عسكرة وزارات مصر.. رجال الاستخبارات يسيطرون على "الدولة العميقة"

01 أكتوبر 2014
بدأت الخشية من عسكرة الدولة قبل الثورة (فرانس برس)
+ الخط -
لطالما حذر معارضون مصريون، قبل اندلاع الثورة، من سياسة عسكرة الدولة، عبر تولي ضباط الجيش والشرطة والاستخبارات مناصب تنفيذية وقيادية، شأن الوزراء والمحافظين ورؤساء المدن والأحياء.

وبعد الصدام بين مجلس الشعب المنتخب بعد الثورة، والمجلس العسكري الحاكم آنذاك، وحكومته برئاسة كمال الجنزوري، ظهر مدى قوة "الدولة العميقة"، وسيطرتها على مفاصل الدولة، الأمر الذي نبّه الثوار إلى خطره دائماً.

وبدا واضحاً، سيطرة القيادات الأمنية الحالية والسابقة على مفاصل الدولة داخل الوزارات والجهات المحلية، والتي كانت تتحكم في ظهور أزمات مفاجئة في قطاعات حيوية بالدولة (مثلما حدث في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي)، وحلها بشكل مفاجئ دون معرفة الأسباب الحقيقية للأزمة أو سبل حلها.

التحكم في الوزارات والهيئات الحكومية من الداخل، تفسره القرارات التي تخرج من وقت لآخر بنقل عدد من العاملين في جهاز الاستخبارات الحربية والعامة إلى وظائف في وزارات مدنية، وتحديداً الوزارات الخدمية منها.

وتزايد معدل إصدار هذه القرارات في الأشهر الأخيرة، خصوصاً، بعد وصول الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي إلى الحكم. وقد سبق للأخير أن ترأس جهاز الاستخبارات الحربية، قبل اختياره وزيراً للدفاع في عهد مرسي.

ونشرت الجريدة الرسمية للدولة في عددها الأخير، قراراً من الرئيس السيسي بنقل أربعة من العاملين في جهاز الاستخبارات العامة، إلى عدد من الوزارات الخدمية. ونص القرار على نقل كل من وائل حنفي إلى وزارة التعليم العالي، وشريف هشام عمر السرساوي إلى وزارة النقل، وكان الاثنان يعملان في مجموعة الوظائف التخصصية في الاستخبارات.

كما نص القرار على نقل اثنين من العاملين بوظائف فنية وكتابية في الاستخبارات، وهما فتحي عبد العزيز سليمان إلى وزارة المالية، وأحمد قدري عاشور إلى وزارة الكهرباء.

هذا القرار لم يكن الأول خلال هذا العام، ففي شهر يناير/كانون الثاني الماضي، أصدر الرئيس المؤقت السابق، عدلي منصور قراراً جمهورياً بنقل ستة من الموظفين العاملين بجهاز الاستخبارات العامة بوظائف متوسطة فنية وكتابية إلى جهات أخرى.

وأشار القرار الذي حمل رقم 702 لسنة 2013، إلى نقل وجيه عبده عطية الشافعي الزيني إلى وزارة المالية، ومحمد إبراهيم عزت مرسي إلى وزارة الموارد المائية والري، وأحمد فتحي محمد قطب إلى وزارة الكهرباء والطاقة، ومحمد محمود محمد مصطفى، إلى وزارة النقل.

كما شمل القرار، نقل محمد السيد عبد الجواد قطب، من الاستخبارات العامة إلى وزارة الطيران المدني، ونقل سيد سليم إسماعيل البديوي إلى وزارة التجارة والصناعة.

وفي شهر يونيو/حزيران الماضي، وقبل أيام من مغادرة الرئيس المؤقت عدلي منصور عن الحكم، نشرت الجريدة الرسمية، قراراً أخيراً له، بنقل تسعة من العاملين في جهاز الاستخبارات العامة إلى العمل في جهات مدنية.

ونص القرار، على نقل سبعة من العاملين في وظائف متوسطة فنية وكتابية من الاستخبارات العامة إلى جهات مدنية، واثنين من العاملين في وظائف مهنية من الاستخبارات إلى جهات مدنية، دون أن يحدد القرار الجهات التي نُقلا إليها.

وفي عهد مرسي، صدر قرار رئاسي في شهر إبريل/نيسان 2013، بنقل عشرة من العاملين في جهاز الاستخبارات بوظائف متوسطة فنية وكتابية ومهنية إلى عدد من الوزارات المدنية.

وشمل القرار نقل المذكورين إلى عدد من الوزارات بدرجات مختلفة، منهم اثنان بوظائف مهنية إلى الدرجة الرابعة في وزارة الأوقاف ووزارة التربية والتعليم.

وبحسب مصدر حكومي، فإن جهاز الاستخبارات العامة يستغني كل فترة عن عدد من العاملين، لنقلهم إلى الوزارات المدنية، وذلك من خلال قرار رئاسي، لأن العمل في الجهاز وقرار النقل منه يحصل بقرار رئاسي، وذلك بناءً على ترشيحات قيادات الجهاز، وما على الرئيس إلا إعطاء الإشارة بالتصديق. ولا يستطيع الوزير أو المسؤول في الجهة التي نقلوا إليها استبعادهم.

وفي هذا السياق، يوضح الناشط السياسي، أحمد نجيب، لـ"العربي الجديد" أن "قرارات نقل العاملين في الاستخبارات إلى وظائف مدنية في الوزارات تأتي في إطار سيطرة الاستخبارات والأجهزة الأمنية على مفاصل الدولة، خصوصاً أنه يتم نقلهم إلى أماكن مؤثرة، تحديداً في الوزارات الخدمية، حتى يستطيعوا التحكم في مقدرات البلاد".

ولفت إلى أن "الرئيس مرسي وقع في هذا الخطأ، ولم ينجح في التخلص من سيطرة الدولة العميقة التي انقلبت عليه، وكان لها الدور الأكبر في إسقاطه، عبر افتعال العديد الأزمات المعيشية، ما أدى إلى غضب كثير من المواطنين، وخروجهم في تظاهرات حاشدة ضده، استغلها الجيش ذريعة للانقلاب عليه".