عرب في العاصفة

09 يناير 2015
فالمواطنون في لبنان يعانون كما المواطنين في مصر (الأناضول)
+ الخط -
كشفت عاصفة الصقيع التي ضربت دولاً عربية عدة، قبل أيام، عن مدى انهيار البنى التحتية في تلك البلدان، وترهل الأداء الحكومي في معظمها، فضلا عن المشكلات التي تعيشها مؤسسات المجتمع المدني.

وغرقت مدن عربية كبرى في الأوحال ومياه الأمطار والسيول، وانقطعت طرق مدن أخرى بسبب الثلوج، بينما عانى ملايين المواطنين ويلات الفشل الحكومي المزمن في بلدانهم، التي يحكمها أشخاص تجاوزهم الزمن، أو تعيش حروباً أهلية، أو أزمة أمنية متفاقمة، أو احتلالاً متواصلاً.

ومع انطلاق موجة الصقيع، "هدى" أو "زينة"، أو أياً كان اسمها، عادت للواجهة تفاصيل المآسي العربية المتجذرة، والتي يتم تجاهلها حينا وتظهر أحيانا. فالتنمية البشرية في البلدان العربية عموما، وتلك التي ضربتها العاصفة خصوصا، في أدنى مستوياتها، والبنية التحتية منهارة أو على وشك الانهيار، ونسب الفقر مخيفة وتعداد الفقراء العرب بالملايين، وعدد هؤلاء، الذين يعيشون في العراء أو في مساكن لا تصلح للسكنى في أقل التقديرات، عشرات آلاف الأسر.

والأخطر أن عدد اللاجئين العرب، خاصة من سورية والعراق، تجاوز مئات الآلاف، والمخيمات التي تؤويهم في دول الجوار غير آدمية، ومعظم سكانها من النساء والأطفال والعجائز، وهم الفئة الأكثر تأثرا، وبعضهم يموت دون أن يدري عنه أحد شيئا.

وبينما تظهر العاصفة مدى الفشل العربي في مواجهة الأزمات، إلا أنها تسفر أيضا عن أزمة جديدة، تتعلق بتعرض الدول التي ضربتها لخسائر اقتصادية متفاقمة بسبب توقف الملاحة والطيران وقطع الطرق وغيرها، مما ينعكس على المواطنين، خاصة هؤلاء الأكثر فقرا، فالأسعار في تزايد، والسلع الأساسية شبه نادرة، والاحتكار سمة متكررة في كل الأسواق العربية، والرقابة على الأسواق شبه غائبة.

ولا تختلف الحال تقريبا، بين الدول التي ضربتها العاصفة، فالمواطنون في لبنان يعانون كما المواطنين في مصر والأردن، ومخيمات اللاجئين في الأردن تعاني مثل مخيمات لبنان وتركيا، وسكان غزة يشبه حالهم كثيرا سكان دير الزور والموصل.

يظل الهم العربي واحداً، كون التفكير العربي واحداً، والحكومات العربية، في معظمها، لا هم لها إلا الحفاظ على السلطة، بعيدا عن مصالح مواطنيها، في تجاهل مريع لأساسيات الحكم وأدوار الحكام في ظل صمت المحكومين.

***

أسخر من إطلاق أسماء نسائية على العواصف، التي عرفها العالم، هذه المرة اسم العاصفة "هدى" أو "زينة"، وسابقاً كان اسمها "ساندي" و"كاترينا"، تستنكر صديقتي الأمر قائلة: "دعك من تفريغ طاقتك السلبية في النساء"، فأرد: "العواصف أهون من النساء دائما".
المساهمون