ينحصر الحكم المتوقع إصداره اليوم الثلاثاء بحق الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، في القضية التي يحاكم فيها و130 آخرون، المعروفة إعلامياً بقضية "اقتحام السجون" إبان ثورة يناير 2011، والقضية الثانية التي يُحاكم فيها و35 آخرون من قيادات وأعضاء "الإخوان المسلمين"، المعروفة بـ "التخابر مع حركة حماس وحزب الله والحرس الثوري الإيراني"، بسيناريوهين اثنين، في القضيتين المحال فيهما عدد كبير إلى المفتي لأخذ رأيه الشرعي في إعدامهم.
وقال مراقبون إن قرار تأجيل الحكم قبل أسبوعين، جاء نظراً لزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى ألمانيا، ولقائه بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وخوفاً من صدور أحكام الإعدام المنتظرة، واشتعال موجة الغضب تجاه الزيارة التي اتسمت بـ "الفتور".
السيناريو الأول والأقرب، هو إصدار المحكمة برئاسة المستشار شعبان الشامي، حكمها في القضية بعد الاطلاع وفحص رأي مفتي الجمهورية، غير الملزم للمحكمة، وأن يكون رأي المفتي مؤيداً لإعدام المتهمين، ليُصدر القاضي في هذه الحالة حكماً بإعدام المتهمين المحالة أوراقهم للمفتي، والسجن بحق بقية المتهمين بأحكام متفاوتة وفقاً لرؤيته للقضية.
وفي هذه الحالة يكون الحكم الصادر هو "حكم أول درجة"، ويحق للمتهمين الطعن عليه أمام محكمة النقض، ولا يجوز تنفيذ أحكام الإعدام إلا بعد الفصل من محكمة النقض بعد الطعن على الحكم، إذ يكون الطعن في أحكام الإعدام وجوبياً حتى إذا لم يطعن المتهم المحكوم عليه بالحكم، ويكون إلزامياً على النيابة العامة الطعن على الحكم. وتنظر محكمة النقض الطعن من حيث الإجراءات (الشكلية)، فإذا رفضت الطعن يكون حكماً نهائياً، أما إذا قبلت الطعن، فيتم إلغاء الحكم نهائياً كأن لم يكن، وتقوم محكمة النقض بإعادة ملف القضية مجدداً إلى محكمة الاستئناف، لكي تقوم بتحديد دائرة أخرى لتنظر في القضية من جديد، بعيداً عن الدائرة التي أصدرت حكم أول درجة. وعقب تحديد الدائرة، يتم إرسال ملف القضية إليها من جديد بعد إسقاط حكم الإعدام، لتنظر بإجراءات القضية بكاملها وما تشمله من أحكام بالسجن، وكأنها تنظر فيها لأول مرة، وإذا أصدرت المحكمة حكماً ثانياً بالسجن والإعدام، يحق للمتهم الطعن على الحكم مجدداً أمام محكمة النقض.
وفي هذه الحالة يحال ملف القضية بالكامل مجدداً لمحكمة النقض، التي تكون في هذه الحالة "محكمة قانون وموضوع"، إذ تقوم بالنظر في الدعوى وإجراءاتها، وتفصل فيها من تلقاء نفسها، ولا تحيلها إلى دائرة جديدة، وإذا أصدرت حكماً بالإعدام، يكون في هذه الحالة حكماً وجوبياً، ويصبح نهائياً وباتاً وواجب النفاذ، ولا طعن عليه.
اقرأ أيضاً: محاكمة "مرسي" بقضية التخابر تستمر بعرض رسائل "الموبايل"
أما السيناريو الثاني، فهو أن يكون رأي المفتي رافضاً لإعدام المتهمين أو بعض منهم، وفي هذه الحالة يكون أمام المحكمة عدة خيارات، إما تتجاهل رأي المفتي وتحكم في القضية بالإعدام، خصوصاً أن رأي المفتي استشاري، أو تحكم بالسجن بدلاً من الإعدام، أو تعيد أوراق القضية إلى المفتي مجدداً.
وهناك سابقة مشابهة لهذا الأمر؛ في أغسطس/آب 2014، ورد إلى محكمة جنايات الجيزة، برئاسة القاضي المدعو محمد ناجي شحاتة الملقب بـ "الجزار"، تقرير المفتي في القضية المعروفة إعلامياً باسم "أحداث مسجد الاستقامة"، والتي كان متهما فيها قيادات من "الإخوان المسلمين"، وأبرزهم المرشد العام للجماعة محمد بديع. وأودعت دار الإفتاء تقريرها أمام المحكمة، وجاء فيه: "إنه بمطالعة أوراق القضية وجد أنها قد خلت من دليل إلا أقوال ضابط الأمن الوطني التي لم تؤيد بدليل آخر، سوى ترديد البعض لأقوال مرسلة إن من يطلق النار هم جماعة من أنصار الإخوان المسلمين؛ وهو ما لا يمكن الاعتماد عليه في إنزال عقوبة الإعدام على المتهمين". واختتم التقرير بعبارة: "إن دار الإفتاء المصرية تفوّض الرأي للمحكمة في إنزال ما تراه من عقوبة مناسبة على المتهمين، حسبما وقر في عقيدتها واستقر وجدانها وحسب قناعتها".
فقام القاضي بإرسال أوراق القضية للمفتي للمرة الثانية في سابقة هي الأولى في تاريخ القضاء المصري، بعد أن ادعت المحكمة أن هناك أوراقاً في القضية تود إرسالها مرة أخرى إلى المفتي لإيضاح إدانة المتهمين، إلا أن المفتي رفض للمرة الثانية إعدام المتهمين لعدم ثبوت الاتهامات. وعلى الرغم من ذلك، لم يلتزم القاضي برأي المفتي، وأصدر حكماً بإعدام عدد من المتهمين وبسجن آخرين.
اقرأ أيضاً: تأجيل محاكمة "مرسي" و10 آخرين في قضية التخابر الثانية