22 نوفمبر 2024
عن العقلية الإجرامية الوقحة
قد يظن المرء، بعد قراءته وسماعه الكثير من أخبار الاغتيالات والتصفيات، أن الأنظمة القمعية، العربية والغربية، والفصائل المليشياوية والمافياوية، قد جرّبت كل الوسائل الممكنة لتنفيذ عملياتها، وأن لا مجال لابتكار جديدٍ في عالم الجريمة المنظمة، إلا أن الساعات والأيام الماضية لا بد أن تدفع إلى إعادة الحسابات، وفتح الآفاق على مزيد من الابتكارات الإجرامية، ولا سيما في حال صحّت التقارير والتسريبات عن قتل الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول. وهي تسريباتٌ باتت تقترب كثيراً من الحقيقة، وخصوصاً أن أسبوعاً مرّ على اختفاء الرجل من دون أن يظهر له أي أثر، حياً أو ميتاً.
تشير المعلومات المتداولة، في حال صحَّت، إلى العقلية الإجرامية الوقحة التي تُدار بها المملكة العربية السعودية اليوم. عقلية رأينا قسماً منها في عمليات احتجاز الأمراء وخطف رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، ودفعه إلى الاستقالة. كانت كلها مؤشراتٌ حول العقلية الوقحة التي يفكر بها النظام السعودي الحالي، وتحديداً في قضية الحريري، حيث تم استدراجه إلى داخل المملكة لاحتجازه، وهو ما بات واضحاً ومعلناً، إلا أن النظام لا يزال ينكر. تماماً كما هو الحال في قضية خاشقجي، مع فارق أن الجريمة اليوم أبشع بدرجات.
تفاصيل جريمة اليوم، بحسب التسريبات حولها، كاشفة لهذه العقلية الوقحة، والتي اختارت استدراج خاشقجي إلى القنصلية السعودية وقتله داخلها. سيناريو لا يمكن أن يقوم به أي قاتلٍ هاوٍ، إلا إذا كان على هذه الدرجة من الغطرسة التي يبدو أن النظام السعودي يعيشها اليوم. فأي قاتلٍ مبتدئ ما كان ليستدرج ضحيته إلى داخل منزله لينفذ الجريمة، وما كان ليرسل فريقاً من أمنيين معروفين بالاسم والصفة، وبرفقة طبيب شرعي، من السعودية إلى إسطنبول للإشراف على عملية القتل. كان المنطق يقول، وهو ما لا يمكن إسقاطه على التفكير السعودي بالمطلق، إنه في حال أراد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تصفية خاشقجي، كان يمكنه أن ينفذها من دون أن يثير الشبهات حول دور المملكة مباشرة في ذلك. كان يمكن تدبير حادث سير أو عملية طعن أو إشكال فردي يذهب ضحيته عن طريق الخطأ، أو كثير غيرها من الوسائل التي تعتمدها الاستخبارات في عمليات التصفيات.
غير أنه لا مكان للمنطق في هذه الإدارة السعودية التي ترى نفسها خارج المساءلة، ومحمية من كبريات دول العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لمجرد أنها قادرة على دفع دية أي انتهاك لحقوق الإنسان تقوم به، سواء كان قتلاً أو خطفاً أو تعذيباً. على هذا الأساس، يمكن أن يكون نظام بن سلمان قرّر تنفيذ عملية القتل داخل القنصلية، وحدّد سلفاً الثمن الذي سيدفعه للصمت عنها، سواء للولايات المتحدة أو غيرها. وهو ما يبدو واضحاً من تصريحات المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال يفكر في مخاطبة العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لسؤاله عن وضع خاشقجي. أما نائبه مايك بنس فقد أعلن استعداد بلاده للمشاركة في التحقيقات في اختفاء الكاتب السعودي، ولكن في حال طلبت الرياض ذلك فحسب، على الرغم من أن الجريمة لم تقع في السعودية بل في تركيا، وبالتالي، من المفترض أن يأتي أي طلب من هذا النوع من تركيا وليس السعودية. ما يعني أن ما قصده بنس أن بلاده مستعدة للمشاركة في التحقيقات في حال وافقت السعودية.
هذا الغطاء الأميركي يعزّز العقلية الإجرامية الوقحة التي يسير النظام السعودي على هديها، ونفذ على أساسها عملية قتل خاشقجي، وربما يحضر لكثير غيرها.
تشير المعلومات المتداولة، في حال صحَّت، إلى العقلية الإجرامية الوقحة التي تُدار بها المملكة العربية السعودية اليوم. عقلية رأينا قسماً منها في عمليات احتجاز الأمراء وخطف رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، ودفعه إلى الاستقالة. كانت كلها مؤشراتٌ حول العقلية الوقحة التي يفكر بها النظام السعودي الحالي، وتحديداً في قضية الحريري، حيث تم استدراجه إلى داخل المملكة لاحتجازه، وهو ما بات واضحاً ومعلناً، إلا أن النظام لا يزال ينكر. تماماً كما هو الحال في قضية خاشقجي، مع فارق أن الجريمة اليوم أبشع بدرجات.
تفاصيل جريمة اليوم، بحسب التسريبات حولها، كاشفة لهذه العقلية الوقحة، والتي اختارت استدراج خاشقجي إلى القنصلية السعودية وقتله داخلها. سيناريو لا يمكن أن يقوم به أي قاتلٍ هاوٍ، إلا إذا كان على هذه الدرجة من الغطرسة التي يبدو أن النظام السعودي يعيشها اليوم. فأي قاتلٍ مبتدئ ما كان ليستدرج ضحيته إلى داخل منزله لينفذ الجريمة، وما كان ليرسل فريقاً من أمنيين معروفين بالاسم والصفة، وبرفقة طبيب شرعي، من السعودية إلى إسطنبول للإشراف على عملية القتل. كان المنطق يقول، وهو ما لا يمكن إسقاطه على التفكير السعودي بالمطلق، إنه في حال أراد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تصفية خاشقجي، كان يمكنه أن ينفذها من دون أن يثير الشبهات حول دور المملكة مباشرة في ذلك. كان يمكن تدبير حادث سير أو عملية طعن أو إشكال فردي يذهب ضحيته عن طريق الخطأ، أو كثير غيرها من الوسائل التي تعتمدها الاستخبارات في عمليات التصفيات.
غير أنه لا مكان للمنطق في هذه الإدارة السعودية التي ترى نفسها خارج المساءلة، ومحمية من كبريات دول العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لمجرد أنها قادرة على دفع دية أي انتهاك لحقوق الإنسان تقوم به، سواء كان قتلاً أو خطفاً أو تعذيباً. على هذا الأساس، يمكن أن يكون نظام بن سلمان قرّر تنفيذ عملية القتل داخل القنصلية، وحدّد سلفاً الثمن الذي سيدفعه للصمت عنها، سواء للولايات المتحدة أو غيرها. وهو ما يبدو واضحاً من تصريحات المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال يفكر في مخاطبة العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز لسؤاله عن وضع خاشقجي. أما نائبه مايك بنس فقد أعلن استعداد بلاده للمشاركة في التحقيقات في اختفاء الكاتب السعودي، ولكن في حال طلبت الرياض ذلك فحسب، على الرغم من أن الجريمة لم تقع في السعودية بل في تركيا، وبالتالي، من المفترض أن يأتي أي طلب من هذا النوع من تركيا وليس السعودية. ما يعني أن ما قصده بنس أن بلاده مستعدة للمشاركة في التحقيقات في حال وافقت السعودية.
هذا الغطاء الأميركي يعزّز العقلية الإجرامية الوقحة التي يسير النظام السعودي على هديها، ونفذ على أساسها عملية قتل خاشقجي، وربما يحضر لكثير غيرها.