مع نهاية القرن الماضي، استحوذ الرقص على اهتمام أكاديمي وبحثي واسع، حيث ظهرت العديد من الدراسات التي تقاربه كوسيلة للعلاج، أو ترصد علاقته مع التكنولوجيا ووسائل الإعلام الجديد، كما ناقش علم الإثنوكوريولوجي صلاته بالنوع الاجتماعي ونظريات ما بعد الكولنيالية.
ويذهب باحثون إلى معاينة حركة الجسد ضمن سياقات الهيمنة والحرب والتغيير، واستغلال السلطة السياسية والاجتماعية لفرض مفاهيم أساليب الحياة والموت على البشر، وأثر ذلك في تحريك الأجساد والسيطرة عليها في الأزمات والصراعات الدولية.
"مقال في الكوريغرافيا" عنوان المحاضرة التي تلقيها الكوريغرافية والباحثة اللبنانية عليا حمدان في "جمعية أشكال ألوان" في بيروت عند الثامنة من مساء اليوم الثلاثاء، وتسلّط الضوء على سياسة الأداء وعلاقات تصميم الرقصات بنظرية السينما.
تشير حمدان إلى أن "الكوريغرافيا هي ممارسة لوصف المواقع، في منتصف المسافة بين الجغرافيا والسرد التاريخي"، في اقتراح منها لاستعارة الفكرة وتحويلها من الناحية النظرية إلى تمرين عملي في الرسم، بالاعتماد على أفكار الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز (1925 – 1995).
وتبحث حمدان، خلال المحاضرة، في تأثير تاريخ الجغرافيا السياسية والتاريخ الاستعماري في بلدان مثل لبنان وفلسطين على الجسد، وإنتاج أنواع معينة من التأثير السياسي، من خلال التركيز على مقتطفات من أفلام سينمائية لعدد من المخرجين.
من النماذج التي تسردها أفكار المخرج اللبناني مارون بغدادي (1950 – 1993)، والإيطالي بيير باولو بازوليني (1922 – 1975)، والألماني فولكر شلوندورف (1939)، والفلسطيني إيليا سليمان (1960)، في محاولة منها في كل حالة لعزل الشخصية وتعبيراتها المكانية والزمانية والسياسية التي تعبّر عنها، والربط في ما بينها باعتبارها تمثّل نموذجاً سياسياً في التأثير، وإبراز تعبيراتها الإيمائية ووضعها في حوار مع الكوريغرافيا.
يُذكر أن حمدان حازت درجتي الماجستير والدارسات الحضرية من جامعتي "السوربون" و"نانتير" في باريس، وتعمل في التدريب ضمن مجال الفنون البصرية ونظرية الأداء في "الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة"، وقدّمت العديد من الأعمال الكوريغرافية التي استخدمت الرقص في بعض منها بوصفه وسيلة لاستكشاف تأثير الحرب.