تتصاعد حدّة الأزمة في محافظة ديالى العراقية المجاورة لإيران لتتجه نحو الانفراد في مختلف مفاصل المحافظة (السياسية، والأمنية، والاقتصادية)، وإقصاء الأكثرية فيها؛ وهو إقصاء يتخذ بعداً طائفياً متماهياً مع الانقسامات الطائفية التي تضرب المنطقة برمتها.
اقرأ أيضاً: التحالف الوطني يجرّد "القوى العراقية" من مناصبه في ديالى
وبعد استحواذه على منصب المحافظ، وهو أعلى سلطة حكومية وفقاً للدستور العراقي، على الرغم من فوز "تحالف القوى الوطنية" بالمنصب عبر الانتخابات، يسعى التحالف الوطني (شيعي)، بالاتفاق مع القوى الكردية إلى تقاسم مناصب "تحالف القوى الوطنية" وعزله عن المشاركة في صنع القرار في المحافظة، فيما يحذّر مراقبون من استمرار سياسات الإقصاء والتهميش في ديالى وأثرها على الوضع الأمني فيها.
إضافة إلى ذلك، تعيش محافظة ديالى، ذات التركيبة السكانية المعقّدة طائفياً وعرقياً، وضعاً أمنيّاً متردياً، أعقب استحواذ القوى المرتبطة بمليشيات "الحشد الشعبي" على غالبية المناصب الحساسة في حكومتها، واستفرادها بإدارة الملف الأمني، فضلاً عن منع النازحين من العودة الى مناطقهم، التي تم تقاسمها مشاطرة بين المليشيات والبشمركة الكرديّة.
اقرأ أيضاً العراق: مسؤولون يحذرون من "مؤامرة" إسقاط الجنوب
وتمكّن "التحالف الوطني" من إزاحة المحافظ السابق القيادي في تحالف القوى العراقية، عامر المجمعي، عن منصبه، ونائبه باسم السامرائي، ليستحوذ على منصبيهما، وذلك عقب عمليات اغتيال طاولت نائبي المحافظ واثنين من أعضاء مجلس المحافظة، جرت خلال هذا العام، نتج عنها تسلم مثنى التيمي، قائد مليشيا "بدر" في ديالى والمطلوب قضائياً في دول أوروبية عدة، على أثر تقديم ناشطين عراقيين شكاوى ضدّه بالتورط في ما عرف، أخيراً، بمجزرتي سارية ومصعب، العام الماضي، والتي راح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى.
وقال عضو مجلس محافظة ديالى عن "التحالف الوطني"، جاسم الربيعي، لـ"العربي الجديد"، إنّ تحالفه "يسعى الى تحقيق التوازن الكامل في مجلس المحافظة، وأن تكون حكومة ديالى مشكّلة من مختلف مكوّناتها دون أيّ إقصاء وتهميش أو شعور بالمظلوميّة من أيّ مكوّن".
وأضاف الربيعي أنّه "من غير الممكن أن يستمر (تحالف القوى الوطنية) في مقاطعته حكومة المحافظة وجلساتها، خصوصاً وأنّ الحكومة تسعى إلى تمرير بعض القوانين التي تهم المواطنين في المحافظة". وأكّد أنّ "تلك المقاطعة هي مسعى لتعطيل دور حكومة ديالى ومحاولة تأليب الشارع عليها، ولا يمكن لنا السكوت على ذلك"، بحسب تعبيره.
وأشار الى أنّ تحالفه "يعمل الآن على تشكيل حكومة غالبية سياسية بالاتفاق مع الكتل الكردية، في حال استمر تحالف القوى بمقاطعة جلسات المجلس"، مشدّداً على أنّ "ديالى تمرّ بظروف استثنائية ومن غير الممكن أن تبقى حكومتها مكبّلة وعاجزة عن تقديم شيء".
وأضاف أنّه "في حال لم تقرّر "عراقية ديالى" (تحالف القوى) العودة الى المجلس، بعد نهاية الأسبوع الجاري، فإنّنا اتفقنا مع الكتل الكردية على عقد جلسة لمجلس المحافظة وبنصاب كامل ومن ثم يتم توزيع المناصب الشاغرة من خلال التصويت بيننا، لنستأنف عمل حكومتنا المحليّة". مشيراً إلى أنّه "في ذلك الوقت، لن يبقى أمام تحالف القوى سوى أن يكون كتلة معارضة في المجلس، وليس لنا اعتراض على ذلك".
من جهته، قال عضو المجلس عن تحالف القوى، محمد الكرخي، لـ"العربي الجديد"، إنّ تحالفه "لم ينسحب من المجلس، بل قرّر مقاطعة الجلسات فقط على خلفية الاستحواذ على مناصبنا واستحقاقاتنا الانتخابية".
وأكّد أنّ "هناك مؤامرة لإقصائنا وتهميش دورنا السياسي في ديالى، بعدما تم تهميشنا عن الملف الأمني". موضحاً أنّ "المناطق المحرّرة من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تم تقاسمها بين "الحشد الشعبي" و"البشمركة" الكردية، ومُنع النازحون السنة من العودة إليها، واليوم يتم إقصاؤنا سياسياً". وحذّر من "عواقب الاستمرار بهذا النهج".
وفي الإطار نفسه، رأى عضو مجلس عشائر ديالى، الشخ هذّال النداوي، أنّ "إقصاء السنة عن حكومة ديالى هي خطوة لاستكمال مخطط التغيير الديموغرافي في ديالى".
وأوضح النداوي خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّه "تمت مصادرة كافة حقوق السنة في المحافظة، وهم يعاملون، اليوم، على أنّهم أقليّة، وليس لهم أيّ رأي سياسي أو أمني، فيما يتهمون بالإرهاب".
وحذّر من "عواقب الاستمرار بهذا النهج، الذي سيجر المحافظة الى أزمات في كافة الجوانب". واستطاع التحالف الوطني في ديالى أن يسيطر على غالبية مناصب "تحالف القوى الوطنية" بإسناد من المحكمة الاتحادية، والتي تصدر قرارات تمنح فيها مختلف قرارات التحالف الشرعيّة اللازمة، لتكون قرارات قانونية لا يمكن الطعن فيها.