شبح يولاندا

31 مايو 2015
مهند عرابي / سورية [جزء من لوحة]
+ الخط -

1

أعيش مع امرأةٍ ميتة، أعيش مع شبح امرأة ميتة
تسير بخطىً خفيفة كُلّما سرتُ بتثاقلٍ باتجاه المطبخ
يفزعني وجهها الأبيض كإصبع طبشور، كلّما لمحتها تجلس على المجلى ببيجامةٍ حمراء منقّطة وأنا أغلي القهوة..
يظلّ صوتها يعلو في زوايا البيت فجأةً كلما غفوت..
أضع وسادةً على رأسي كي لا أسمع غناءها الذي لا يتوقف...
أعيش مع شبح امرأةٍ ميتة
شبحٌ سعيدٌ ومتفائلٌ لا يكف عن الغناء
لو أنه فقط كان شبحاً حزيناً يُشبهني، يكتفي بمراقبتي صامتاً.

2

أفكّر كثيراً بالانتحار، أفكّر طويلاً بالانتحار، كنت أقول لطبيبي النّفسي في كل جلسة علاج؛ أنني كلما نظرت في المرآة، رأيتُني أحمل مسدّساً، رغم أني لم أقتنِ يوماً واحداً، أحمل مسدّساً ثم أطلق رصاصةً على رأسي، أراقب دماغي ينفجر في لحظة وينتهي كل شيء!
حين وجدوه منتحراً في عيادته، طبيبي، وبنفس الطريقة، شعرت بالحزن و بالذنب أيضاً.
حاولت ألاّ أصدّق الصوت الذي كان يصدح جوّاي، أنني من أوحت له بفكرة الانتحار.

3

لا أتوقف عن التفكير بإمرأة لا أعرفها من تايلاند، كانت حزينة ويائسة لدرجة أن ألقت بنفسها في بركة تماسيح.
لم تلبث أكثر من ثلاثين ثانية قبل أن تُصبح أشلاءً في معدة مئة تمساحٍ جائع.


4

أغمض عينيّ لأنام، أسقط في فيديو بالأبيض والأسود، أقع على طرف خشبة مسرح.
موسيقة زوربا تعلو فجأة، داليدا بفستان أسود قصير، ترقص بملامح لا تحمل أي مشاعر، قد تحمل مشاعر أيضاً، لكني أنا من لا تشعر بشيء.
تغني داليدا مع الموسيقى بكلمات فرنسية، أهزّ رأسي معها دون أن أفهمها تماماً.
تنفعل هي وترقص على المسرح الخشبي.
يصمت شبح المرأة الميتة ويقفز عن المجلى.
يمسك بيدي، ويدي تُمسك بيد داليدا.
أنا وشبح المرأة الميتة وداليدا.. وأشلاء المرأة في معدة التماسيح.
جميعنا كنّا ننقر الأرض ونظن أننا نرقص!


*يولاند هو الاسم الحقيقي للمغنية الإيطالية المصرية داليدا

دلالات
المساهمون