صيادو غزة بلا شباك... والاحتلال يواصل المصادرات

04 نوفمبر 2018
الحصار ساهم في تدهور معيشية الصيادين (العربي الجديد)
+ الخط -

 

خسر الصياد الفلسطيني محمود مقداد مصدر رزقه الوحيد، بعد أن اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي وصادرت مركبه ومعدات الصيد الخاصة به قبل أن تُفرج عنه لاحقاً وتُبقي على معداته رهن الاحتجاز، ضمن خطوة باتت قوات البحرية الإسرائيلية تتبعها بحق الصيادين في الآونة الأخيرة.

واتبع الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً سياسة جديدة بحق الصيادين الفلسطينيين، حيث يعمل على اعتقال الصيادين من بحر غزة ويصادر مراكبهم ثم يقوم بتحويلهم للتحقيق والإفراج عنهم في ساعات المساء من نفس يوم الاعتقال أو في اليوم الذي يليه، ويبقي على معداتهم ومراكبهم محتجزة.

وتنعكس هذه السياسة بشكلٍ سلبي على الحياة المعيشية اليومية للصيادين في القطاع الذي يعاني سكانه من أوضاع اقتصادية صعبة بفعل الحصار وتحكم الاحتلال بمساحات الصيد وتقليصها بين الحين والآخر.

يقول مقداد (36 عاما) في حديث لـ"العربي الجديد" إنه تم اعتقاله قبل مدة إلى جانب اثنين من الصيادين الذين يعملون معه من قبل بحرية الاحتلال بعد أن استهدفت المركب التي كانوا على متنها وألحقت أضراراً كبيرة بها بالرغم من عدم تجاوز المسافة المحددة في حينه.

ويشير إلى أنه والعاملين الإثنين يعيلون ما يقرب من 40 فرداً أصبحوا منذ أسابيع بلا مصدر دخل نتيجة احتجاز الاحتلال لمركبهم ومعدات الصيد الخاصة بهم، في الوقت الذي لا تتوفر فيه أي فرص عمل أخرى لهم في القطاع الذي يعاني جراء الحصار الإسرائيلي منذ عام 2006.



ويبين أن عملية الاعتقال التي قام بها الاحتلال لم تزد عن ساعات بسيطة قام خلالها بنقله من ميناء أسدود إلى مركز الاحتجاز في معبر بيت حانون/ إيرز من الجانب الإسرائيلي حيث كانت التهمة اجتياز الحدود ثم تحولت للتهريب ثم المشاركة في التظاهرة البحرية قرب منطقة زيكيم شمالي القطاع.

وتواجه مهنة الصيد البحري في القطاع منذ انتفاضة الأقصى عام 2000 أزمات عدة نتيجة تقليص الاحتلال المتكرر لمساحات الصيد وعدم التزامه ببنود اتفاقية أوسلو التي كفلت حق الصيد على مسافة تصل إلى 22 ميلا بحريا إلى جانب الاعتداءات المتكررة.

ويحظر الاحتلال إدخال مادة "الفيبر غلاس" الخاصة بصناعة القوارب بزعم استخدام المقاومة الفلسطينية لها في الصناعات العسكرية منذ عدة سنوات، إلى جانب منع إدخال معدات الصيد الأخرى، وهو ما يزيد من معاناة الصيادين وعدم قدرتهم على توفير البدائل بفعل الحصار.

ومع ساعات المساء يبدأ الصيادون بالتحرك في بحر غزة إلى داخل المسافة المحددة لهم من قبل الاحتلال مواجهين كل العقبات من إطلاق النار المباشر عليهم والملاحقة من قبل الزوارق البحرية الإسرائيلية، محاولين الحصول على أكبر قدر ممكن من الأسماك التي من شأنها أن توفر مصدر رزق لهم ولعوائلهم بعد بيعها.

بدوره، يقول نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش إن الاحتلال وبعد حربه الأخيرة على القطاع عام 2014 صعد من اعتداءاته على العاملين في مهنة الصيد ولجأ مؤخراً إلى سياسة جديدة تقوم على اعتقال الصيادين ومصادرة مراكبهم ثم الإفراج عنهم.



ويوضح عياش لـ "العربي الجديد" أنه يوجد لدى الاحتلال حالياً ما لا يقل عن 54 مركب صيد بمختلف أنواعها وأحجامها إلى جانب معدات الصيد المختلفة، وهو ما يثبت أن الاحتلال معني بتفريغ البحر من الصيادين إلى جانب سياسته القائمة على التلاعب بمساحات الصيد، لافتا إلى أن نحو 85% من إجمالي الصيادين البالغ عددهم 4 آلاف صياد هم تحت مستوى خط الفقر بفعل الواقع المعيشي والاقتصادي الذي وصلت إليه أحوالهم.

ونهاية الأسبوع الماضي، أعادت سلطات الاحتلال توسيع مساحة الصيد إلى 9 أميال بحرية من وسط القطاع وحتى جنوبه و6 أميال بحرية في المناطق الشمالية للقطاع. لكن نقيب الصيادين يؤكد أن الاستفادة الحقيقية للصياد هي في حال سمح الاحتلال بتوسعة المساحة لتصل ما بين 12 إلى 20 ميلا بحريا كونها منطقة صخرية تنجذب إليها الأسماك، بعكس المساحة الحالية التي تعتبر ترابية ولا تحقق الاستفادة الكبرى للصيادين.

وفي أعقاب الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة تم الاتفاق على أن يضمن وقف إطلاق النار توسعة مساحة الصيد لتصل إلى 12 ميلا بحريا، إلا أن الاحتلال لم يلتزم بذلك وعمل على تقليص المساحة حيث لم تتجاوز في أفضل الأحوال 9 أميال بحرية وعمل على تقليصها خلال الشهور الماضية لتصل إلى 3 أميال تحت ذريعة استمرار مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار.

ومنذ الثلاثين من مارس/ آذار الماضي، يتظاهر الفلسطينيون في مسيرات سلمية على الحدود الشرقية من قطاع غزة، للمطالبة بالعودة إلى أراضيهم المحتلة ورفع الحصار عن القطاع، بينما يستخدم جيش الاحتلال قوة مفرطة لمواجهة المتظاهرين، وهو ما أدى إلى استشهاد أكثر من 200 فلسطيني وإصابة الآلاف بجروح مختلفة.

ودخل قطاع غزة في مرحلة الانهيار الاقتصادي، وفقاً لما جاء في تقرير أصدره البنك الدولي في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، وذكر أيضاً أن الخدمات الأساسية المقدمة للسكان، تتعرض للخطر في ظل شح السيولة، بالإضافة إلى أن فرداً واحداً من أصل اثنين في القطاع يعاني من الفقر، لافتا إلى أن معدل البطالة بين السكان، الذين يغلب عليهم الشباب، وصل إلى أكثر من 70%.

المساهمون