في الطريق إلى "فلّة"

22 يناير 2016
الدمية فّلة (Getty)
+ الخط -
لم يعد هاجس الأميرات التحدث مع العصافير، وقضاء النهار في الرقص والغناء والبكاء، كلما رأين منظراً طبيعياً جميلاً، فالأميرة النائمة لم تستيقظ من غيبوبتها بقبلة من أمير لا تعرفهَ، وسندريلا لم تلتق الأمير للمرة الأولى في الحفل الملكي.

ديزني غيرت صورة الأميرة التي بدأتها مع أول فيلم سينمائي 1937،عن "بياض الثلج"، والمقتبس من حكاية للأخوين غريم، والتي كُتبت في بدايات القرن التاسع عشر. التغييرُ الجذري لأميرات ديزني لم يحصل دفعة واحدة، فهو خضع لتحوُّلات متعدِّدةٍ انسجمت مع التغيّرات المحيطة الاجتماعية والسياسية. إذْ بقيت قصص الأميرات توجه الرسائل للفتيات الصغيرات، من زاوية ضيقة ومحدودة وذكوريَّة، إذ حتّى إنْ شعرت الأميرة بلحظة قوة واستقلاليَّة، فليس لأنها قوية بذاتها، وإنما نتيجة ظرف خارجي، خارق للطبيعة، يتمثل بالساحرة أو بالجنيّة.

ظهور باربي في نهايات الخمسينيات، وتصاعد الحركة النسائيَّة في بداية الستينيَّات قلب المعادلة. إذْ لم يعد بالإمكان الاحتفاظ بالأميرة ضمن الحكاية، بمزايا ساذجة وقليلة الحيلة، ولم تعد الرسائل السابقة الموجهة للفتيات الصغيرات في سندريلا والأميرة النائمة تصلح للعصر الجديد. فالآن يوجد باربي، الفتاة العاملة، التي تفعل ما ترغب به، وتتمع بالحرية والاستقلال المادي والمهني.

بعد تزايد مبيعات باربي، ورغبة الفتيات الصغيرات بشرائها والإقبال الهائل عليها، بدأت أميرات ديزني بالتحول لمنافسة باربي، ولكن بشكل أعمق وضمن حكاية مُتقنة الصُنع. فبوكوهانتس (1995) فتاة تسعى للتحرر، وتفعل ما تريد، وتدافع عن حبّها ضد تقاليد القبيلة. ومولان (1998) تنصلت من العادات والتقاليد، وقررت أنها ستتخلص من شعرها لتكون فارساً وتحارب بدلاً من أبيها. لتأتي الأميرة تاتيانا في فيلم بريف (2012) كمتمردة ضد عائلتها ومجتمعها، فهي ستحارب من دون الحاجة لإخفاء هويتها كأنثى.

تعرضت حكايات الأخوين غريم، منذ بداية ظهورها، حتى اليوم، لتغيُّرات متعدِّدةٍ، تلاءمت مع تغير الظروف الاجتماعية، وتطوُّر طرائق العيش والتفكير. هذا بالنسبة للغرب، ولكن داخل المنطقة العربية، وبالرغم من التحوُّلات الاجتماعيَّة والسياسيَّة والحركات النسويَّة، والمتغيرات التي خضعت لها المنطقة، ماتزال قصص الأخوين غريم تروى بنسختها البدائية التي ظهرت في بدايات القرن التاسع عشر، وما تزال الحكايات في المنطقة العربية تخضع لأحكام التقاليد والمعايير الدينية. ففي قصص "المكتبة الخضراء"، على سبيل المثال، تصبر سندريلا أو إيلا على أي شيء وكلّ ظلم، وتسامح وتعفو وتناجي الله.

اقرأ أيضاً: (فيديو) لقطات صادمة لأب يسقي طفلتيه الفودكا


وحينما أرادت بعض الشركات العربية، أن تصنع منتجاً عربياً يحاكي باربي التي ظهرت في الستينيات، صنعوا فلة، الفتاة العربية المسلمة المحجبة، كردّ فعل على فكرة باربي التي تدعو للتحرُّر والاستقلال. لتبقى الرسالة المباشرة الموجهة للفتيات الصغيرات العربيَّات، بعد جملة التحولات التي ذُكرت سابقاً، تتمثل بلعبة "عربية الصُنع"، تكرس العُرف وتقاليد الدين.
دلالات
المساهمون