عمليات بسط الأمن في ديالى العراقية: تجريف وإحراق بساتين الأهالي

02 اغسطس 2020
عملية أمنية في ديالي بمشاركة مليشيات محسوبة على إيران (الأناضول)
+ الخط -

أثارت، أخيراً، عمليات إحراق وتجريف البساتين، التي رافقت تنفيذ عملية عسكرية لفرض الأمن في محافظة ديالى، شمال شرق بغداد، انتقادات من قبل مسؤولين في المحافظة العراقية، الذين انتقدوا بناء الخطط العسكرية على حساب مصلحة المواطن، محملين القيادات الأمنية مسؤولية ذلك.
وتختلط الأوراق في محافظة ديالى، التي تعد طريقاً يربط بين إيران من جهة والعاصمة بغداد من جهة أخرى، إذ عادت انتهاكات المليشيات، أخيراً، للنشاط في المحافظة بموازاة نشاط "داعش"، ما تسبب خلال الشهرين الأخيرين بتصعيد العنف وعودة القتل والخطف والقصف العشوائي، ما أودى بحياة الكثير من أبناء المحافظة.
وأطلق الجيش العراقي بدعم من "الحشد الشعبي"، منذ الأحد الماضي، عملية عسكرية واسعة لتطهير عدد من بلدات وقرى المحافظة من خلايا تنظيم "داعش" الإرهابي، والتي تشهد منذ أكثر من شهرين أعمال عنف خطيرة وتراجع بالملف الأمني، واستمرت العملية عدّة أيام.

العملية رافقتها أعمال تجريف وإحراق للبساتين في بلدتي أبو كرمة والمخيسة، بحجة تأمينهما ومنع عودة عناصر "داعش" إليهما. ووفقاً لمسؤول أمني في المحافظة، فإن "عمليات الحرق والتجريف طاولت مئات الدونمات من بساتين النخيل والبرتقال المحاذية لنهر ديالى، ما تسبب بأضرار مادية كبيرة للأهالي".
وأكد المسؤول إياه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مناشدات أطلقها الأهالي للقيادات الأمنية بوقف تلك العمليات، لكنها استمرت بتنفيذها"، مشيراً إلى أن "أصابع الاتهام توجه إلى بعض الفصائل المنضوية ضمن (الحشد الشعبي)، التي ترافق القوات الأمنية خلال العملية".
واعتبر أنّ "تلك الانتهاكات هي محاولة لإجبار الأهالي على النزوح من مناطقهم، بعدما فقدوا أسباب رزقهم فيها"، محذراً من "عودة مسلسل التغيير الديموغرافي لتلك المناطق، بعدما فقد الأهالي بساتينهم ومزارعهم".
في السياق، حمل نواب في المحافظة القيادات الأمنية مسؤولية ذلك، منتقدين الخطط الأمنية التي لا تراعي مصلحة المواطن.
وقال النائب عن المحافظة رعد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، "نرفض الخطط الأمنية الفاشلة التي لم تعط ثمارها سوى في ضرر المواطنين. لا يمكن أن تكون خطط توفير الأمن على حساب المواطن، إذ يجب أن يوفر الأمن من خلال خطط عسكرية تراعي مصالح المواطنين وأعمالهم وأرزاقهم، واحترامهم وعدم الإضرار بوضعهم الاقتصادي".
وأضاف أن "عمليات تجريف وإحراق البساتين هي جرائم يحاسب عليها القانون، وأن مناطق أبو كرمة والمخيسة وغيرها تحتاج إلى تعزيز الوجود الأمني وفق خطط أمنية رصينة، لا أن تكون عمليات بسط الأمن فيها من خلال إحراق وتجريف بساتينها"، مشدداً على أنه "يجب ألا يعاقب المواطنون على الخروقات التي تقع في مناطقهم، وألا يتحملوا مسؤولية الفشل الأمني الذي يجب أن تتحمل مسؤوليته الأجهزة الأمنية".
وأشار إلى أنه "في حال استمرار تلك العمليات فإنها ستتسبب بنكبة للأهالي"، لافتاً إلى أن "هناك جهات تعتاش على أضرار المواطنين، وتعتقد أنها من خلال ذلك تستطيع أن تفرض الأمن بالخوف، وهذه خطط فاشلة وخاطئة، وهي تعمل على زعزعة الأمن لتحقق أجندات خاصة من خلال الخلل الأمني".

أما النائب عن المحافظة، رياض التميمي، فقد حمّل "قائد عمليات ديالى والقيادات الأمنية مسؤولية أعمال الحرق والتجريف التي تطاول بساتين المحافظة"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "نواب المحافظة طرحوا موضوع التردي الأمني في المحافظة على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وأطلعوه على ما يجري في المحافظة من ضعف أمني واستخباري وقيادي بشكل عام"، مبيناً أن "ديالى محافظة منكوبة وهي تحتاج إلى قيادات أمنية حقيقية، لبسط سلطة القانون فيها".
وأضاف أن "الوجوه القيادية الأمنية ذاتها تتداور في المحافظة منذ سنوات عدّة، فيما يتدهور الملف الأمني بشكل لافت، والخطط الأمنية تحتاج الى تحديث"، مطالباً بـ"لجان تحقيقية تكشف ما يجري في المحافظة، إذ إن المحافظة فيها قوات أمنية كافية، لكن أمنها مترد، وإن هناك ارتباطات سياسية للجهات الأمنية، الأمر الذي يستدعي أن تكون خطط فرض القانون لأجل الأمن، وليس لإرضاء بعض الجهات".
وتسيطر قيادات في مليشيات "الحشد الشعبي" على الملفين الأمني والسياسي في المحافظة، التي ينتمي محافظها مثنى التميمي لمليشيات "بدر"، وهو يترأس بذات الوقت اللجنة الأمنية في المحافظة.
وتعاني ديالى، منذ أكثر من شهرين، من عودة أعمال العنف بشكل شبه يومي، تزايدت حدتها أخيراً، إذ عادت عمليات القنص والاغتيالات وتفجير العبوات والقصف العشوائي وصواريخ الكاتيوشا على المناطق السكنية، ما تسبب بسقوط ضحايا من المدنيين، وسط ارتباك بإدارة ملفها الأمني.

المساهمون