سورية: النظام والمعارضة.. سعي وراء دعم واشنطن لمواجهة "داعش"

تحليل إخباري
عبسي سميسم (العربي الجديد)
عبسي سميسم
عبسي سميسم. صحافي سوري؛ مدير مكتب سورية في موقع وصحيفة "العربي الجديد".
20 اغسطس 2014
983029AD-D4BB-4F58-A7F0-992C21D374FB
+ الخط -

تتجه الولايات المتحدة إلى توسيع عملياتها العسكرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لتشمل مواقعه داخل الأراضي السورية، نظراً للترابط الوثيق، بين الساحتين السورية والعراقية بالنسبة لانتشار وإمداد وقيادة التنظيم.

وما يدعم هذا الافتراض، مسارعة كل من المعارضة والنظام في سورية، إلى تقديم نفسه كشريك مؤهل لمحاربة "الإرهاب" إلى جانب الولايات المتحدة.

فقد عقد "الائتلاف الوطني" السوري المعارض، اجتماعاً طارئاً، يوم السبت الماضي، في مدينة غازي عنتاب التركية. ووجّه رئيسه، هادي البحرة، في ختامه نداءً للمجتمع الدولي من أجل التعامل بالطريقة نفسها مع "داعش" في سورية كما في العراق، وضرورة تسليح "الجيش الحرّ" على غرار تسليح الأكراد.

وفي المقابل، بعث النظام السوري برسائل عدة، بشأن رغبته في أن يكون شريكاً للأميركيين، في محاربة "داعش"، كان آخرها القصف المكثّف لمعظم مواقع "داعش"، في مدينة الرقة، خلال اليومين الماضيين، عبر عشرات الغارات الجوية، التي أسفرت عن سقوط أكثر من 30 عنصراً للتنظيم، فضلاً عن العديد من المدنيين.

في غضون ذلك، ظهرت تسريبات سياسية وصحافية، تشير إلى أن "واشنطن طلبت من الائتلاف المعارض، أن يدعوها خلال اجتماعه الطارئ، لضرب داعش في سورية"، إلا أن ثمة شكوك في أن تتخذ الولايات المتحدة من "الجيش الحرّ"، في هذه المرحلة على الأقلّ، شريكاً استراتيجياً ضد داعش".
وتُفضّل واشنطن، التصرّف على انفراد، على "المستوى العملياتي"، من دون تنسيق علني مع أي طرف على الأرض، كي تتجنّب قطع التزام طويل الأمد مع المعارضة السورية، التي تريد، ألا تقتصر الضربات الأميركية المحتملة على "داعش"، بل أن تطال قوات النظام أيضاً، وأن يواكبها تسليح وتدريب لقوات المعارضة، لتتمكن من محاربة النظام و"داعش" على حد سواء.

ويبدو أن موضوع توسيع الحرب ضد "داعش" بات مسألة وقت، قد تتبلور خلال الفترة القريبة المقبلة، فيما يشبه التحالف الدولي، الذي يبدو أنه يسير بشكل متسارع. فبعد القرار الأخير، لمجلس الأمن الخاص بـ"داعش" و"جبهة النصرة"، وقرار الأوروبيين تسليح الأكراد؛ بدأت الولايات المتحدة بتوجيه ضربات جوية متواصلة، ضد التنظيم، أدت إلى فقدانه السيطرة على سد الموصل.
كما بدأ يفقد بيئته الحاضنة في العراق، مع إعلان المزيد من العشائر نيتها فك تحالفها معه، بل وإبداء استعدادها لقتاله بعد أن انحرف كما تقول، عن أهداف ثورتها ضد حكومة، رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي، من خلال اجتياحه لمناطق الأيزيديين في جبل سنجار، واشتباكه مع الأكراد في شمال العراق، وارتكابه أعمال قتل وتصفيات في تلك المناطق.

في الأثناء، يُستبعد قبول واشنطن بالنظام السوري شريكاً في الحرب، على "داعش" حتى اللحظة، إذا ما قيس الأمر بالتصريحات التي صدرت عن المسؤولين الأميركيين، التي ما زالت تعتبر النظام السوري "صانعاً للإرهاب".
إلا أنه من غير المستبعد أن يحصل نوع من التنسيق غير المعلن بين واشنطن ودمشق، بما يخص الضربات الجوية التي ينفذها النظام ضد "داعش" في سورية، والتي استنتجت كثير من التحليلات العسكرية أن أياديَ أميركية قد نسقت الضربات الأخيرة على الرقة، نظراً لدقة الأهداف وكثافة الضربات، وهو الأمر الذي أخرج النظام عن صمته وسارع إلى نفي أن تكون الطائرات التي قصفت مواقع في الرقة هي طائرات أميركية.

في المقابل، يبدو أن هناك تحديات كبيرة أمام المعارضة السورية، ليتم قبولها شريكاً في التحالف الدولي ضد "داعش"، الذي يعني دعمها عسكرياً ولوجستياً، وبالتالي تقويتها لمواجهة النظام، وبالرغم من سعي المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، لدعم ما يُسمّى قوى معتدلة من المعارضة المسلّحة كحركة "حزم" و"جبهة ثوار سورية"، والتي تبدو المرشح الأول للدخول في مثل هذا التحالف.
لكن هذه القوى لا تُشكّل قوة كبيرة تستطيع قيادة عمليات على الأرض ضد "داعش" بشكل منفرد، كما أن دخولها في تحالفات مع قوى مصنّفة على قائمة الإرهاب كـ"جبهة النصرة"، ولو على مستوى التنسيق يصعب من مهمتها في إقناع المجتمع الدولي باعتمادها. وقد حاولت هذه القوى الدخول في تحالفات مع قوى أخرى، كان آخرها الدخول ضمن تحالف "مجلس قيادة الثورة السورية"، من أجل الظهور كقوة مقنعة يمكن الاعتماد عليها وبالتالي دعمها.

وقال رئيس المجلس الوطني جورج صبرا، لـ"العربي الجديد"، إنه "من الطبيعي أن يكون احتمال تدخل الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم، ضمن الأراضي السورية كبيراً. لأن الخطر الذي يمثله على المنطقة وشعوبها، بدأ في سورية قبل أن يظهر في العراق بمدة طويلة. وطالما أن داعش واحد في الساحتين العراقية والسورية، فإن الخطر الذي يمثله على الأمن والاستقرار في المنطقة وعلى الأمن القومي الأميركي، كما صرحت الإدارة الأميركية مراراً؛ هو خطر واحد. وما هو متوجب وصائب هناك، يكون متوجباً وصائباً هنا أيضاً".
وأضاف صبرا، أن "هذا الشأن يضع السياسية الأميركية في المنطقة ومصداقيتها على صعيد مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان ودعم الديمقراطية على المحك. ليس فقط في دعم السوريين ومساعدتهم على مكافحة الإرهاب، وفي مقدمته إرهاب النظام والمليشيات الطائفية التي استقدمها من لبنان والعراق. فالإرهاب واحد مهما اختلفت ألوانه وأشكاله وتبعيته وشعاراته، فالنظام هو المولد الأكبر للإرهاب في سورية، منذ أن كان يمارسه وحيداً على الشعب السوري لعقود، وحتى زمن إنتاجه داعش واستيراده حزب الله خلال الثورة".

وأوضح أنه "إذا كانت واشنطن تريد فعلاً أن تقاوم الإرهاب فلا يمكن أن يتم ذلك عبر التنسيق مع النظام السوري الإرهابي، حتى ولو كان في الجهة المقابلة. فالمعارضة السورية تتولى وحدها محاربة داعش على أراضيها منذ أكثر من عشرة أشهر، ولم يُثر اهتمام النظام السوري إرهاب التنظيم واحتلال مساحات شاسعة من الأرض السورية واستيلائها على مصادر الثروة فيها، ولم تقم عصاباته بأي جهد في قتالها. وفي المقابل، كان مسرح اهتمام داعش، الأراضي المحررة وكانت تصب جام حقدها على الجيش السوري الحر وقوى الثورة المقاتلة".

وأضاف أن "الثورة السورية رفضت بكل مكوناتها التنظيم قبل وقت طويل من سقوط الموصل، فالشعب السوري هو أول من استشعر بخطر داعش وخرج بمظاهرة فائقة الشجاعة في مدينة الرقة منذ دخوله إليها. ورفضت معظم المؤسسات والهيئات الإسلامية ممارساته وأفتت بمحاربته، وكذلك الجهات التمثيلية في الثورة من مجلس وطني وائتلاف، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته في سورية كما في العراق".

وكشف أن "دومينو الفتنة التي أشعلها النظام ونفخ فيها حزب الله، جاء داعش ليكون ثالثة الأثافي، أحجار ثلاثة تُوضع عليها القدر فوق الموقد، لإنجاز إحراق المنطقة".

وأكد رئيس المجلس الوطني، أنه استناداً إلى التصنيف الأميركي لـ"حزب الله" كمنظمة إرهابية، التي يعرف الجميع دورها في الدفاع عن النظام لمنع انهياره، وتكرار التصريحات الأميركية عن عدم وجود دور للرئيس السوري، بشار الأسد، في مستقبل سورية، "يمكن لنا أن نعتقد أن الولايات المتحدة تعتبر النظام منتهياً. ومن الأولى بها أن تتقدم اليوم خطوة لتقديم مساعدة حقيقية للسوريين طال انتظارها منذ الأيام الأولى للثورة، وهي مساعدة الثوار على هزيمة التطرف والإرهاب لتمكين السوريين من إنجاز أهداف ثورتهم. فمنظمات التطرف والإرهاب على الأرض السورية، لم تكن خياراً للثورة وقواها، إنها خيارات النظام ومنتجاته لتشويه صورة الثورة وحرفها عن مسارها، لذلك فإن كل ضرب على عصب الإرهاب فيه دعم مباشر أو غير مباشر لطاقة الثورة العظيمة التي تحارب منذ زمن على جبهتين".

ذات صلة

الصورة
سمير عثمان الشيخ يؤدي اليمين أمام الأسد، (صورة متداولة عبر إكس)

سياسة

اعتقلت سلطات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة الأميركية، ضابط المخابرات السورية السابق، سمير عثمان الشيخ، في مدينة لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا.
الصورة
صندوق اقتراع بأحد مراكز التصويت بدمشق، 15 يوليو 2024 (رويترز)

سياسة

انعكست الظروف المعيشية المتردية والأوضاع الأمنية والسياسية التي تعيشها سورية، على انتخابات مجلس الشعب التابع للنظام السوري، التي جرت أمس الاثنين
الصورة
نازح يستعد للعودة إلى سورية من البقاع اللبنانية، 14 مايو 2024 (فرانس برس)

سياسة

كشفت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في بيان اليوم الثلاثاء أن شاباً سورياً توفي في أحد مشافي دمشق إثر تعرضه للتعذيب على يد أجهزة النظام السوري.
الصورة
لونا الشبل (تويتر)

سياسة

نعت رئاسة النظام السوري المستشارة لونا الشبل التي توفيت اليوم الجمعة بعد أيام من تعرضها لحادث سير نقلت على أثره إلى العناية المركزة
المساهمون