فرص التوظيف تعادل حلم المصالحة الوطنيّة في غزة

18 مارس 2014
+ الخط -

كثيرةٌ هي المؤسسات الأهلية والخاصة والحكومية التي تفتح أبوابها أمام الخريجين الغزيّين، الذين لا يجدون مكاناً لهم في سوق العمل في قطاع غزة. يلجؤون إلى العمل التطوعي في هذه المؤسسات التي تعمل ضمن مشاريع ممولة، بوصفه الحلّ الوحيد، وطمعاً في اكتساب الخبرات وفتح قنوات قد تساعدهم في الحصول على وظيفة في المستقبل.

تطوعت ميرفت في إحدى هذه المؤسسات بعد إنهائها الثانوية العامة، على أمل أن يأتي اليوم الذي يتم فيه ضمها إلى الكادر الوظيفي، من دون أن يتحقق ذلك. تعترف باكتسابها خبرة كبيرة، إلى جانب متابعة دراستها الجامعية. بعد عشر سنوات من العمل التطوعي، تحلم بوظيفة تؤمن لها دخلاً واستقلالية، وتجعلها كياناً فاعلاً في المجتمع.

على غرار ميرفت، دفع الضجر الناجم عن المكوث الطويل في البيت بهيثم إلى التطوع في إحدى المؤسسات. مر عامان من دون أن ينجح في إيجاد وظيفة، حتى تحول الأمر إلى حلم لا يختلف عن تحقيق المصالحة الوطنية. مع ذلك، لم يفقد الأمل. يقول: "أشعر أن سنوات الدراسة ذهبت هباء". تخرّج هيثم من كلية الصيدلة، إلا أنه يعمل حالياً في المجالين الاجتماعي والخدماتي، وقد بات حلمه يقتصر على إيجاد عمل، حتى لو كان بعيداً عن تخصّصه. بلغ هيثم الـسادسة والعشرين ويحلم اليوم بتكوين أسرة.

من جهته، يرى محمد الآغا (28 عاماً) أن الشباب الغزي يلجأ إلى المؤسسات كي يحصل على فرصة تدريب واكتساب الخبرة، وخصوصاً أن المؤسسات الرسمية والخاصة غالباً ما تشترط سنوات من الخبرة. ويلفت إلى وجود مصلحة مشتركة بين الشباب المتطوع والمؤسسات التي توفّر هذه الفرصة. 

في المقابل، تبدو هبة أكثر تشاؤماً، فقد فقدت الثقة بمؤسسات المجتمع المدني. تقول، بعدما اختبرت التطوع في أكثر من مؤسسة، إنهم "لا يوظفون المتطوعين في أغلب الأحيان"، من دون أن يكون هناك سبب واضح لذلك، على الأقل لديها. كنتيجة، تخلت عن التطوع نهائياً، وباتت تكتفي بالمشاركة في ورشات عمل أو ندوات.

فقدان الثقة هذا لم يؤد إلى فقدان التواصل تماماً بينها وبين مؤسسات المجتمع المدني، التي تبقى حاجة للقضاء على الفراغ، وخصوصاً بعد التخرج. بدوره، يشاركها أسامة عميش (23 عاماً) سخطها، لافتاً إلى أن المتطوعين في المؤسسات الأهلية يفتقدون لأي قانون يضمن حقوقهم.

على الجانب الآخر، يبدو أن للقيمين على هذه المؤسسات رأياً آخر. يقول المدير التنفيذي السابق لـ"الجمعية الوطنية للديموقراطية وحقوق الإنسان" حمد أبو عساكر، إن "مفهوم التطوع لم يعد واضحا بالنسبة للكثيرين"، موضحاً أنه "بالأمس القريب، كان التطوع ثقافة تعتمد على العطاء من دون البحث عن مقابل، فيما يتطوع الشباب اليوم سعياً وراء الوظيفة". ويعزو السبب إلى تردي الأوضاع الاقتصادية، التي تدفعهم إلى ارفاق طلب التطوع بالمطالبة بتغطية مصاريف مواصلاتهم ومكالماتهم الهاتفية.

ولا ينفي أبو عساكر أن بعض المؤسسات تدفع الشباب إلى فقدان الثقة بها، وخصوصاً أنها لا توظف المتطوعين.  مع ذلك، يلفت إلى أهمية التطوع التي تكسب الشباب بعض المهارات والخبرات وخصوصاً في مجال التنمية، وتوفر لهم فرص عمل في المستقبل. ويلفت إلى أن الظروف المالية لهذه المؤسسات غالباً ما يجهلها الشباب، وتفرض عليها استقبالهم كمتطوعين فقط.

المساهمون