شارك عشرات آلاف المسلمين، اليوم الجمعة، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أول صلاة تقام في آيا صوفيا منذ تحويله من متحف إلى جامع مجدداً في 10 يوليو/ تموز الحالي، في خطوة أثارت انقساماً بين مؤيد لها ومنتقد في تركيا وفي العديد من الدول.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد أدائه صلاة الجمعة في آيا صوفيا، أن "المسجد سيظل مكاناً يستقطب الناس من كافة الأديان، لكونه إرثاً ثقافياً مشتركاً للإنسانية جمعاء". وأضاف، خلال زيارته ضريح السلطان محمد الفاتح، أن "آيا صوفيا عاد إلى أصله، وأصبح مسجداً مرة أخرى، وسيستمر في خدمة المؤمنين كمسجد".
وأشار إلى أن نحو 350 ألف شخص أدوا صلاة الجمعة في المسجد. كذلك لفت إلى أن وزارة الثقافة والسياحة ستقوم بأعمال ترميم داخل آيا صوفيا الكبير وخارجه والذي يستقبل ملايين الزائرين سنوياً.
Erdogan recites holy Quran at Hagia Sophia just before the first Friday prayers in the ancient building in 86 years pic.twitter.com/FJvnKwtWbH
— Ragıp Soylu (@ragipsoylu) July 24, 2020
وقبيل صلاة الجمعة، بدأت رئاسة الشؤؤن الدينية التركية برنامجاً لتلاوة القرآن الكريم والأدعية في المسجد، حيث قرأ أشهر القراء الأتراك سوراً من الذكر الحكيم، أنهاه رئيس الشؤون الدينية على أرباش بالدعاء. وقال أرباش، الذي ألقى أول خطبة جمعة في المسجد منذ 86 عاماً: "اليوم انتهى الجرح العميق والحسرة في قلوب شعبنا"، قبل أن يشدد على أن "أبواب آيا صوفيا ستظل مفتوحة للجميع دون أدنى تمييز، أسوة بكافة المساجد في تركيا". وأضاف "تحت قبة آيا صوفيا، أدعو البشرية جمعاء إلى العدالة والسلام والرحمة والعدالة، وأحثّ على الحفاظ على القيم العالمية والمبادئ الأخلاقية التي تحمي كبرياء الإنسان".
ووضع أردوغان وكبار الوزراء كمامات بيضاء كإجراء وقائي من وباء كورونا، وسط حشود تجمّع بعضها منذ ساعات الفجر الأولى عند نقاط تفتيش حول قلب إسطنبول التاريخي، الذي انتشر فيه الآلاف من رجال الشرطة. وبعد تخطي نقاط التفتيش جلس مصلّون يضعون كمامات على مسافات متباعدة أمام المبنى في ميدان السلطان أحمد. ووُضعت شاشة كبيرة ومكبّرات للصوت في الميدان لبث مراسم الصلاة للآلاف الذين تجمعوا في الخارج. ومع زيادة الحشود لم يعد هناك مجال يذكر لتطبيق التباعد الاجتماعي، وهو ما دفع حاكم إسطنبول علي يرلي قايا للتصريح بأن السلطات منعت الناس من دخول المنطقة، بسبب مخاوف من انتشار فيروس كورونا. ودعا في تغريدة على "تويتر" إلى التحلي بالصبر، وقال إن المسجد سيظل مفتوحاً للصلاة حتى صباح السبت.
الجمعة الأولى في جامع آيا صوفيا الكبير الشريفhttps://t.co/MgaWGrAiyw
— رجب طيب أردوغان (@rterdogan_ar) July 24, 2020
وأفاد مراسل وكالة "الأناضول"، في وقت سابق، بأن حديقة مسجد السلطان أحمد وساحة آيا صوفيا اكتظتا بالمواطنين، الذين اصطحبوا معهم سجادات الصلاة، ومرتلين آيات من القرآن الكريم. كما هتف البعض بشعارات مثل "كسرت السلاسل وفتحت آيا صوفيا"، وشعارات داعمة للرئيس رجب طيب أردوغان. وأشار المراسل إلى وجود عدد كبير من الصحافيين، بينهم أجانب، لتغطية الحدث العظيم، إضافة إلى العديد من السياح، وسط تدابير أمنية.
وضمن التدابير الوقائية تم إنشاء 17 نقطة صحية تضم كادراً طبياً مكوناً من 736 شخصاً، و100 سيارة إسعاف ومروحية. كذلك تمّ تخصيص مكانين مكشوفين للنساء بالقرب من ضريح السلطان أحمد وحديقة محمد عاكف، و3 مناطق مكشوفة للرجال في ميدان المسجد وميدان السلطان أحمد وجادة ييراباتان.
مباشر | صلاة الجمعة الأولى في مسجد "#آيا_صوفيا" بعد 86 عامًا#تركيا #اسطنيولhttps://t.co/akU5cVSEm8 pic.twitter.com/njhVx9TVZZ
— ANADOLU AGENCY (AR) (@aa_arabic) July 24, 2020
وفي اليونان، دُقت الأجراس ونُكست الرايات في مئات من الكنائس في أنحاء البلاد احتجاجاً، قبل أن يقيم رئيس أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية إيرونيموس قدّاساً خاصاً في كاتدرائية أثينا. كذلك قال المتحدث باسم الحكومة اليونانية ستيلوس بيتسا، خلال مقابلة مع محطة "أوبن تي في" التلفزيونية الخاصة: "اليوم يوم صعب، ظلال قاتمة تخيّم علينا".
وجاء احتجاج الكنيسة اليونانية في خضمّ نزاع وتوترات بين اليونان وتركيا على حقوق التنقيب في منطقة شرقي البحر المتوسط، مع استنفار الجيش اليوناني بسبب مسح جيولوجي تجريه سفينة تركية في مياه تدّعي اليونان سيادتها الخالصة عليها.
وفي نيويورك الأميركية، وصفت أبرشية أميركا للروم الأرثوذكس في الولايات المتحدة، الصلاة الافتتاحية في آيا صوفيا بأنها "اختلاس ثقافي وروحي وانتهاك لجميع معايير الانسجام الديني والاحترام المتبادل". كذلك عقد رئيس أساقفة أميركا للروم الأرثوذكس إلبيدوفوروس اجتماعاً مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائب الرئيس مايك بنس، في واشنطن، مساء أمس الخميس، لمناقشة هذه المسألة.
وكانت المحكمة الإدارية العليا في تركيا قد أعلنت في 10 يوليو/تموز الحالي إبطال قرار تحويل آيا صوفيا إلى متحف، والذي صدر في ثلاثينيات القرن الماضي. وفور صدور الحكم أعلن أردوغان إعادة المبنى، الذي كان في الأصل كنيسة تعود للعصر البيزنطي قبل 900 عام قبل أن يحولها العثمانيون إلى مسجد. ولم تجرِ أي صلاة جماعية في آيا صوفيا منذ تحويل الموقع إلى متحف في عام 1934. وأثارت إعادة المبنى إلى مسجد انتقادات من قيادات كنسية، بينما شدّدت تركيا على أن المكان سيظل مفتوحاً للزوار وستظل أعماله الفنية المسيحية محمية.