اضطر مثل الكثيرين من السوريين، الذين ناهزوا مليوني شخص إلى الهجرة لتركيا بحثاً عن الأمان والرزق، ليواجه الاغتراب وغلاء المعيشة بالعمل في مقهى ليلاً، وصانع حلي واكسسوارات في النهار بمساعدة أحد التجار الأتراك الذي فتح له المجال لأن يصبح بائعاً للفرحة في مجتمعه الجديد.
عدنان فاضل البالغ من العمر 45 عاماً، من محافظة إدلب شمالي سورية، كان مقاولاً للأعمال الإنشائية، قبل أن تدمر حرب نظام بشار الأسد كل ممتكاته وأعماله التي توزعت بين حمص وإدلب، قبل أن يقرر النزوح بأسرته إلى تركيا، دون أن يلتفت إلى الوارء.
يقول فاضل المقيم حالياً في منطقة "أسكودار" بالقسم الآسيوي في إسطنبول "لم يكن من بد للمحافظة على حياة أسرتي والبحث عن عمل سوى الهجرة لتركيا، بعد أن تنقلت بريف حلب التي لحقها كما ادلب دمار قصف طيران وبراميل الأسد".
ويضيف لـ "العربي الجديد" أن تبدد ممتلكاته حال دون بدئه بمشروع في اسطنبول، ما دفعه للرضى بأي عمل بعد انتظار لأربعة شهور، فكان العمل بمقهى ليلاً بأجر 1000 ليرة تركية (370.3 دولاراً) وهي تعادل أجرة المسكن فقط، ما يعني تدبير باقي احتياجاته بالاستدانة.
ويتابع "خسرت منزلين وشاليه بحرياً ومعملاً بسيطاً في سورية، وها أنا أعمل بمقهى اليوم، لأن الغربة لا تعترف بالماضي والأصول".
ويشير إلى أن عدم كفاية المردود المالي من عمله بالمقهى وتراكم الديون، دفعه للتفكير في عمل ثانٍ "وهنا جاءت المصادفة، حيث سمعني أحد التجار أتحدث العربية وأنا أتسوق، فاقترب مني ووضع 100 ليرة تركية (37 دولاراً) في جيبي وفوجئت بهذا الفعل الذي رفضته بألم، لكنه أصر وقال لي بالعربية "أنتم المهاجرون ونحن الأنصار".
لن أنسى تلك اللحظة ما حييت، قطعت تسوقي وعدت للبيت انتظاراً لأحد الطلاب الأتراك، الذين أساعدهم بتعليم اللغة العربية لدراستهم الشريعة الإسلامية، وبعد أن انتهينا قررت العودة إلى هذا التاجر لأشكره وأعيد له المئة ليرة.
ويتابع فاضل "فعلاً التقيت الرجل وحاولت أن أعيد له النقود وأشكره بمساعدة الطالب التاركي الذي كان يترجم ما أقول، وبعد جدل طلبت منه أن يجد لي عملاً إذا أراد مساعدتي".
وفعلاً، أشار الأخ التركي إلى دكانه المتخصص في بيع الحلي والإكسسوارات وسألني "هل تعمل بهذا، أجبت على الفور، ليست مهنتي وأجهل العمل، ولكني مستعد للتعلم إن ساعدتني، وتبادلنا أرقام الهاتف وتكلم إلى رفيقي التركي المترجم أنه سيتصل بي غداً".
يقول فاضل "في اليوم التالي، التقيت التاجر وأعطاني مستلزمات العمل وبدأ بتعليمي كيفية صناعة القيراط، وأعدت التجربة أمامه وكلي حرص على إرضائه، فعبر عن سروره رغم بطئي وتوجسي الشديدين".
انتقلت إلى بيتي ومعي الحلي وبدأت وزوجتي العمل، وأذكر أننا أنجزنا 250 قيراطاً خلال خمسة أيام، بعدها ذهبت إلى صاحب العمل، وأبدى بعض الملاحظات البسيطة وأخذ القراريط وأعطاني 500 ليرة تركية لقاء مجهودنا.
وبعد تلك التجربة اتفقنا على آلية أسبوعية لاستلام المواد الأولية لتصنيع الاكسسوارات، بعد أن تعلمنا صناعتها، وتمكنا في تأمين دخل إضافي يتراوح بين 2000 و4000 ليرة تركية شهرياً (740 و1480 دولاراً)، على حسب الطلب وإعطائنا "الموديلات" المطلوبة.
وحول صعوبة العمل وكلف الإنتاج وسعر المبيع والأرباح يوضح فاضل "دعني أولاً أشير إلى دقة وصعوبة العمل الذي لم أشعر وزوجتي به في بدايته، لأننا كنا متحمسين وبحاجة لدخل إضافي، واليوم بدأنا ندفع الثمن بآلام في مفاصلنا وعيوننا، لأنه يحتاج لدقة متناهية وصبر وطول زمن، وتتطلب بعض الأنواع إلى تركيز شديد وخاصة ما يطلى منها بماء الذهب ولكن الشكر لله والفضل للأخ التركي الذي مد لنا يد العون والمساعدة".
العمل صراحة جيد وأرباحه مرتفعة جداً، وقد شعرنا بمستوى الأرباح بعد أن أعطانا التركي نسبة على المبيع، فكلفة الطوق المطلي بماء الذهب نحو 5 ليرات تركية نبيعه بعشر ليرات وكلفة الإسورة 3 ليرات نبيعها بسبعة ليرات، وهكذا أي الأرباح ضعف التكلفة.
وقد أوكل لنا أخيراً، فضلاً عن التصنيع، البيع ولنا نسبة من الأرباح، ما دفعني لأخذ نماذج للمقهى الذي أعمل به، وبدء مشاركة زوجتي بالمعارض والأسواق السورية التي تقام باسطنبول، التي آخرها معرض مؤسسة "إشراقات السورية".
ويتابع فاضل "لم أكن أتصور يوماً أن أتعرض لهذه الظروف، لكن صعوبة الحياة وغلاء المعيشة في تركيا، فضلاً عن طول الحرب بسورية، دفعني للقبول بالعمل الحالي متناسياً ما كنت عليه من يسر من قبل".
اقرأ أيضا: شرطي سوري منشق.. يمتهن صرف العملات ويرفض النزوح
عدنان فاضل البالغ من العمر 45 عاماً، من محافظة إدلب شمالي سورية، كان مقاولاً للأعمال الإنشائية، قبل أن تدمر حرب نظام بشار الأسد كل ممتكاته وأعماله التي توزعت بين حمص وإدلب، قبل أن يقرر النزوح بأسرته إلى تركيا، دون أن يلتفت إلى الوارء.
يقول فاضل المقيم حالياً في منطقة "أسكودار" بالقسم الآسيوي في إسطنبول "لم يكن من بد للمحافظة على حياة أسرتي والبحث عن عمل سوى الهجرة لتركيا، بعد أن تنقلت بريف حلب التي لحقها كما ادلب دمار قصف طيران وبراميل الأسد".
ويضيف لـ "العربي الجديد" أن تبدد ممتلكاته حال دون بدئه بمشروع في اسطنبول، ما دفعه للرضى بأي عمل بعد انتظار لأربعة شهور، فكان العمل بمقهى ليلاً بأجر 1000 ليرة تركية (370.3 دولاراً) وهي تعادل أجرة المسكن فقط، ما يعني تدبير باقي احتياجاته بالاستدانة.
ويتابع "خسرت منزلين وشاليه بحرياً ومعملاً بسيطاً في سورية، وها أنا أعمل بمقهى اليوم، لأن الغربة لا تعترف بالماضي والأصول".
ويشير إلى أن عدم كفاية المردود المالي من عمله بالمقهى وتراكم الديون، دفعه للتفكير في عمل ثانٍ "وهنا جاءت المصادفة، حيث سمعني أحد التجار أتحدث العربية وأنا أتسوق، فاقترب مني ووضع 100 ليرة تركية (37 دولاراً) في جيبي وفوجئت بهذا الفعل الذي رفضته بألم، لكنه أصر وقال لي بالعربية "أنتم المهاجرون ونحن الأنصار".
لن أنسى تلك اللحظة ما حييت، قطعت تسوقي وعدت للبيت انتظاراً لأحد الطلاب الأتراك، الذين أساعدهم بتعليم اللغة العربية لدراستهم الشريعة الإسلامية، وبعد أن انتهينا قررت العودة إلى هذا التاجر لأشكره وأعيد له المئة ليرة.
ويتابع فاضل "فعلاً التقيت الرجل وحاولت أن أعيد له النقود وأشكره بمساعدة الطالب التاركي الذي كان يترجم ما أقول، وبعد جدل طلبت منه أن يجد لي عملاً إذا أراد مساعدتي".
وفعلاً، أشار الأخ التركي إلى دكانه المتخصص في بيع الحلي والإكسسوارات وسألني "هل تعمل بهذا، أجبت على الفور، ليست مهنتي وأجهل العمل، ولكني مستعد للتعلم إن ساعدتني، وتبادلنا أرقام الهاتف وتكلم إلى رفيقي التركي المترجم أنه سيتصل بي غداً".
يقول فاضل "في اليوم التالي، التقيت التاجر وأعطاني مستلزمات العمل وبدأ بتعليمي كيفية صناعة القيراط، وأعدت التجربة أمامه وكلي حرص على إرضائه، فعبر عن سروره رغم بطئي وتوجسي الشديدين".
انتقلت إلى بيتي ومعي الحلي وبدأت وزوجتي العمل، وأذكر أننا أنجزنا 250 قيراطاً خلال خمسة أيام، بعدها ذهبت إلى صاحب العمل، وأبدى بعض الملاحظات البسيطة وأخذ القراريط وأعطاني 500 ليرة تركية لقاء مجهودنا.
وبعد تلك التجربة اتفقنا على آلية أسبوعية لاستلام المواد الأولية لتصنيع الاكسسوارات، بعد أن تعلمنا صناعتها، وتمكنا في تأمين دخل إضافي يتراوح بين 2000 و4000 ليرة تركية شهرياً (740 و1480 دولاراً)، على حسب الطلب وإعطائنا "الموديلات" المطلوبة.
وحول صعوبة العمل وكلف الإنتاج وسعر المبيع والأرباح يوضح فاضل "دعني أولاً أشير إلى دقة وصعوبة العمل الذي لم أشعر وزوجتي به في بدايته، لأننا كنا متحمسين وبحاجة لدخل إضافي، واليوم بدأنا ندفع الثمن بآلام في مفاصلنا وعيوننا، لأنه يحتاج لدقة متناهية وصبر وطول زمن، وتتطلب بعض الأنواع إلى تركيز شديد وخاصة ما يطلى منها بماء الذهب ولكن الشكر لله والفضل للأخ التركي الذي مد لنا يد العون والمساعدة".
العمل صراحة جيد وأرباحه مرتفعة جداً، وقد شعرنا بمستوى الأرباح بعد أن أعطانا التركي نسبة على المبيع، فكلفة الطوق المطلي بماء الذهب نحو 5 ليرات تركية نبيعه بعشر ليرات وكلفة الإسورة 3 ليرات نبيعها بسبعة ليرات، وهكذا أي الأرباح ضعف التكلفة.
وقد أوكل لنا أخيراً، فضلاً عن التصنيع، البيع ولنا نسبة من الأرباح، ما دفعني لأخذ نماذج للمقهى الذي أعمل به، وبدء مشاركة زوجتي بالمعارض والأسواق السورية التي تقام باسطنبول، التي آخرها معرض مؤسسة "إشراقات السورية".
ويتابع فاضل "لم أكن أتصور يوماً أن أتعرض لهذه الظروف، لكن صعوبة الحياة وغلاء المعيشة في تركيا، فضلاً عن طول الحرب بسورية، دفعني للقبول بالعمل الحالي متناسياً ما كنت عليه من يسر من قبل".
اقرأ أيضا: شرطي سوري منشق.. يمتهن صرف العملات ويرفض النزوح