صراع القدمين...العزيمة والتحدي صنعا نجمة رياضية هزمت "تصلبها المتعدد"

13 ابريل 2015
كايلا التي حاربت المرض من أجل الرياضة (العربي الجديد)
+ الخط -
يلقي "العربي الجديد" الضوء على قصة مؤثرة لفتاة عشقت الرياضة، لكن المرض كان قاسياً عليها، ورغم ذلك وقفت على قدميها، وحاربته بكل شراسة وحققت أحلامها من خلال الركض.
تركض بأقدام لا تشعر بها. تصارع من أجل الوصول إلى خط النهاية، وهي على يقين أنها ستقع على الأرض. تقاتل مرضها المزمن بشراسة، لأنها فتاة تعشق الرياضة، برغم أن المرض أنهك جسدها وحولها إلى شخص غير مُرحب به في عالم الرياضة، هي الفتاة التي واجهت المرض من دون أي خوف، هي الفتاة التي وقفت على قدميها مجدداً وركضت حتى خط النهاية، لأنها كانت تملك سلاح العزيمة والإصرار الذي حولها إلى نجمة رياضية.

تعشق كايلا مونتغومري الرياضة منذ الصغر وكانت تحلم بأن تصبح رياضية شهيرة، حتى إن أهلها دفعوها للدخول في عالم الرياضة بسبب حماسها الكبير، فقررت كايلا الانخراط في عالم كرة القدم الرياضة التي تحبها وتمارسها بكل شغف وعشق، لكنها في عام 2009 تعرضت لإصابة خلال مباراة لكرة القدم، لتنقلب حياتها رأساً على عقب، حتى أمست حياتها أشبه بكابوس مُرعب لا يمكن توقعه.

بعد أن تعرضت كايلا للإصابة خسرت الإحساس بقدميها، ولم تعد تشعر بحركة القدم، حتى إنها بدأت تعاني من مشاكل في العمود الفقري وترددات عصبية غريبة في ظهرها، الأمر الذي استدعى تدخلا طبيا للكشف على حالتها الغريبة، ليكتشف الأطباء أن كايلا تعاني من ضرر في الشوكة المسؤولة عن أعصاب الجسم، والتي توجد في العمود الفقري، في حين أن التجاوب بين قرارات العقل وأعصاب الجسم باتت معدومة، حتى وصف الأطباء الحالة بأنها مرض مزمن يُعرف بـ "التصلب المُتعدد".

ويؤثر مرض "التصلب المُتعدد" على الجهاز العصبي في الجسم، ويمنع الشخص من الحركة بالطريقة الطبيعية، وقد يصل الأمر إلى حد الشلل الدائم، لكن حالة كايلا كانت مختلفة تماماً، لأنها فتاة تحارب وتقاتل من أجل الرياضة، فبعد أن عرفت كايلا بمرضها المُزمن، أقفلت غرفتها ورفضت الحديث مع أحد، وكان البكاء وسيلتها الوحيدة للتعبير، وراحت تسأل نفسها لماذا حصل هذا الشيء معها؟ لماذا هي؟

توقفت كايلا لمدة ثمانية أشهر عن الرياضة، وتركت كرة القدم، حتى تحول لون قدميها إلى لون غريب، وكانت تشعر بالبرد دائماً، بالإضافة إلى فقدانها لحسّ الحركة في قدميها، لتبدأ كايلا مرحلة علاج غير مضمونة النتائج، لكنها وبشكل مفاجئ بدأت تستعيد حس الحركة في قدميها، لكن المرض لم يتركها أبداً، لتعود كايلا إلى كرة القدم، وقد كانت أبطأ لاعبة على أرض الملعب، وهنا كانت نقطة التحول في حياة كايلا.

في عام 2010 قررت كايلا التوجّه نحو رياضة الركض، وحظيت بمدرب أكثر من رائع ساندها وبدأ معها من الصفر، حيث كانت كايلا تركض ستة أيام في الأسبوع خلال مرحلة التدريبات اليومية، كما أن مسافة الركض وصلت إلى نحو 40 ميلا في الأسبوع، ولكن الجملة الأشهر التي تُعبر عن أصرار وعزيمة كايلا هي الجملة التي قالتها لمدربها "المرض الذي أعاني منه لن يكون عذرا يمنعني من الركض وتحقيق أحلامي، أريد الركض سريعاً".

ومع بداية مشاركتها في بطولات الركض، عانت كايلا كثيراً، فالشلل يصيب قدميها بعد نحو ميل من الركض، ولا تشعر بعد ذلك بأي إحساس من خاصرتها، وصولاً إلى أصابع قدميها، لكن كايلا لم تتوقف عن الركض، وأرادت متابعة ما بدأته.

وبعد هذه الفترة الصعبة أصبحت كايلا تنهي السباق متفوقة على المنافسين، لكنها تسقط عند خط النهاية بعد إنهائها السباق، الأمر الذي لن يتغير طوال مسيرتها، فكايلا عندما تبدأ بالركض لا تشعر بقدميها، لكنها عندما تصل إلى خط النهاية، لا يمكنها التوقف كون القدمين غير مؤهلتين للحركة، والعقل لا يمكنه إصدار الأوامر بالتوقف بسبب المرض المُزمن.

وكان هذا الأمر يتطلب وجود المدرب عند خط النهاية، لالتقاطها قبل أن تسقط على الأرض، وبعد ذلك يقوم الجهاز الطبي بوضع الثلج على قدميها، كي تستعيد كايلا حرارتها الطبيعية، وبعد ذلك يمكنها الوقوف على قدميها، لتسير بخطى ثابتة وتحقق الألقاب، من بينها سباق كارولينا للمسافات الطويلة، كما كسرت أرقامها سنة بعد سنة.

في وقت كسرت رقم سباق "ماونت تابور" خمسة كلم، وهي مثال الآن عن الرياضي الذي يكافح المرض من خلال العزيمة والإصرار اللذين حولا كايلا من فتاة مصابة بمرض مزمن إلى نجمة في عالم الرياضة والركض لمسافات طويلة، وهي الآن تُعد من أبرز العداءات الصغيرات في أميركا، بعد أن صارعت المرض من دون أن تسقط.
دلالات
المساهمون