شباب موريتانيا أمام شبح الصيف

30 ابريل 2015
+ الخط -

تعاني موريتانيا، مع بداية فصل الصيف من كل سنة، ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة وهبوب الرياح المحملة بالتيار الساخن في الداخل. ولا تسلم العاصمة نواكشوط، من انعكاس سلبي لتلك الحرارة التي تلقي بظلالها على كل شيء في البلد، وتضع السكان في مأزق شديد ومتاعب جمة تستمر لمدة أربعة أشهر، ابتداء من شهر أبريل/نيسان من كل سنة.

وتأتي الظروف المناخية غير اللطيفة في ظل انعدام المتنزهات والمرافق المهيأة لاستيعاب قضاء الشباب عطلة الصيف فيها، مما جعل فرص الاحتماء من الحرارة الشديدة أمرا غير وارد، ونادرا ما يحظى به غير المتخمين في البلاد.

ويعتبر الشاب عبدالرحمن ولد بل، أن قضاء العطلة الصيفية بالنسبة للشباب الموريتاني "يختلف باختلاف المناطق والوضع المادي بالنسبة للأسر المنحدرين منها، بالإضافة إلى نوعية الأماكن الترفيهية المتوفرة في كل منطقة".

ويضيف "في المناطق الغربية من البلاد تكون شواطئ المحيط الأطلسي هي الوجهة المفضلة، أما في الشمال فتستقطب واحات النخيل الشباب الباحث عن قضاء عطلة صيفية ممتازة، وفي الجنوب تكون الوجهة عادة هي ضفاف النهر السنغالي".

وقال ولد بل لـ"جيل العربي الجديد" إن الوجهة الترفيهية في مناطق الوسط والشرق الموريتاني هي الغابات التي تتحول في فصل الخريف إلى متنزهات تتسع لمئات الوافدين، أما البدائل فهي شبه منعدمة، خصوصا أمام ذوي الدخل المحدود، وهم الغالبية الساحقة في المجتمع".

ويرى الشاب سيدي عالي أن فترة الصيف في موريتانيا تعتبر "موعدا ساخنا للجميع، يستوي في ذلك المقيمون في العاصمة نواكشوط، أو مدينة نواذيبو، ومن هم في المدن والقرى والأرياف الداخلية". وقال محمد ولد الدده، "إن المؤسسات التعليمية لا تقوم بتنظيم رحلات استجمامية صيفية للشباب مثل تلك التي تقوم بها بعض الثانويات والجماعات والمدارس في بعض الدول". واعتبر ولد الدده في حديثه "أن موريتانيا تنعدم فيها وجهات فندقية مخصصة لتنظيم وقضاء مثل هذه الرحلات، وإذا وجدت فهي مقتصرة على الموسرين"، مشيرا إلى أن الشباب العاطل عن العمل أو الذين لا يملك ذووهم أمولا لذلك يواجهون ارتفاع الحرارة في فصل الصيف بشكل بشع وقضاء أوقات الفراغ والعطل في القيام بلا شيء.

وأضاف ولد الدده "هناك وجهات سياحية تقليدية تتمثل في البادية الموريتانية بشكلها التقليدي والتي يقصدها الشباب برفقة أسرهم لقضاء أكثر من شهر في أحضان الطبيعة ومراتع الصبا، لكن الفترة الأنسب للاستجمام تكون عادة مع بداية فصل الخريف الذي تتبدد خلاله الحرارة ويبرد الجو في موريتانيا". وخلص ولد الدده إلى القول "لا توجد خيارات لدى الشباب في موريتانيا، فغالبيتهم لا يملك أي إمكانيات مادية تؤهلهم لقضاء عطلة الصيف في الفنادق أو المتنزهات أو حتى على ضفاف البحر".

ويعتبر محمد ولد الديه، "أن الشباب الموريتاني لا فرصة أمامه لقضاء عطلة الصيف والاحتماء من الحر الذي تشهده البلاد، وخاصة العاطلين عن العمل، وبعض الأسر الفقيرة التي لا تمتلك مالا حتى لشراء مبرد منزلي يخفف معاناة الأطفال والنساء والمتقدمين في السن من جراء ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز 45 درجة مئوية في فصل الصيف".

ويرى ولد الديه أن "الحكومة الموريتانية مطالبة بتوفير متنزهات بأسعار في متناول الجميع، من أجل تخفيف معاناة الناس وتوفير فرص متساوية للجميع لا تقصي الفقير ولا تمنع العاطل ولا تجحف بميسوري الدخل من المواطنين". واعتبر أن "السلطات تمتلك القدرة على إنشاء فنادق ومتنزهات لقضاء فترة الصيف، كما أنه بإمكانها منافسة التجار لكي يضطروا إلى تخفيض أسعار الفنادق أمام المواطنين في فترة الصيف التي تتجاوز الثلاثة أشهر، وهو ما من شأنه أن يعطي دفعة قوية للحكومة التي ستوفر خدمة ممتازة للشباب ككل".

وبدوره طالب الشاب الحامد، من الشباب أن "يتقدموا بمطالب واضحة ومدروسة للجهات الرسمية، من أجل التحرك وإنهاء معاناتهم في فصل الصيف، معتبرا أن الحرارة تسبب الكثير من الأمراض للسكان، وخاصة الشباب، الأكثر عرضة لها، بسبب النشاط والحيوية والحركة المستمرة".

وأكد الحامد أن "الشباب يعاني بشكل كبير في فترة فصل الصيف التي ترتفع فيها درجات الحرارة وتغيب فيها أي مساعدات رسمية أو تحرك لمواجهة الظاهرة على الأمد القصير"، مشيرا إلى أن الشباب يعاني الكثير في ظل عجز آلاف الأسر عن توفير مبردات، إضافة إلى عدم توفر الكهرباء في أغلب المناطق الداخلية بموريتانيا، وغياب أي بدائل مثل الاعتماد على الطاقة الشمسية واستعمالها لتشغيل المبردات إن هي توفرت".

وخلص الحامد إلى القول إن "الوضع في فصل الصيف كارثي في موريتانيا، والشباب هو المتضرر الأول من غياب المتنزهات والفنادق، حيث يواجه أغلب سكان البلد الحرارة دون أي مساعدات تخفف من معاناتهم أو تمنحهم الأمل في غد أفضل، عبر توفير فرصة قضاء عطلة ترفيهية، في ظل ما تشهده البلاد من ظرف اقتصادي واجتماعي وسياسي خانق".


(موريتانيا)

المساهمون