كان أول ظهور لعبد الفتاح مورو، الذي يترشح للانتخابات الرئاسية التونسية المبكرة، عام 1967، عندما فاجأ زملاءه بكلية الحقوق، وظهر بينهم مرتدياً جبة في وقت كان ذلك الزي التقليدي مهدداً بالانقراض بعد أن تم وضع حد للتعليم الزيتوني (نظام التعليم الإسلامي الذي كان قائماً في جامع الزيتونة في تونس). وفوجئ به عميد الكلية وهو يطرق بابه ويرجو منه تخصيص قاعة لإقامة الصلاة فيها. استغرب العميد وابتسم قبل أن يستجيب للطلب.
عبد الفتاح مورو شخصية مرحة، يتمتع بثقافة واسعة، ويتقن ثلاث لغات، من بينها الفرنسية والألمانية. يُعرف بقدرته على الخطابة، وهو من القلائل الذين يمكنهم مخاطبة جميع التونسيين بشرائحهم الاجتماعية المختلفة وبمستوياتهم المتباينة في التعليم. ساعدته مهنة المحاماة على ذلك، إلى جانب دروس الوعظ التي كان يلقيها ولا يزال.
هو من الأشخاص الذين اختلف في شأنهم التونسيون. لم يقتصر هذا الاختلاف على المنافسين والخصوم، ولكن شمل أيضاً الأسرة الدينية والسياسية التي ينتمي إليها مورو. هناك من يعتقد أنه شخصية استثنائية، تمكّن من تحقيق المصالحة بين الدين والمعاصرة، ووفّق بين الانتماء إلى الهوية وبين القدرة على الانفتاح. ولهذا يتعاطف معه المحافظون. في حين يرى فيه آخرون شخصية مناورة، وأنه يُظهر خلاف ما يبطن، ولا يختلف عن آخرين في توظيف الإسلام من أجل الوصول إلى الحكم.
بعد أربعة وسبعين عاماً، يتمتع مورو بعلاقات واسعة، خصوصاً خارج تونس، وهو ما جعله كثير السفر، ينتقل بين العواصم الشرقية والعربية. الرجل مغرم بأشياء كثيرة. لديه 35 ألف كتاب في مكتبته، ويقول إنه قرأها كلها. كما أنه جامع للتحف، ويحب القطع القديمة، ومن هواياته جمع المصاحف والمخطوطات، إلى جانب الطوابع البريدية النادرة والصور القديمة.
التونسيون منقسمون حوله، فهناك من يعتبر أنه سيكون الرئيس الأفضل، وهناك من يرى فيه شبحاً من الماضي. وفي انتظار أن يحسم التونسيون أمرهم يوم الاقتراع، فإن بعض استطلاعات الرأي تؤهله للجولة الثانية من الانتخابات. في كل الحالات هو جزء من المشهد العام، وسيبقى كذلك، سواء فاز بالرئاسيات أم فشل في الوصول إلى قصر قرطاج.