شباب تونس والسياسة.. عزوف سببه الشيوخ

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
13 يناير 2015
1F31ADEC-EE1B-4287-A366-C0E18816AFFC
+ الخط -

مثل غياب الشباب التونسي عن الانتخابات الأخيرة (الرئاسية والتشريعية) مؤشرا هاما على الهوة التي تفصل بينه وبين العمل السياسي بعد الثورة، بعد أن كان حرص عليها وقادها عبر محامل مختلفة، بدأت به عبر الإنترنت وانتهت إلى الشارع الذي توج إنجازاته يوم 14 يناير.

ويؤكد رئيس جمعية الشباب القيادي بمحافظة المنستير، بلال تقية، أنّ عزوف الشباب التونسي عن الشأن السياسي سببه الأحزاب التي غيّبت الشباب حتى داخل الهياكل التنفيذية والجهوية.

وقال إنّ النّظام التعليمي في تونس، سواء في المرحلة الثانوية أو الجامعية، يقوم بالأساس على التلقّي، كما أنه لا يثقف الشباب سياسياً أو مدنياً ولا يقدّم لهم أي تحفيز لينخرطوا في الحياة السياسية.

النفس القصير!
"الشباب الذي أنجز الثورة لم يكن يتمتع بنفس طويل ليواصل المسيرة، إذ سلم المشعل مباشرة إلى الأحزاب التي سرعان ما انقضت على الشأن السياسي في تونس".. هكذا فسرّ بلال عزوف الشباب التونسي، مؤكدا أنّ الشباب يعاني من البطالة والتهميش إلى جانب فقدانه الثقة في الأحزاب.. وهي عوامل كثيرة قادته إلى هجر الحياة السياسية.

وقال بلال إن نسبة مشاركة الشباب في الانتخابات التشريعية في تونس ضعيفة جدا، إذ إنها لا تتعدى الـ 11 في المائة، ثم أصبحت في الرئاسية 15 بالمائة، مبينا أنّ هناك قرابة الـ300 ألف شاب معظمهم من الطلبة لم يتمكنوا من التصويت في الانتخابات الماضية، على حدّ

تعبيره.

وكشف بلال أن هناك حوالي 20 ألف طالب كانوا يوم الاقتراع بعيدا عن مسقط رأسهم وبعيدا عن المراكز التي سجلوا بها، وبالتالي لم يصوّتوا نظرا لبعد المسافة.


قطيعة
ومن جانبها ترى آمنة الكشو، الطالبة بكلية الحقوق، أنّ أغلب الأحزاب السياسية لم تقدم حلولا للشباب، بل هي منغمسة في مشاكلها، وهو ما يجعل الشباب يعزف عن الحياة السياسية.
وقالت آمنة: "لا أحد يستمع إلى الشباب أو يؤطره ليشارك في الحياة السياسية".

وأكدّ فاضل زنّاتي (23 سنة) طالب بكلية الأداب بمنوبة، أنّ مشكلة عزوف الشباب تتفاقم من سنة إلى أخرى، مؤكدا وجود قطيعة بين الشباب والسياسيين.
وقال: "لقد تحوّلت القطيعة إلى مشكلة، ممّا دفع العديد من الجمعيات إلى العمل على هذا الأمر فرغم أنّ حقوق الشباب مكفولة بالدستور، فإن الشباب لا يهتم بالحياة السياسية".

ولاحظ زنّاتي أنه في الانتخابات الرئاسية فضّل معظم الشباب البقاء في المقاهي، رغم أن مراكز الاقتراع كانت شاغرة، وقال إن أغلب الشباب رفضوا التصويت تاركين الأمر للكهول، معلّلا ذلك بأن الشباب التونسي لا يجد من يمثله وحتى برامج المرّشحين لا تقنعه، وبخاصة أنه يدرك أنها غير قابلة للتطبيق.
وشدّد على أنّ الشباب هم مستقبل البلاد، داعيا السياسيين إلى تكريس برامج للشباب.

إقصاء وتهميش
من جهته، يرى إبراهيم عمري أستاذ العلوم السياسية، أن مشاركة الشباب في الشأن السياسي تبدو ضعيفة جدا وتكاد تكون منعدمة، فهذه الفئة تم إقصاؤها وتهميشها وإبعادها عن أغلب هياكل الدولة وداخل المجالس الحزبية، ولهذا السبب نجد أنّ الأغلبية الذين يمسكون بالسلطة هم كهول ومسنون، رغم أن الأصل أن يكون الشباب في مواقع القرار.

مضيفا أنّ الدستور التونسي ينص بحسب الفصل 8 على أن "الشباب هو قوة فاعلة في بناء الوطن" ولكن مشاركة الشباب في الحياة السياسية لا تتعدّى الـ 5 في المائة حسب استمارات أنجزت في الغرض"، موّضحا أن هذه النسبة ضعيفة جدا.

وقال العمري: "أحسن دليل على العزوف هو تدني نسبة مشاركة الشباب في الانتخابات التشريعية والرئاسية". معتبرا أنّ السبب ليس عدم رغبة الشباب في المشاركة، بل لأن الخطاب السياسي والبرامج جعلت الشباب خارج الحلبة.

وأوضح أنّ أغلب الذين يسيّرون دواليب الدولة هم ما بين الستين والتسعين سنة، في حين أن الشباب يمثلون 50 في المائة من المجتمع ولكن لا وزن له.


وقال إنه مثلما نجحنا نسبيا في جعل المساواة بين المرأة والرجل من خلال إشراكها في مواقع القرار، فإنه يجب وضع حصة لإشراك الشباب في مواقع القرار، داعيا إلى أن تكون هذه النسبة ما بين 15 و20 بالمائة.

واعتبر أنّ الشباب الذين لا يشاركون الآن لن يشاركوا مستقبلا، وأنه لا وجود لدربة ولا لتكوين للشباب.

وقال فوزي بن هلال أحد المسؤولين بوزارة الشباب والرياضة لـ"العربي الجديد" إنّ الوزارة تعمل على مشاركة الشباب، وإنها لديها استراتيجية لإشراك الشباب ليكون فاعلا في المجتمع.
واعتبر أنّ مؤسسات الشباب التابعة للوزارة، يجب أن يكون لها أدوار جديدة تتماشى والمرحلة والدستور الجديدين، وكشف أنّ لديهم برنامجا وطنيا سيعنى بتكوين القادة الشبان لكي يكونوا أصحاب قرار وفاعلين في الحياة السياسية.

وقال بن هلال: "سيتم تدريب الشباب على مهارات اتصالية وقيادية جديدة ليشاركوا في صنع القرار".

وأكدّ أنهم ينظرون في إحداث برنامج تكوين مجالس شبابية، ليكون لهم تمثيل، وهو ما من شأنه أن يعطي صورة جديدة للشباب.
وكشف أن هناك دراسة أعدّها البنك الدولي والمرصد الوطني للشباب بتونس، حول عزوف الشباب عن الحياة السياسية، مبينا أنه سيتم إصدار نتائجها قريبا.

وقال بن هلال: "هذه الدراسة تحتوي على نتائج سلبية وأخرى إيجابية، منها أن الشباب حريص جدا على التطوع للعمل الجمعياتي والمؤسساتي، ولكن كلما تعلّق الأمر بالشأن السياسي فهو غائب، ولذا لا بد من إزالة الحواجز التي تعوقه عن المشاركة في الشأن السياسي.

من جانبها أكدت أمل سويد، أصغر نائبة في مجلس نواب الشعب، وهي من مواليد 1988 وطالبة ماجستير، أنه يجب إخراج الشباب من العزلة السياسية، واعتبرت أنها تحلم بمشاركة الشباب، معتبرة أن كونها أصغر نائبة يحملها مسؤولية تمثيل الشباب.

وفسرّت عزوف الشباب عن الحياة السياسية بعدة عناصر، بعضها نفسي وبعضها إجتماعي، وقالت سويد: "الشباب يعاقب الساسة وهو ما يفسرّ عزوفه عن الانتخابات". وكشفت أن الشباب التونسي جدير بالتموقع في المشهد السياسي وعليه أن يقتنص موقعه.

ذات صلة

الصورة
مسيرة في تونس ترفع شعارات الثورة التونسية، 24 مايو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

رفعت شعارات الثورة التونسية "شغل حرية كرامة وطنية" في احتجاج شبابي في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، تعبيراً عن رفض ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
الصورة
أكد المشاركون أن الثورة شهدت انتكاسة بعد انقلاب قيس سعيد (العربي الجديد)

سياسة

أكدت جبهة الخلاص الوطني، اليوم الأحد، خلال مسيرة حاشدة وسط العاصمة تونس، أن البلاد في مفترق طريق ولا بد من قرارات مصيرية حتى لا تذهب نحو الانهيار.

الصورة
وقفات احتجاجية في ذكرى الثورة التونسية 2023 - العربي الجديد

سياسة

انطلقت، صباح اليوم السبت، تجمعات احتجاجية للمعارضة التونسية في جهات مختلفة من العاصمة التونسية احتفالاً بالذكرى الثانية عشرة للثورة التونسية، وسط تعزيزات أمنية كبيرة وإغلاق الطرق المؤدية إلى شارع بورقيبة.
الصورة
ندوة في الذكرى 12 للثورة التونسية (العربي الجديد)

سياسة

أكدت منظمات وجمعيات تونسية، خلال ندوة عقدت اليوم الجمعة في الذكرى الـ12 للثورة، ضرورة تحقيق استحقاقات الثورة التي من أجلها ناضل الشعب التونسي، في ظل التراجع الكبير للحقوق والحريات، مؤكدة أن الشعارات التي رفعت إبان الثورة "لم يتحقق منها شيء".
المساهمون