتدرّبوا على العرض الموسيقي الذي سيقدمونه أمام المعنيّين وفي الحفلات.

وتقول الوالدة هنا: "أشعر بالسعادة عندما يعزف عبد العزيز أمام الوفود الأجنبيّة التي تزور غزّة. فمن خلال هؤلاء يبعثون برسالة تفيد بأن أطفال فلسطين يتمتعون بمواهب كغيرهم من الأطفال في العالم، على الرغم من الصورة السيئة التي تُنقل عنهم".

وتوضح أن "عبد العزيز لا يقصّر في دراسته أبداً. هو يوفّق ما بينها وبين موهبته، حتى أنه في أوقات الفراغ يحاول العزف على آلات عدّة إلى جانب آلة القانون التي احترفها".

على الرغم من كل ما يقدمه عبد العزيز ومن موهبته المتميّزة، إلا أنه لا يلقى الاهتمام المطلوب إلا من عائلته. فالمؤسسات التي تعنى بالمواهب وتنمّيها غائبة، كذلك، فإن دروس الموسيقى ليست مدرجة كأولوية في المدارس، بالإضافة إلى عدم توفّر مدارس موسيقيّة في القطاع غير مدرسة غزّة للموسيقى.

عزف رغم أنف الإحتلال

في قطاع غزّة، غالباً ما تخيب آمال أهله، لا سيّما أحلام الصغار منهم. وتختلف مسببات هذه الخيبات، في حين تبقى أبرزها الاحتلال الإسرائيلي. ففي خلال العدوان الأول على غزّة في عام 2008، دمّرت صواريخ الاحتلال مدرسة غزّة للموسيقى التي كان يقصدها عبد العزيز أبو شرخ لصقل موهبته الفتيّة. فعلّق موهبته لفترة زمنيّة. وعندما أنشئت مدرسة بديلة من تلك التي هدمت، عاد ليستأنف عزفه.

المساهمون