صلات حفتر برموز نظام القذافي و"داعش" تعود إلى الواجهة

22 مايو 2018
زواج مصلحة بين حفتر وأنصار القذافي(عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
عاد الحديث مجدداً عن علاقات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بقيادات النظام الليبي السابق، وإلى شُبَهة تورطه بعلاقات مع تنظيم "داعش"، لا سيما بعدما ألقت قوات حكومة "الوفاق" يوم أمس الاثنين القبض على خلايا مسلحة تقودها رموزٌ من نظام معمر القذافي، كانت تستعد لتنفيذ عمليات تخريبية في العاصمة طرابلس.

وكانت "قوة الردع الخاصة" التابعة لـ"الوفاق" قد أعلنت، في بيان أصدرته أمس، تنفيذها عملية أمنية بالتنسيق مع كتائب مسلحة أخرى، أحبطت من خلالها عملية عسكرية كانت قيادات من النظام الليبي السابق على وشك تنفيذها في طرابلس، موضحة أنها قبضت على عدد من قيادات العملية الذين كانوا بصدد إنشاء "غرفة عمليات" جنوب طرابلس، كما اعترف هؤلاء خلال التحقيق معهم بمشارفتهم على تحديد ساعة الصفر لتحركهم المسلح الذي يهدف إلى إحداث فوضى أمنية، بالتنسيق مع خلايا داخل العاصمة.

وأوضح البيان أن القيادات المسلحة التي تمّ إلقاء القبض عليها وفي حوزتها أجهزة لاسلكية وأسلحة وذخائر وخطط عسكرية، تنتمي إلى ما يعرف بـ"الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا"، وهي أقوى التنظيمات المسلحة التابعة للنظام السابق، وهم اللواء ناجي حرير القذافي والعميد خليفة محمد الأسود والعميد الشريف الدويل وأسامة مفتاح اشتيوي وامحمد عمرات نفد ورمضان بوقرين، بالإضافة إلى منسق العملية، عبد الحكيم شفتر.

وعلى الرغم من شهرة أغلب هذه الأسماء في أوساط أنصار النظام السابق، إلا أن أسماء بعضهم تشير إلى علاقة هذا الحراك المسلح بحفتر، حيث برز من بينهم العميد خليفة محمد الأسود، أحد أركان قوات حفتر، الذي عيّنه الأخير آمراً لـ"اللواء 30 مشاة" في قاعدة الوطية الجوية غرب البلاد .

كما أن اللواء ناجي الحرير القذافي، الذي كان يتولى رئاسة الكتيبة المسؤولة عن الحراسة الخاصة لمعمر القذافي، ربطته صلات وثيقة بحفتر منذ خروجه من سجنه عام 2016، وكان آخر ظهور إعلامي له نهاية شهر إبريل/ نيسان الماضي على إحدى القنوات المقربة من حفتر، حيث أكد دعمه الواسع لحراك اللواء المتقاعد العسكري.

ولم تعد صلة حفتر بأنصار النظام السابق، لا سيما القيادات منهم، خافية. فمطلع الأسبوع الماضي، احتضنت مدينة بنغازي أول محفل علني رسمي لكبار رموز نظام القذافي تحت مسمى "الملتقى التحضيري للقوى الوطنية"، الذي أكد المشاركون فيه، في بيانهم الختامي، على دعمهم قوات حفتر لبسط سيطرتها على كامل التراب الليبي، وتثمينهم "دور المشير حفتر في محاربة الإرهاب".

ولم يعد خافياً كذلك زواج المصلحة بين حفتر وأنصار النظام السابق، فالمواقف التي أطلقت في بنغازي لم تمض أيامٌ قليلة حتى تمّت ترجمتها بشكل فعلي على الأرض من خلال الحراك المسلح الذي تمكنت "قوة الردع" التابعة لحكومة "الوفاق" من إفشاله أمس.

لكن بيان "قوة الردع" الذي كشف عن قائمة أسماء المقبوض عليهم أشار بشكل غير مباشر إلى وجود علاقة تورط حفتر بتنظيم "داعش"، فوجود اسم عبد الحكيم شفتر الذي وصفه بيان "الردع" بأنه منسق العملية، يشي بتلك العلاقة المحتملة.

فشفتر، المنتمي إلى مدينة بني وليد جنوب مصراتة، يُعدّ من الشخصيات المطلوبة لـ"قوة الردع" بسبب علاقته الداعمة والوطيدة بـ"داعش"، لا سيما من خلال توفير الدعم اللوجستي للتنظيم الإرهابي إبان سيطرته على مدينة سرت، أو من خلال تسهيل عمليات تنقل أفراده في الأودية المحيطة ببني وليد.


ولم يُفصح بيان "قوة الردع" عن شكل القوات التي كانت بصدد تنفيذ مخطط أنصار النظام السابق، إلا أن مؤشرات يمكن رصدها من خلال الأحداث التي شهدتها طرابلس قد تشير إلى إمكانية استعانة المخططين بمقاتلي التنظيم.

ففي الثاني من شهر مايو/ أيار الحالي، نفّذ "داعش" عملية انغماسية في مقر مفوضية الانتخابات قتل على أثرها قرابة 20 مدنياً وأصيب آخرون، كذلك أعلنت مديرية أمن طرابلس إحباطها محاولات زرع مفخخات داخل الأحياء السكنية في طرابلس خلال الأسبوع الحالي، ويمكن القول هنا إن وجود شفتر كمنسق للعملية هو ربما لكونه الأقرب إلى مقاتلي التنظيم، لا سيما أولئك الموجودين في أودية جوار بني وليد.

وكانت تسريبات صوتية لمكالمة هاتفية حصلت عليها قناة "النبأ" الليبية في يناير/ كانون الثاني من العام الماضي قد أظهرت محادثة بين المستشار السياسي لمجلس النواب محمود المصراتي وقيادي رفيع من قوات حفتر أكدت علاقة الأخير بـ"داعش" بشكل واضح.

وفي المكالمة، طلب القيادي من المصراتي إخفاء مقاتلي "داعش" الذين خرجوا من بنغازي إلى وديان قريبة من بلدة بني وليد، وأن يحاولوا ألا يظهروهم، وأن يبلغوهم بضرورة عدم رفع أي أعلام أو شعارات تدل على انتسابهم إلى التنظيم عند مشاركتهم مع قوات اللواء المتقاعد في صدّ "سرايا الدفاع عن بنغازي".

وبيّن القيادي في التسجيل أن مقاتلي "داعش" خرجوا من بنغازي باتفاق مع قوات حفتر.

ولكن السؤال الأبرز الذي يُثار اليوم هو حول أهداف حفتر من دعم أعمال عنف تطاول العاصمة الليبية من خلال أنصار النظام السابق، وهل يعكس ذلك وجود تحالف عسكري جديد، أم أن حفتر العاجز عن الوصول عسكرياً إلى طرابلس، يلجأ اليوم إلى مثل هذه الأساليب لتحقيق غايته؟
المساهمون